نبض لبنان

هل يستخدم ترمب تفويض ضرب القاعدة لتدمير منشآت إيران النووية؟

أثر تسليط بعض المسؤولين في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الضوء على الروابط القائمة بين تنظيم القاعدة وإيران، تساؤلات عمّا إذا كان البيت الأبيض يسعى إلى استخدام "تصريح الحرب" الذي أُقرّ عام 2001 غطاءً قانونياً لتبرير القيام بعمل عسكري ضد إيران.

ويعزز تلك الفرضية قيام وزير الخارجية مايك بومبيو وعدد من المسؤولين في وزارته، بإبلاغ أعضاء الكونغرس بأن الروابط القائمة بين إيران والتنظيم الإرهابي، تعود إلى ما بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول عام 2001.

كما تحدثت مصادر سياسية وأمنية واستخبارية أميركية، فضلاً عن كثير من التقارير الصادرة عن مراكز أبحاث أميركية عن هذه الروابط.

وعلى الجانب الآخر تساءل عدد من المشرعين في مجلسي الشيوخ والنواب عمّا إذا كان هذا الرابط الذي تسعى إليه إدارة ترمب يهدف إلى تبرير استخدام القوة ضد إيران، بالاستناد إلى تفويض عام 2001، وبالتالي محاولة تجاوز الكونغرس.

وفي تقرير لصحيفة "الشرق الأوسط"، استعرض سعي إدارة ترمب للتمهيد لاستخدام هذا التفويض، حيث عرض فيها الوزير بومبيو للمرة الأولى خلال جلسة استماع أمام الكونغرس الشهر الماضي المعلومات عن الصلات القائمة بين "القاعدة" وإيران، تجاهل بومبيو السؤال عما إذا كانت الإدارة تسعى إلى استخدام تفويض عام 2001.

لكنه وفي حديث إذاعي مساء الأربعاء الماضي، أوضح بشكل حاسم أن إدارة الرئيس ترمب لم تتخذ بعد أي قرار بشأن كيفية الرد على التهديدات والهجمات التي نفذت في منطقة الخليج. وقال: "أهدافنا واضحة وما الذي نريده من إيران. نريد منها تغيير سلوكها، ومستعدون للحوار معها على هذا الأساس، لكن في الوقت ذاته نحن على أتم الاستعداد لحماية مصالحنا، ونعمل على بناء تحالف يطالب إيران، أكبر داعم للإرهاب في العالم، بتغيير سلوكها".

إحاطة سرية

ويوم الاثنين، قدم مسؤولان في البنتاغون هما مايكل مولروي، نائب مساعد وزير الدفاع لمنطقة الشرق الأوسط، وممثل لوكالة الاستخبارات الدفاعية، إحاطة سرية أمام مجلس النواب حول علاقة إيران بتنظيم "القاعدة"، بحسب تسريبات للصحافة الأميركية.

وانضم يوم الثلاثاء الماضي اثنان من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين، هما راند بول عن ولاية كنتاكي، ومايك لي عن ولاية يوتاه، إلى السيناتور الديمقراطي تيم كين عن ولاية فيرجينيا و3 من أعضاء مجلس الشيوخ الآخرين، لإرسال خطاب إلى الرئيس ترمب قائلين فيه: "لم يصرح الكونغرس بالحرب مع إيران، ولا تسمح أي سلطة قانونية حالية للولايات المتحدة بشن أعمال عدائية ضد حكومة إيران".

وفي جلسة استماع سابقة في أبريل/نيسان الماضي، قام السيناتور راند بول بالضغط على بومبيو، لحثه على القول إن الإدارة لن تستخدم تفويض عام 2001، لكن بومبيو قال إنه يفضل ترك الأمر لمحامي الوزارة، مؤكداً على الروابط التي تجمع بين "القاعدة" وإيران.

