لا تزال تظاهرات مناهضة للنظام السوري تخرج بين الحين والآخر في محافظة درعا السورية جنوب البلاد، رداً على نكث "الوعود" التي تهرّب الطرف الروسي الضامن من تنفيذها بعد عقد مصالحات عدّة بين فصائل معارضة وقوات الأسد منتصف العام 2018.
وقال الصحافي السوري سعيد سيف الّذي يتابع الوضع عن كثب في درعا إن "بعض السكان يتظاهرون أحياناً في المدينة وكبرى بلداتها لعدم تطبيق الروس لبنود اتفاقهم مع فصائل المعارضة بعد تلك المصالحات".
وأضاف سيف في مكالمةٍ هاتفية مع "العربية.نت" أن "القبضة الأمنية للنظام وعمليات الاغتيال التي تشهدها المدينة إلى جانب حملة الاعتقالات التعسفية تعدُ أيضاً من أبرز أسباب هذه التظاهرات".
كما شدد على أن "تضييق الخناق على السكان من خلال إعادة انتشار حواجزٍ أمنية كثيفة داخل أحياء درعا وبلداتها، ساهم في نمو حالة من الغضب الشعبي، ما أدى لاندلاع احتجاجات".
وعود روسية
وبحسب الوعود التي قدمها الطرف الروسي لفصائل المعارضة التي وافقت على عقد "المصالحة" مع نظام الأسد، كان من المقرر عدم زج شبّان المدينة في صفوف جيش الأسد. لكن هذا الأمر لم يحصل في ظل استمرار حملة الاعتقالات التعسفية التي تشنها السلطات الحكومية في درعا وريفها، لضم أكبر عددٍ ممكن من شبانها إلى صفوفها، وفق ما أفادت مصادر متطابقة للعربية.نت من درعا.
وتشهد المدينة وأريافها تظاهراتٍ متقطعة وإن خجولة لنظام الأسد بين الحين والآخر، لكن حدة هذه التظاهرات زادت منذ إعادة نصب تمثال حافظ الأسد وسط مركز محافظة درعا في شهر آذار/مارس الماضي.
صراع أجنحة
كما أن المدينة تشهد حرباً غير معلنة بين فصائل مسلحة موالية للنظام، بعضها مدعوم من طهران وبعضها الآخر يتلقى دعماً من موسكو، من خلال عمليات الاغتيال التي تتكرر بشكلٍ مستمر وتستهدف على الدوام شخصياتٍ عسكرية من النظام والمعارضة في آنٍ واحد.
ويبدو الصراع واضحاً على هذه الجبهات بين المخابرات العسكرية المدعومة من روسيا من جهة، والمخابرات الجوية المدعومة من إيران من جهة أخرى.
وكشف سيف في هذا الصدد أن "ضابطين من الحشد الشعبي الّذي يقاتل إلى جانب النظام في درعا، تعرّضا لمحاولة اغتيال أثناء عودتهم من مدينة القنيطرة قبل أيام وهما هادي الربيعي وصابر صادق".
وأضاف "هناك خلاف كبير بين حزب الله وبعض عناصر الميلشيات الشيعية العراقية التي تساند النظام ومنها الحشد الشعبي"، مشيراً إلى أن "الحزب يرغب ببسط نفوذه على كامل تلك المنطقة كطرفٍ وحيد مع النظام، الأمر الّذي يرفضه عناصر الحشد ومجموعات أخرى عراقية".
كما أوضح أن "الحشد الشعبي هو جزء من مؤسسة معترف بها (الجيش العراقي) ويتعاون مع الأمريكيين من خلال قواعد عسكرية مشتركة بين الطرفين في العراق، بينما يصف حزب الله هذا التعاون بـ (العمالة لأمريكا)، لذا يمارس عمليات الاغتيال ضد عناصره من خلال زرع عبوات ناسفة تستهدف أماكن تواجد قادته بدرعا، كي يزيد من مناطق نفوذه".
والأسبوع الماضي علّق النظام السوري لوائحٍ لمطلوبين على جدران بعض مساجد المدينة ومنها جامع "العمري" الأثري وسط درعا. وضمت اللوائح أسماء قادة فصائل المعارضة السورية المسلحة الّذين تصالحوا معه منذ نحو عام. كما شملت أيضاً أسماء بعض شبان المدينة الّذين لقوا حتفهم في وقتٍ سابق.
وتعد درعا من أولى المدن التي عقدت فيها المعارضة المسلحة اتفاقياتٍ للمصالحة مع النظام برعاية روسية بعد سلسلة اتفاقاتٍ مشابهة في ريف دمشق. ويتواجد فيها عناصر من ميلشيا حزب الله بأعدادٍ كبيرة وتصل نقاط تمركزهم إلى الحدود الإدارية لمحافظة السويداء القريبة منها.