بموجب قانون قيصر الأميركي الذي صدر في منتصف حزيران/يونيو الماضي، أدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية المعروف بـ"أوفاك" التابع لوزارة الخزانة الأميركية، الأربعاء، أفرادا و9 كيانات على لوائح العقوبات بسبب إثرائها النظام السوري من خلال بناء عقارات فخمة، وذلك ضمن ثاني إجراء إدراج على لوائح العقوبات تتخذه الوزارة بموجب القانون.
وكان سبق لـ"أوفاك" أن أدرج 9 أهداف بموجب قيصر، اشتملت تلك الأهداف على أفراد وكيانات تقدم الدعم النشط لجهود إعادة البناء التي يقوم بها النظام في سوريا، ومن معه من رجال أعمال مؤيدين له.
يبددون الملايين في هجمات النظام
وجاء في بيان الوزارة أن مستثمرين معروفين في سوريا يدعمون مخططات النظام ومجازره في البلاد، كما أنهم متواطئون مع الأسد في تدمير الاقتصاد السوري، فهم يبددون عشرات الملايين من الدولارات كل شهر لشن هجمات على المدنيين.
كما من شأن هذه الإجراءات أن تعزز الإجراءات التقييدية التي اتخذها الاتحاد الأوروبي ضد النظام السوري، وتعزز أيضاً التزام الحكومة الأميركية بمعاقبة من يوجهون الأرباح لنظام الأسد.
وزير الخزانة: مشاريع تهجير
بدوره، صرح وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوشن، أن العلاقة بين رجال الأعمال والأسد تزيد من إمكانية إجرام النظام، فمنهم من يقوم باستثمارات في مشاريع عقارات فخمة بفضل التهجير القسري للمدنيين الأبرياء.
وأضاف أن بلاده ما زالت ملتزمة بتوفير المساعدات الإنسانية للشعب السوري فيما يسعى نظام الأسد إلى الاستفادة من معاناته.
4 أهداف جديدة
وتشمل الأهداف العشرة التي تقوم وزارة الخزانة بإدراجها اليوم، 4 أهداف بموجب قانون قيصر وتحمل الأمر التنفيذي رقم 13582 بسبب دعمها الكبير لحكومة النظام، فيما يتم إدراج الأهداف الستة المتبقية بموجب الأمر التنفيذي رقم 13582 فحسب.
وقد أدرجت وزارة الخارجية بالتزامن مع وزارة الخزانة، 4 أشخاص بموجب المادة الثانية من الأمر التنفيذي رقم 13894، إذ ركزت على من يعيقون أو يعرقلون أو يمنعون وقف إطلاق النار في النزاع السوري.
تعزيز مساءلة نظام الأسد وداعميه
إلا أن الإجراءات التي اتخذتها وزارتا الخزانة والخارجية، الأربعاء، تبنى على جهود الحكومة الأميركية الرامية إلى تعزيز مساءلة نظام الأسد وداعميه، وهي تشكل جزءا من حملة الولايات المتحدة المتواصلة للضغط على النظام ووضع حد للصراع في سوريا وفقا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، بما في ذلك من خلال وقف لإطلاق النار في مختلف أنحاء البلاد.
عقوبات لا تعرقل المساعدات
في السياق أكد البيان على التزام الولايات المتحدة بمساعدة الشعب السوري، وأنها ستواصل توفير المساعدات الإنسانية من خلال الشركاء الدوليين حتى في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام.
كما شددت على أن العقوبات التي يفرضها قانون قيصر لا تعرقل أنشطة إرساء الاستقرار التي نقوم بها في شمال شرق سوريا، مشيرة إلى أن أميركا ساهمت بأكثر من 11.3 مليار دولار لمساعدة سوريا.
رجل أعمال سوري تحت الضوء
وكشف بيان الوزارة أن رجل الأعمال السوري وسيم أنور القطان، لديه عقود عدة مع حكومة النظام، متعلقة بتطوير مركز تجاري وممتلكات فنادق في دمشق مملوكة من الدولة.
وتشير التقارير إلى ارتباط القطان بشخصيات قوية من النظام، فقد أوكلت إليه حكومة الأسد مؤخرا كافة المشاريع العقارية الكبيرة تقريبا خارج مدينة ماروتا في دمشق.
