نبض لبنان

المركزي التركي تحت قبضة سياسات أردوغان الاقتصادية

بعد ساعات من الإطاحة المفاجئة بمحافظ البنك المركزي التركي، أوضح الرئيس رجب طيب أردوغان أنه يتوقع التزام كل من المحافظ الجديد وباقي العاملين بالمؤسسة باتباع خط الحكومة بشأن السياسة النقدية، بحسب ما نشرته "بلومبيرغ".

لقد تم الإعلان عن قرار إقالة مراد جتينقايا، الذي كان من المقرر أن يستمر في منصبه حتى عام 2020، في الساعات الأولى من صباح يوم السبت، بعد توقف مؤقت في حركة أسعار الفائدة، استمر لأكثر من 9 أشهر. وتم تعيين نائب المحافظ مراد أويسال خلفاً له. ولم يستحسن المستثمرون القرار مما أدى إلى انخفاض الليرة بأكثر من 3% في التعاملات الآسيوية المبكرة، قبل تقليص الخسائر.

خفض أسعار الفائدة

وخلال اجتماع مغلق بعد صدور المرسوم، أكد أردوغان لبرلمانيين أعضاء بحزب العدالة والتنمية الحاكم، أن هناك حاجة إلى أن يقف السياسيون والبيروقراطيون، على حد سواء، خلف قناعتهم بأن ارتفاع أسعار الفائدة يسبب التضخم. وبحسب مسؤول تحدث لـموقع "بلومبيرغ"، فإن أردوغان هدد بعواقب لأي شخص يتحدى السياسات الاقتصادية للحكومة.

"أردوغان مسؤول السياسات النقدية"

وقال بيوتر ماتيس، محلل استراتيجي في "رابوبنك" بلندن: "إنه بقرار طرد جتينقايا المفاجئ، فإن أردوغان يُذكر الجميع بمن هو الشخص المسؤول عن السياسة النقدية".

أردوغان، الذي وصف نفسه ذات يوم بأنه "عدو لأسعار الفائدة"، ربما يمثل عنصر ضرر للمحافظ الجديد، أويسال. وستكون آفاق التيسير النقدي معقدة إذا كان الخطاب المتصاعد يثير قلق المستثمرين بشأن استقلال البنك المركزي، ويعرقل مسيرة الليرة.

سبب إقالة المحافظ

ويعود سبب إقالة جتينقايا بعد أن أشيع برفضه طلباً غير رسمي بتقديم استقالته، الأمر الذي فاقم التوتر بين المحافظ السابق والحكومة بعد اجتماع للسلطة النقدية في 12 يونيو، عندما أبقى على تكاليف الاقتراض دون تغيير، وفقاً لما صرحت مصادر مُطلعة طلبت عدم الكشف عن هويتها، لأنه غير مصرح لهم بالتحدث علناً عن هذا الأمر.

ولم يقم المتحدث باسم وزارة الخزانة والمالية بالرد على المكالمات، كما لم يقم العاملون بالمكتب الإعلامي للرئيس بالرد على الرسائل النصية والمكالمات الهاتفية، التي سعت "بلومبيرغ" من خلالها إلى الحصول على تعليق.

فوائد القروض

وعمد أردوغان لكبح البنك المركزي بشكل متكرر من أجل خفض تكاليف الاقتراض المرتفعة. وخلال الشهر الماضي، اشتكى من أنه في الوقت الذي يقترب فيه الاحتياطي الفيدرالي الأميركي من خفض أسعار الفائدة، فإن "سياسة تسعير معدل الفائدة في (تركيا) هو 24%، وهذا غير مقبول".

تآكل شعبية أردوغان

من المقرر اتخاذ القرار القادم لتحديد أسعار الفائدة في 25 يوليو. ويعاني أردوغان من أن موقفه السياسي على المحك، بعدما كان الأكثر هيمنة في البلاد منذ نصف قرن، حيث تعرض حزبه لانتكاسات انتخابية غير مسبوقة. وأدى الركود الاقتصادي إلى تآكل التأييد لأردوغان بين الناخبين الأكثر فقراً، فيما ترك البنك المركزي الأمور معلقة منذ شهور، حيث اعتمدت السلطات الحكومية بدلاً من ذلك على التحفيز المالي، للتخلص من أول ركود في تركيا منذ 10 سنوات.

عبرة ومثال

وقال أوغستين كارستينز، المدير العام لبنك التسويات الدولية، في تصريح أواخر يونيو، إن تركيا هي نموذج يعطي مثالاً على ما يحدث عندما يتدخل السياسيون في السياسة النقدية.

وقال إن البنوك المركزية بحاجة إلى "المثابرة" في متابعة أهدافها، وألا تتأثر بالأهداف السياسية قصيرة الأجل لصناع القرار في الحكومة.

صلاحيات الرئيس الجديدة

ولكن أردوغان يستخدم الصلاحيات والسلطات الممنوحة له بموجب الاستفتاء في العام الماضي، والذي حول النظام السياسي إلى رئاسي تنفيذي.

وتضمنت الدفعة الأولى من المراسيم الرئاسية، الصادرة بموجب القواعد الجديدة في يوليو الماضي، تغييراً سمح لأردوغان بتعيين محافظي البنك المركزي، وهو التعيين الذي كان يتطلب في السابق موافقة مجلس الوزراء.

ووفقاً لبيان ورد على موقع البنك المركزي، قال أويسال، الذي شغل منصب نائب المحافظ منذ يونيو 2016، إنه سيواصل تطبيق السياسة النقدية بشكل مستقل، بما يتماشى مع ولايته وسلطته وأنه سوف يعقد مؤتمراً صحافياً في الأيام المقبلة.

أما جتينقايا، المحافظ الذي عين في أبريل 2016، تعرض للنقد لأنه تصرف ببطء شديد في إحكام السياسة النقدية، عندما تعرضت العملة التركية للانهيار في أغسطس. ثم أبدى عزمه في مواجهة اضطرابات السوق، حيث زاد سعر الفائدة القياسي بمقدار 625 نقطة أساس في شهر سبتمبر وتمسك به منذ ذلك الحين.

انتقادات لقرار الإقالة

وقوبل قرار الإطاحة بجتينقايا بانتقادات من جانب مسئولي البنك المركزي السابقين، الذين أكدو أن التشريعات التي تكفل وتضمن استقلالية المسؤول عن السياسات النقدية تجعل من المستحيل على السلطة التنفيذية عزل المحافظ، ما لم يقم بممارسة أو شارك في أنشطة محظورة، مثل الاحتفاظ بأسهم لدى بنك تجاري.