نبض لبنان

أصوات مناهضة… ملياردير روسي يخرج عن صمته

ندد رجل الأعمال الروسي، أوليغ تينكوف، بما وصفه بحرب موسكو “المجنونة”، مشيرا إلى أن 90 في المئة من مواطني بلاده لم يدعموا الحملة التي شنها الكرملين على أوكرانيا، داعيا الغرب إلى إتاحة الفرصة أمام الرئيس، فلاديمير بوتين للانسحاب بكرامة.

ووجه تينكوف، الذي أسس “Tinkoff Bank” ثاني أكبر مصدر للبطاقات الائتمانية في روسيا، في منشور عبر حسابه في إنستغرام أشد انتقاد صادر عن رجل أعمال نافذ في البلاد ضد الحرب على أوكرانيا، وفقا لما ذكرته رويترز.

وقال في منشوره: “لا أرى أي مستفيد من هذه الحرب المجنونة! أشخاص أبرياء وجنود يقتَلون”.

وقد شن بوتين حملة عسكرية دموية على أوكرانيا في 24 شباط الماضي، بحجة نزع السلاح من كييف وتخليص البلاد من “نظامها النازي”.

وقد رفضت دول الغرب تلك الاتهامات واعتبرتها ذرائع لشن هجوم على أوكرانيا، وفرضت عقوبات على كيانات وأفراد روس، من بينهم تينكوف، كوسيلة ضغط على بوتين ودفعه إلى الانسحاب.

من جهة أخرى، عبر العديد من المليارديرات الروس عن تأييدهم لحملة الكرملين العسكرية مستخدمين حرف “Z” في حملاتهم، وهو الذي تستخدمه القوات المسلحة الروسية.

وانتقد بينكوف هؤلاء الأشخاص بقوله: “بالطبع هؤلاء أغبياء الذين يرسمون حرف Z، لكن 10 في المئة من (سكان) كل دولة هم أغبياء، 90 في المئة من الروس ضد هذه الحرب!”.

وعبر رجل الأعمال عن مدى استياء أصحاب الأموال بسبب العقوبات الغربية، مضيفا “مسؤولو الكرملين يشعرون بالصدمة لأنهم وأطفالهم لن يتمكنوا من السفر إلى البحر الأبيض المتوسط في الصيف. رجال الأعمال يحاولون إنقاذ ما تبقى من ممتلكاتهم”.

وأشار إلى أن الجنرالات الروس “أدركوا مدى سوء جيشهم.. وكيف قد يكون الجيش صالحا إن كان كل شيء آخر في البلاد سيئا، غارقا في المحسوبية والتملق والخنوع؟”

وأضاف في تعليق بالإنكليزية: “أعزائي في ‘الغرب الجماعي’ أرجو أن تمنحوا السيد بوتين مخرجا واضحا ليحفظ ماء وجهه ويوقف هذه المجزرة، أرجوكم كونوا أكثر منطقية وإنسانية”.

يذكر أن تينكوف يمتلك 35 في المئة من مجموعة “TCS” القابضة، التي تتخذ من قبرص مقرا لها، وتشكل المجموعة قطاعات عدة تضم البنوك والتأمين وخدمات الموبايل.

واستقال رجل الأعمال من مجلس إدارة “Tinkoff Bank” عام 2020، وقالت مجموعة “TCS”، الشهر الماضي، أن تيكنوف لم يكن جزءا من عملية اتخاذ القرار في الشركة، مشيرة إلى أن فرض عقوبات عليه لن يؤثر عمل الشركة.

وتأتي دعوة تينكوف للسلام في أعقاب نداءات مماثلة من قادة أعمال روس آخرين، طالبوا بإحلال السلام.

إذ دعت شركة النفط الروسية “Lukoil” إلى إنهاء الصراع في أوكرانيا. وطالب الأوليغارشيان، ميخائيل فريدمان وأوليغ ديريباسكا، بإنهاء الحرب في أواخر فبراير بعد الغزو الروسي.

