مرت خمسة أعوام على استعادة القوات العراقية قرية العوجة جنوب تكريت مسقط رأس الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، من قبضة تنظيم داعش، لكن ميليشيات متنفذة كانت ترفض عودة أهالي القرية على الرغم من صدور أوامر حكومية رسمية بعودتهم إلى مناطقهم، بحجة وجود عناصر من أهل القرية في داعش أو الانتماء لفصائل موالية لحزب البعث، منها جيش الطريقة النقشبندية الجناح المسلح لحزب البعث المحظور.
وكان تنظيم داعش قد سيطر في يونيو 2014 على مدينة تكريت مركز محافظة صلاح الدين شمال بغداد العاصمة وكل القرى والنواحي التابعة لها ومن بينها قرية العوجة وتمكنت القوات العراقية من استعادتها في مارس 2015.
ومنذ تاريخ تحريرها تفرض فصائل تابعة لميليشيا الحشد الشعبي سيطرتها على مدينة تكريت ومدينة العوجة خصوصا ومنها فصائل موالية لإيران منها عصائب أهل الحق وميليشيا جند الإمام التابعة لعضو البرلمان العراقي أحمد الأسدي.
نبش قبر صدام
وكان هناك حديث عن تفجير قبر الرئيس الراحل صدام حسين وأبنائه عدي وقصي من قبل ميليشيا الحشد الشعبي، أثناء تحرير مدينة تكريت إلا أن مقربون من عائلة صدام حسين أكدوا لـ"العربية.نت" أنه تم نقل جثمان الرئيس السابق قبل دخول الحشد إلى مكان مجهول تحسبا من نبش القبر أو إخراج الجثمان من مكانه.
وقال أهالي منطقة صدام حسين إن هذه الخمسة أعوام التي مضت من أعمارهم على تحرير قرية العوجة قد أخذت منهم الكثير حيث توفي بعضهم بعيداً عن مسقط رأسه وولد آخرون بعيدا عن القرية، والكثير من الأطفال لم يروا منطقتهم، وبلغ عدد العائلات النازحة منها بحسب إحصائيات رسمية نحو 1500 عائلة، لكنها لم تتمكن من العودة إليها بسبب وجود عناصر من الحشد الشعبي مع عائلاتهم في مساكن القرية.
الاعتقال بتهم جاهزة
وتحدث مصدر لـ"العربية.نت" رفض الكشف عن اسمه وهو من أهالي القرية قائلاً: "إننا نخاف من العودة إلى القرية لأننا سنعتقل بتهم جاهزة ناهيك أنه حتى مستشفى المنطقة والذي كان يسمى "مستشفى العوجة" تم تغييره إلى "مستشفى الإمام المهدي" في ظل سيطرة فصائل من الحشد على القرية وتغيير ديمغرافيتها".
هذا وأعلنت حكومة صلاح الدين المحلية أمس السبت، تشكيل لجان لتدقيق العائلات النازحة وتوفير الخدمات لها تمهيدا لإعادتهم لقرية العوجة.
من جانبه أكد محافظ صلاح الدين عمار الجبوري في مؤتمر صحفي في صلاح الدين تابعته "العربية.نت"، أنه تم عقد مؤتمر أمني موسع جمع كل القيادات الأمنية منها نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس في مدينة تكريت بهدف المضي قدما بعودة النازحين وملف الخدمات للمناطق المحررة.
دعوة لكل المدنيين
وأضاف: "تمت الموافقة على عودة النازحين من المناطق غير المشمولة سابقاً كمنطقة العوجة جنوب مدينة تكريت وتم الاتفاق على أن يكون عناصر الحشد الشعبي في أطراف المدينة وأن تخلى المدينة من مكاتب ومقرات الفصائل التابعة للحشد".
وأوضح أنه وبعد الاتفاق مع هيئة الحشد الشعبي واستلام الناحية منهم تم تشكيل لجان لغرض تهيئة المنطقة وتوفير الخدمات للمواطنين الراغبين بالعودة إلى منازلهم بشكل طوعي ودعوة لكل المدنيين من سكان قرية العوجة.
كما قال محافظ صلاح الدين تنفيذا للأمر الديواني لرئيس الوزراء عادل عبدالمهدي وعلى أساس هذا التوجه تمت المباشرة باستلام قاطع قرية العوجة وتشكيل لجان لعمل استمارات أمنية للعائدين فقط، وأما الأشخاص الذين لم يرغبوا بالعودة وهم خارج البلد فلا تعطى لهم استمارات أمنية.
حماية العوجة
من جهته أشار قائد شرطة محافظة صلاح الدين اللواء قنديل الجبوري إلى افتتاح مراكز للشرطة ونشر أفواج من الطوارئ لحماية قرية العوجة مسقط رأس الرئيس العراقي السابق صدام حسين.
وأضاف الجبوري أنه تم الاتفاق مع قيادة العمليات وحكومة المحافظة على فتح مراكز للشرطة في قرية العوجة والاستعانة بأفواج الطوارئ بغية تأمينها وحماية سكانها عند عودتهم.
من جانبه أكد حسين الناصري وهو مواطن من منطقة العوجة في صلاح الدين نازح في مدينة أربيل لـ"العربية.نت": إننا كنازحين نتساءل عن سبب عدم إعادتنا في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي نعانيها ناهيك عن وجود قرارات حجز على أموالنا المنقولة وغير المنقولة منذ 16 عاماً.
وقال الناصري "نطالب الجهات الأمنية والحكومة المحلية بإعادتنا وتعويضنا عن كل الأضرار التي أصابتنا جراء التهجير القسري على يد تنظيم داعش".
الجدير بالذكر أن أغلب العائلات النازحة من قرية العوجة تعيش ظروفاً اقتصادية صعبة نتيجة لعقاب جماعي اتخذ ضدهم منذ العام 2003 وإلى اليوم منها اجتثاثهم من وظائفهم وحجز أموالهم وعقاراتهم واعتبارهم من المقربين للنظام السابق.