وقّعت ألمانيا رسمياً على معاهدة فرساي في يوم 28 حزيران/يونيو 1919، لتقبل على إثر ذلك بشروط الحلفاء المنتصرين بالحرب العالمية الأولى. وبناءً على ما جاء بمعاهدة فرساي، تخلّى الألمان عن أجزاء هامة من أراضيهم لصالح كل من فرنسا وبلجيكا وبولندا وتشيكوسلوفاكيا وجرّدوا من مستعمراتهم بكل من الصين والمحيط الهادئ وإفريقيا، كما حدّت هذه الاتفاقية المبرمة بقصر فرساي من القدرات العسكرية الألمانية وأجبرتها على دفع مبلغ مالي هائل بلغت قيمته 132 مليار مارك كتعويضات عقب تحميل الألمان المسؤولية عن اندلاع الحرب العالمية الأولى.
ومنذ بداية النزاع العالمي، هبّت الرياح بما لا تشتهي السفن بالنسبة للألمان. فمن خلال خطّة محكمة عرفت بخطة شليفن، ظهرت مطلع القرن العشرين، آمنت ألمانيا بإمكانية حسم نزاع عالمي مستقبلي على جبهتين بشكل سريع عن طريق إلحاق الهزيمة بالفرنسيين على الجبهة الغربية خلال مدة لا تتجاوز 6 أسابيع، قبل نقل جميع القوات من الغرب نحو الشرق على جناح السرعة اعتمادا على خطوط السكك الحديدية لمواجهة الروس.
برنامج سبتمبر
ومع إيمانها بنظرية تحقيق نصر سهل وسريع بالحرب العالمية الأولى، شبيه بذلك الذي حصل قبل 44 عاما بالحرب البروسية الفرنسية، اتجهت ألمانيا لرسم ملامح أوروبا الجديدة من خلال وضع عدد من النقاط لمناقشتها وفرضها خلال مؤتمر السلام الذي سينهي الحرب.
في الأثناء، تكفّل الدبلوماسي الألماني كورت ريزلر (Kurt Riezler) بتحديد أهداف ألمانيا ضمن ما عرف ببرنامج سبتمبر، والذي انتهى من صياغته يوم 9 أيلول/سبتمبر 1914، ليعرضه على المستشار تيوبالت فون بتمان هولفيغ (Theobald von Bethmann-Hollweg). ومن خلال ذلك، سعى الأخير لوضع جملة من الشروط لخلق عالم جديد على قياس ألمانيا وتوفير مجال حيوي إضافي لها.
وقد جاء برنامج سبتمبر ليلبي في الغالب كافة رغبات المسؤولين السياسيين والأخصائيين الاقتصاديين والصناعيين الألمان، ويتضمن بذلك جملة من القرارات القاسية ضد كل من فرنسا وروسيا.
عقاب فرنسا
وعلى حسب ما نص عليه برنامج سبتمبر، ستتخلى فرنسا عن منطقة بريي (Briey) الغنية بمناجم الحديد، والشريط الساحلي الممتد بين دانكيرك وبولوني سور مير لألمانيا، كما ستجبر أيضا على تقديم تعويضات مالية تتجاوز قيمتها 10 مليارات مارك، ودفع رواتب الجنود الألمان وسداد جميع الديون الألمانية.
ومن خلال قرار مماثل سعى المسؤولون الألمان لتكبيل الاقتصاد الفرنسي وإخضاعه للهيمنة الألمانية، وإنهاء العلاقات التجارية الفرنسية البريطانية، أيضا، سعى الألمان لفرض بند آخر يهدف للحد من التسلح الفرنسي وخفض تعداد جنودها بالشمال لضمان، تفوقهم العسكري خلال نزاع مستقبلي.
إضافة لذلك، سعت ألمانيا من خلال برنامج سبتمبر لضم لكسمبورغ، وخلق دولة حليفة لها بهولندا وبلجيكا، والسيطرة على أنتويرب (Antwerp) بهدف استغلالها كقاعدة بحرية.
كما اتجهت ألمانيا أيضا للمطالبة بتخلي كل من فرنسا وبلجيكا عن مستعمراتهما بالقارة الإفريقية لصالحها، في سعي منها لإنشاء إمبراطورية استعمارية بإفريقيا، شبيهة بالإمبراطورية البريطانية.
حجاب واقٍ
وعلى الجبهة الشرقية، وافقت ألمانيا على خلق دولة بولندا لاعتمادها كدولة حاجز بينها وبين روسيا، لتجنب حرب مستقبلية بين الطرفين.
ومن خلال هذا البند، اتجه الألمان لمنح البولنديين الأراضي الروسية التي سيسيطر عليها الجيش الألماني لتكوين دولتهم.
وقد جاءت الأشهر الأولى من الحرب مخيبة لآمال ألمانيا حيث نجح الفرنسيون في صدّ الهجوم الألماني لتستقر المعارك على إثر ذلك بالخنادق، وتستمر الحرب العالمية الأولى لأكثر من 4 سنوات انتهت بهزيمة ألمانيا وتوقيع معاهدة فرساي، وبالتالي، عرفت خطة شليفن فشلا ذريعاً سقط معه برنامج سبتمبر في الماء.