وكتب فريدمان، المولود في غرب أوكرانيا  في رسالة إلى الموظفين حينها أنه يريد “إنهاء إراقة الدماء”. وقال ديريباسكا في منشور على “تليغرام”: “السلام مهم جدًا! يجب أن تبدأ المفاوضات في أسرع وقت ممكن!”، وفقا لما نقلته شبكة “سي أن أن”.

كما دعا عضو مجلس إدارة شركة المعادن الروسية “Rusal”، بيرنارد زونيفيلد، قبل أسبوعين، إلى إجراء تحقيق محايد في مقتل مدنيين في بلدة بوتشا أثناء احتلال القوات الروسية للبلدة.

ورغم أن زونيفيلد لم يشر إلى المسؤول عن ارتكاب المجازر إلا أنه قال في بيان إن “مثل هذه الحوادث تجعل هذه المأساة الرهيبة أكثر صدمة”.

وجاء في البيان: “نتمنى جميعا إنهاء مبكر لهذا الصراع بين الأشقاء، الذي يدمر الأرواح والعائلات والمدن بأكملها. ونريد معاقبة المسؤولين عن مثل هذه الجرائم بشكل مناسب”.

كما قال عملاق صناعة الفولاذ في روسيا، فلاديمير ليسين، والذي قدرت فوربس ثرونته بـ 21.9 مليار دولار، في رسالة لعمال الصلب في شركته “NLMK Group” إن “وفاة الناس في أوكرانيا مأساة يصعب تبريرها أو تفسيرها”.

لكن رجال أعمال قلة انتقدوا مباشرة قرار الكرملين في شن الحرب على أوكرانيا، على غرار تينكوف، من بينهم الدكتور بوريس مينتس، الذي أدار ذات يوم أكبر بنك خاص في روسيا ولكنه مطلوب اليوم من قبل الدولة بتهمة الاختلاس.

وكان مينتس يعمل مع الحكومة الروسية منذ التسعينيات، إلا أنه سرح من عمله السياسي، قبل أربعة أيام من الغزو الروسي لأوكرانيا، واليوم يعيش منفيا في المملكة المتحدة، وفقا لما نقلته صحيفة “ذا ديلي ميل”.

وخلال اذار الماضي، ذهب مينتس إلى حد وصف غزو بوتين بأنه “الحدث الأكثر مأساوية في القرن الحادي والعشرين حتى الآن، وهو بمثابة غزو هتلر لبولندا عام 1939”.

في مقال لصحيفة “ذا تايمز أوف إسرائيل” سلط مينتس الضوء على شجاعة الروس الذين ينتقدون بوتين من داخل النظام.

وقال: “أنا لست مؤيدا لبوتين ولا أقف إلى جانب حكمه الفاسد. لقد كان من السهل جدا على الناس افتراض أن أي شخص أسس مشروعا تجاريا ناجحا في روسيا يعد مؤيدا لبوتين”.

وهناك أيضا صاحب شركة الفودكا الشهيرة “ستوليشنايا”، يوري شيفلير، الذي انتقد نظام بوتين بل وقرر تغيير اسم علامته التجارية إلى “ستولي” كرد مباشر على الهجوم على أوكرانيا.

وقال شيفلير في بيان: “بينما نفيتُ من روسيا منذ عام 2000 بسبب معارضتي لبوتين، ما زلت فخوراً بعلامة ستوليشنايا التجارية”.

وأضاف “لقد اتخذنا قرارا بتغيير علامتنا التجارية بالكامل لأن الاسم لم يعد يمثل منظمتنا. أكثر من أي شيء آخر ، أتمنى أن يمثل ‘ستولي’ السلام في أوروبا والتضامن مع أوكرانيا”.

وأكد: “لقد عانيت شخصيا من اضطهاد من قبل نظام بوتين وأشارك ألم أوكرانيا وشعبها”.