نبض لبنان

إيران والإخوان.. لماذا تحالفا وبرعاية تركية ضد السعودية؟ 

ما زالت أصداء التسريبات التي كشفها موقع أميركي حول لقاءات بين قادة من الحرس الثوري الإيراني وقيادات من جماعة الإخوان المصريين المنفيين في الخارج عقدت في تركيا للاتفاق على العمل ضد السعودية في اليمن تتوالى.

وكشف الموقع أن الإيرانيين عقدوا صفقة مع جماعة الإخوان برعاية تركية واتفقا على العمل ضد السعودية في اليمن، من أجل تحقيق مصالح مشتركة للأطراف الثلاثة.

ويشرح أحمد بان الباحث في ملف حركات الإسلام السياسي طبيعة تلك المصالح، ويقول لـ"العربية.نت" إن إيران حاولت وما زالت تحاول استغلال جماعة الإخوان لتحقيق مصالحها في المنطقة وكذلك تركيا، فالإخوان بالنسبة للدولتين اللتين تبحثان عن نفوذ إقليمي وتمدد في المنطقة العربية يستخدمان الإخوان كمطية لذلك، ويحاولان من خلال الجماعة مناوئة الدولتين التي تقفان كشوكة في حلق هذا المخطط وهما السعودية ومصر، ولذلك ورغم الاختلاف المذهبي بين إيران من جانب وتركيا والإخوان من جانب آخر، إلا أن لغة المصالح تجعلهم يدخلون في تحالفات وتفاهمات لتحقيق مصالحهم.

ويضيف أن إيران وتركيا تجتمعان في مشروع واحد، اسمه ولاية الفقيه، فإيران قائمة على ولاية الفقيه الشيعي، وتركيا تسعى إلى إعادة دولة الخلافة وتدشين نظام أقرب إلى ولاية الفقيه في شكل سني، ولو رجعنا إلى دستور 2012 الذي صاغه الإخوان في مصر، لوجدنا أنه يدعو في بعض مواده لذلك، وكادوا يطبقونه لولا قيام ثورة 30 يونيو من العام 2013، مشيرا إلى أن التوافق بين إيران وتركيا ضد السعودية يعتمد في جوهره على الانتقام من الدولتين اللتين تقفان بقوة ضد مشروعهما في المنطقة، وبالتالي يتم اللجوء للإخوان واستخدامهم كفزاعة، يمكن من خلالها إضعاف السعودية ومصر، وزعزعة استقرارهما، وفك التحالف الوثيق بينهما.

ما اتفق عليه الإخوان وإيران وبرعاية تركية -كما يقول بان -كان يهدف للعمل ضد السعودية في اليمن، ودعم الحوثي عن طريق تشجيع القبائل السنية على التحالف معه، مضيفا أن إيران والإخوان لديهما عداء تاريخي مع فكرة القومية العربية، لكن الاختلاف بينهما أن إيران ليس لديها عداء مع القومية الفارسية التي تنتمي لها، بينما جماعة الإخوان لديها عداء مع القومية العربية التي تنتمي لها.

أفراد من الحرس الثوري الإيراني

ويقول إن إيران تدعم حركات إسلامية أخرى تحت رايات مختلفة، وتركيا كذلك، لكن ليس من أجل الإسلام، بل من أجل البحث عن أماكن نفوذ لها في العالم العربي، وهو منهج اتفقت عليه طهران وأنقرة، واستخدمتا فيه الحاضنة الأم لكل تلك الحركات وهي جماعة الإخوان، ولذلك لم يكن غريبا أن يعقد لقاء بين قادة من الحرس الثوري والإخوان في تركيا لبحث آلية العمل ضد السعودية، مضيفا أنه عقد اجتماع 2014 ليس بالجديد فقد سبقته لقاءات أخرى في 2012 و2011 و2013 و2017 وكلها لقاءات كانت تعقد في تركيا للاتفاق على آلية للعمل والتنسيق بين الأطراف الثلاثة.

وكشف بأن أن العلاقة بين إيران والإخوان قديمة وتعود إلى العام 1938 وهناك زيارة قام بها روح الله مصطفى الموسوي عام 1938 لمقر جماعة الإخوان في القاهرة، وبعد نجاح ثورة الخميني في العام 1979 كان هناك وفد إخواني بقيادة يوسف ندا يزور طهران ويلتقي الخميني ويهنئه بنجاح ثورته، مؤكدا أنه عقب اندلاع ثورة 25 يناير هنأ المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي الإخوان بنجاح الثورة، وألقى خطبة باللغة العربية، مشجعا فيها الإخوان ومهنئا لهم بنجاح الثورة ضد الرئيس الأسبق حسني مبارك.

علاقة متجذرة بين نظام الملالي والإخوان

من جانبه قال الباحث في الشأن الإيراني، إسلام المنسي، إن العلاقة بين نظام الملالي والإخوان قديمة ومتجذرة يرجع تاريخها إلى عهد حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان، بل إن المرشد الإيراني الحالي علي خامنئي، كان يترجم بنفسه كتب القيادي الإخواني الشهير سيد قطب للغة الفارسية.

ويقول المنسي إن إيديولوجية الجماعة تأسست على فكرة التسامح مع الاختلافات بين السنة والشيعة، نظرا لأن البنا كان يطمح في أن يقود تنظيمه جموع المسلمين على اختلاف مذاهبهم، ولذا كان يلقن أتباعه عبارته الشهيرة: "لا فرق بين السنة والشيعة، فديننا واحد، وإلهنا واحد، ورسولنا واحد، وقبلتنا واحدة، وسنتنا واحدة".

ويضيف لـ"العربية.نت" أن جماعة الإخوان ترى في النظام الإيراني حليفا محتملا في ظل الرفض الذي باتت تواجهه أينما حلت، عملا بمبدأ عدو العدو صديق، إذ تجمعهما نزعة التآمر ضد الأنظمة العربية وبالذات السعودية، التي تعمل على مواجهة كلا المشروعين الإخواني، والفارسي في المنطقة. وأشار إلى أن طهران كانت دومًا تستغل تعاونها مع الحركات الإسلامية تحت لافتات التعاون والوحدة الإسلامية، إلا أنها كانت تسعى في النهاية إلى تجنيد أعضاء هذه الحركات ضمن مشروعها الخاص، أو استغلال العلاقة معهم لتجنيد آخرين، كما وقع في عدة دول عربية، ما عكر صفو العلاقة بين الطرفين مرارا، إذ اكتشف قادة الإخوان أكثر من مرة أنهم كانوا بمثابة حصان طروادة إيراني لغزو المجتمعات السنية، وهو ما دفع بالبعض لتغيير مساره، بينما فضل البعض الآخر التماهي مع تلك العلاقة بمبررات براغماتية.