وفيما رفض السيناتور تيم كين، وهو عضو في لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، مناقشة تفاصيل الإحاطات السرية، أشار إلى أن مسؤولي الإدارة تحدثوا بإسهاب عن توفير إيران ملاذاً آمناً لـ"القاعدة". وفي جلسة استماع أمام مجلس النواب يوم الأربعاء الماضي، أجاب الممثل الخاص لوزارة الخارجية بشأن إيران برايان هوك، عن تساؤلات النواب عما إذا كانت الإدارة تستعد لإبلاغ الكونغرس بأنها ستستخدم تفويض عام 2001، بأنه يجب على الكونغرس أن يطلب من المستشار القانوني للوزارة إبداء الرأي. وقال برايان: "سنفعل كل ما هو مطلوب منا القيام به فيما يتعلق بسلطات الحرب في الكونغرس وسوف نلتزم بالقانون".

مصلحة مؤقتة

ويجادل كثير من المسؤولين الأميركيين السابقين والحاليين بأن العلاقة بين إيران وتنظيم "القاعدة" علاقة مصلحة مؤقتة وليست تحالفاً حقيقياً، بالنظر إلى الاختلاف العقائدي بين الطرفين، والحروب التي خاضتها ميليشياتهم في كثير من الأماكن، آخرها في سوريا. وبحسب هؤلاء، فإنه لا يوجد دليل علني على أن طهران سمحت لنشطاء "القاعدة" بالتخطيط لشن هجمات على الولايات المتحدة من إيران أو تقديم ملاذ آمن لأعداد كبيرة من مقاتليها. في حين يشير البعض إلى دلائل على تقديم إيران مساعدات لبعض المجموعات الإرهابية السنية التي نفذت هجمات عدة ضد القوات الأميركية في العراق. ويخشى عدد كبير من المشرعين من استخدام إدارة ترمب الصلات بين إيران و"القاعدة" ذريعة للحرب، كما استخدمها الرئيس السابق جورج بوش، عندما تحدث عن وجود علاقة بين صدام حسين و"القاعدة" في عام 2002 لتبرير غزو العراق.

وفي مؤتمره الصحافي الذي عقده في 13 يونيو/حزيران الحالي، حمّل الوزير بومبيو للمرة الأولى إيران المسؤولية عن تفجير سيارة مفخخة في كابل أدى إلى مقتل 4 مدنيين وإصابة 4 عسكريين أميركيين وعدد من المارة، رغم أن طالبان أعلنت مسؤوليتها عن الهجوم. وعلى العموم، لم تقم إيران بشن هجمات ضد الأميركيين في أفغانستان، على عكس حرب العراق، لكنها تواجه تهماً بإرسال سلاح استخدم ضد القوات الأميركية هناك، مما طرح التساؤلات عن سبب محاولة الوزير بومبيو إقامة الارتباط الآن.

ضرب نطنز

وتخشى أوساط عدة من أن تعمد إدارة ترمب إلى القول إن بعض الضربات العسكرية لا تتطلب إذناً من الكونغرس، كتوجيه ضربة محتملة لمنشأة نطنز النووية الإيرانية، وهو من بين الخيارات التي نوقشت طويلاً بين مسؤولين عسكريين أميركيين وإسرائيليين.

ومع إعلان إيران أنها ستنتهك قريباً حدود تخصيب اليورانيوم المنصوص عليها في الاتفاق النووي، يخشى أن تكون طهران تقدم الذريعة القانونية والسياسية لإدارة ترمب لتنفيذ هذه الضربة، بناء على تفويض عام 2001.

وحين سئل بومبيو يوم الأحد الماضي خلال مقابلة تلفزيونية معه على شبكة "سي بي إس" عن هذا الموضوع، رفض 3 مرات الإجابة عن السؤال.

لكن النائب الجمهوري مات غايتس من ولاية فلوريدا، وهو من أشد الداعمين للرئيس ترمب، كشف عن أن مسؤولي الإدارة أشاروا في جلسة الاستماع السرية الشهر الماضي إلى فكرة أن تفويض عام 2001 يسمح بضرب إيران، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز".