نبض لبنان

عامان على تحرير الموصل.. ماذا يقول من فقد يدا أو ساقا؟

عامان مرا على تحرير مدينة الموصل العراقية من سيطرة تنظيم داعش التي حكمها بالنار، مستخدما أبشع أنواع القتل والترهيب.

٣ سنوات سوداء عاشت خلالها الموصل جحيما ونهر دماء ودمار، لتخرج منها صبيحة يوم العاشر من يوليو ٢٠١٧ ركاما. فقد سوي حوالي 20 ألف منزل ومئات الأبنية والبنى التحتية من جسور وطرق بالأرض، ناهيك عن آلاف القتلى والجرحى ومئات المبتورين الذين فقدوا اطرافهم، وقلبت حياتهم رأسا على عقب.

ولم يبق في المدينة المنكوبة سوى الدمار، و كلفة إعمار قدرها بعض الخبراء الدوليين بنحو 100 مليار دولار كحد أدنى على الرغم من أن وزارة الإعمار والإسكان العراقية قدّرت كلفة الإعمار بما بين 30-40 مليار دولار.

ولعل أفظع ما خلفته تلك السنوات السوداء إلى جانب الدمار والقتلى، أؤلئك "المبتورين" الذين تركت الخرب آثارها على أجسادهم ندوب حفرت على اجسامهم، وألم لن يفارقهم إلا بموتهم.

"فقد ولدين وبنت بقذيفة غادرة"

عادل عبد الغني يحيى، أحد أؤلئك الذين حملوا ندوب الخراب هذه، فبعد أن فقد قسما من عائلته، بترت ساقه وساق ابنته ندى ابنة ال ١١ ربيعا.

وعن تجربته المريرة هذه قال للعربية نت :"يوم 2017/4/4 خلال عملية تحرير الموصل، سقطت فوق منزلنا في منطقة الزنجيلي قذيفة مدفع مجهولة المصدر، خاطفة أنفاس ولدي وابنتي الثانية، وفقدت في تلك الحادثة المروعة ساقي وساق ابنتي".

وتابع: "مات اثنان من أبنائي وبترت ساقي وساق ابنتي الصغيرة لكن أحدا لم يتلفت إلينا، لا الحكومة المحلية ولا المركزية، ولم يقدموا لنا أي معونة تساعدنا على إكمال علاجنا".

من جهتها، روت ندى الصغيرة لـ"العربية.نت" تلك اللحظات المريرة، قائلة: "كنا في البيت أنا وأمي وأختي وأخي لحظة سقوط القذيفة على منزلنا، عندها لم أشعر بساقي واخترقت وجهي عدة شظايا، اثرت على شكلي ومات أخويي اللذين كنت ألعب معهما".

لاعب كرة قدم يفقد حلمه

أما ريان الذي كان يحلم كالكثير من الشباب في سنه بأن يصبح لاعب كرة قدم محترف، فقد مزقت الحرب أحلامه بعد أن فقد ساقه.

وفِي حديثه للعربية.نت، يسترجع ريان تلك اللحظة المريرة قائلا: "كنت ذاهبا للعب الكرة، راكبا دراجتي الهوائية، إلا أن قذيفة هاون داعشية سقطت بقربي، وقطعت ساقي في لحظتها".

وتابع بنبرة حزينة: لم أعد ألعب الكرة الآن بل أضحيت متفرجا فقط وأضاف "محمد صلاح كان مثلي الأعلى".

ابنة الـ ٣ سنوات

كريان وعادل وندى، تعج الموصل بالمئات ممن فقدوا أطرافهم، فالحرب لم ترحم كبيرا أو صغيرا.

نبأ محمد، ابنة الثلاث أعوام كانت من الناجين من معركة جنوب الموصل، الا انها خسرتأخويها وابنة خالتها. كما قطعت ساقها، بعد ان سقطت قذيفة هاون بقربهم.

الحياة لا تتوقف

أما الطبيب دحام الخفاجي فقد خسر ساقه خلال اشتباكات وقعت مع عناصر داعش بعد تحرير احياء من الموصل، اثناء ذهابه لزيارة اهله في حي اليرموك، فأصيب بطلقات نارية، ليفاجأ لاحقا ببتر ساقه.

إلا أن الطبيب المتمسك بالأمل أكد لـ"العربية.نت" أن الحياة لا تتوقف، مشددا على أنه سيواجه اليأس بالعزيمة والتحدي، قائلا "سأعمل كطبيب على زرع الأمل في نفوس الناس".

لا رعاية حقيقية

من جانبه، أوضح صالح مهدي، مسؤول في إحدى المنظمات المعنية بالمبتورين، أن عدد المبتورين في الموصل يتراوح بين 4000 و5000 حالة، مؤكداً أن هذا العدد الكبير يتطلب رعاية طبية خاصة غير متوفرة في الموصل، ما يدفع الجمعيات المعنية الى الاستعانة بمستشفيات إقليم كردستان العراق، لا سيما في ما يتعلق بالحالات الصعبة والمستعصية.