وظهر اسم قطان للمرة الأولى في مجتمع الأعمال الدمشقي في يوليو/تموز 2017 عندما فازت شركة مروج الشام للاستثمار والسياحة التابعة له بمزاد لإعادة الاستثمار في مجمع قاسيون التجاري.
كما أفادت المعلومات بقيام الوزارة في سوريا بانتزاع العقد من المستثمر السابق في المشروع بعد أن قدم القطان لها رسماً سنوياً أعلى بلغ 1,2 مليار ليرة سورية (2,7 مليون دولار).
بالإضافة إلى ذلك، وقعت شركة مروج الشام للاستثمار والسياحة عقدا مع وزارة السياحة السورية في حزيران/يونيو 2018 للاستثمار في فندق الجلاء في دمشق، ودفعت لحكومة الأسد 2,25 مليار ليرة سورية ما يقارب 5 ملايين دولار كل عام لـ25 عاما.
ويمتلك القطان أيضا 50% من شركة آدم للتجارة والاستثمار والتي حصلت على عقد من السلطات في آب/أغسطس 2018 لتطوير وإدارة مجمع ماسة بلازا في دمشق.
وفي كانون الثاني/يناير 2019، حصلت شركة "إنترسكشن" المحدودة التابعة للقطان على عقد لـ48 عاما للاستثمار في مجمع يلبغا التابع لوزارة الأوقاف السورية والكائن في وسط دمشق، وذلك لتحويله إلى مجمع تجاري سياحي.
كما تم إدراج مجمع قاسيون، وفندق الجلاء، ومجمع ماسة بلازا، ومجمع يلبغا بموجب القرار التنفيذي رقم 13582 لأنها مملوكة من حكومة أو أن الأخيرة تسيطر عليها أو لأنها عملت لصالحها أو بالنيابة عنها، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.
"عقوبات حماة ومعرة النعمان"
من جهتها، أصدرت وزارة الخارجية الأميركية بياناً حول العقوبات، وأوضحت أنها أطلقت بالتعاون مع وزارة الخزانة، الأربعاء، عقوبات جديدة تحت اسم "عقوبات حماة ومعرة النعمان".
وأشارت إلى أن هدف العقوبات هو تخليد ذكرى اثنين من أبشع فظائع نظام الأسد، وكلاهما حدثا في هذا الأسبوع من عامي 2011 و2019.
في التفاصيل، شرح البيان أنه وقبل 9 سنوات، قامت قوات النظام السوري بحصار وحشي لمدينة حماة، ما أسفر عن مقتل العشرات من المتظاهرين السلميين، مؤكدة أن نظام بشار بات رمزا للوحشية والقمع والفساد.
وقبل عام واحد من اليوم، قصفت قوات الأسد وحلفاؤها سوقاً مزدحماً في معرة النعمان، ما أسفر عن قتل 42 من المدنيين.
لقد بات جيش نظام الأسد رمزا للوحشية والقمع والفساد. لقد قتلوا مئات الآلاف من المدنيين، واحتجزوا وعذبوا المتظاهرين السلميين، ودمّروا المدارس والمستشفيات والأسواق دون أدنى احترام للحياة البشرية.
المعاقبون
كما كشفت الوزارة عن أسماء المعاقبين، وهم: زهير توفيق الأسد، والفرقة الأولى في قوات النظام، بالإضافة إلى نجل زهير توفيق الأسد البالغ، كرم الأسد.
وأدرج أيضاً نجل بشار الأسد البالغ، حافظ الأسد.
وأكدت الوزارة أن الحل السياسي بموجب قرار مجلس الأمن 2254 هو المسار الوحيد الموثوق به للسلام في البلاد، مشددة على أن قانون قيصر والعقوبات الأميركية الأخرى على سوريا لا تهدف إلى إلحاق الأذى بالمواطنين السوريين، فهي لا تستهدف المساعدات الإنسانية عموما ولا إعاقة أنشطة تحقيق الاستقرار في شمال شرق سوريا.
إلى ذلك ختم البيان بخيارين بسيطين للأسد ونظامه وداعميه، حيث أكدت الوزارة أنه لا بد من أن يكون هناك مساءلة وعدالة لضحايا حماة ومعرة النعمان وجرائم الحرب الأخرى والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها نظام الأسد، فإما أن يتّخذ خطوات لا رجعة فيها نحو حل سياسي دائم لإنهاء الصراع السوري الذي دعا إليه قرار مجلس الأمن 2254 أو يواجه شرائح جديدة من العقوبات التي ستشله.