على الرغم من أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كان قد أثار الجدل سابقاً عندما قام بتوزيع أكياس الشاي أواخر يونيو الماضي عبر رميه على المتضررين من الفيضانات التي شهدتها مدينة ريزا التركية مسقط رأسه، إلا أنه كرر الأمر نفسه لاحقاً ولمرتين على الأقل أواخر يوليو الماضي ومطلع أغسطس الجاري عندما قام بتوزيع أكياس الشاي مجدداً على المتضررين من الحرائق التي تجتاح تركيا منذ أسابيع.
وظهر أردوغان في عدّة مقاطع مصوّرة وهو يقذف المتضررين من الحرائق، بأكياس الشاي، كما ظهر في فيديوهات أخرى، بينما كان يرمي أكياس الشاي من باب حافلة نقل كبيرة كانت تقله، وهو أمر أثار استهجان أكبر حزبين معارضين له في البلاد وهما "الشعب الجمهوري" و"الشعوب الديمقراطي" المؤيد للأكراد، علاوة على حليفه السابق علي باباجان المنشق عن حزبه منذ نحو عامين والذي وصف تصرّف الرئيس التركي بـ "المعيب".
مادة اعلانية
وانهالت تعليقات غاضبة على الرئيس التركي في مواقع التواصل الاجتماعي بعدما وجدوا في طريقة توزيعه لأكياس الشاي على المتضررين من الحرائق "نوعاً من الإهانة"، وهي طريقة كررها نائبٌ عن حزب "الشعب الجمهوري" في البرلمان التركي عندما قذف نواب حزب "العدالة والتنمية" الحاكم الذي يقوده أردوغان بأكياس الشاي، لكنهم اعتبروا أن تصرفه "غير أخلاقي" بينما لم يعترضوا على آلية توزيع رئيسهم لأكياس الشاي.
وللشاي "رمزية كبيرة" لدى المجتمع التركي، فتقديمه يكاد يشبه تقديم "القهوة المُرّة" لدى المجتمعات العربية وعلى وجه الخصوص الأوساط العشائرية منها. أما طريقة توزيعه كما فعل أردوغان، فهي سابقة لم يستطع أكثر من محلل سياسي تواصلت معهم "العربية.نت" أن يجد لها تفسيراً، لكن واحداً منهم قال إن "توزيع الشاي عبر قذفه على الناس، دلالة على التعالي، فربّما الرئيس التركي أراد أن يظهر كسلطانٍ يتجمهر حوله الناس لتلقي المساعدة".
وقال أوزغور أوزال النائب المعروف عن حزب المعارضة الرئيسي في تركيا إن "توزيع أردوغان للشاي على سكان المناطق المتضررة من الحرائق، أمرٌ لا يحصل للمرة الأولى، ففي العام الماضي وزع الرئيس التركي الشاي في مدينة غيرسون وقبل أسابيع كرر ذلك في مدينة ريزا حين زار المتضررين من الفيضانات، وهو تصرفٌ مخجل حقاً".
وأضاف لـ "العربية.نت": "يبدو أن أردوغان ومستشاريه السياسيين فقدوا ارتباطهم بالواقع خاصة وأن الناس في المناطق المتضررة من الحرائق لديهم مخاوف أخرى كثيرة بعيدة عن الشاي لاسيما وأنه عند توزيع أردوغان للشاي كانت قد مرت 8 أيام على استمرار الحرائق في مناطق متفرقة من البلاد، ولذلك كان ينبغي على الحكومة قضاء المزيد من الوقت لإخماد النيران بدلاً من توزيع الشاي".
أما عن أسباب اختيار أردوغان للشاي، فأشار النائب التركي إلى أن "الشاي هو المشروب التقليدي للشعب التركي. وتشتهر بلدة ريزا، مسقط رأس أردوغان، بزراعته، وهو ما جعله يركز أكثر على الشاي دون غيره".
وتشهد مناطق متفرّقة في تركيا منذ أسابيع، حرائق كبيرة تعرّض الحزب الحاكم على إثرها لانتقاداتٍ واسعة بعدما قبلت السلطات بتلقي المساعدة من روسيا وأوكرانيا وإيران وأذربيجان على خلفية عجزها عن إطفاء النيران التي اندلعت في غاباتٍ وأراضٍ زراعية، بالإضافة لمنتجعاتٍ سياحية كانت تحيط بها أشجار كثيفة.
وأودت الحرائق حتى الآن بحياة العشرات بين قتيل وجريح، وذلك في وقتٍ لم يستبعد فيه الرئيس التركي وجود "مؤامرة" تحاك ضد بلاده، إذ اتهمت وسائل إعلامٍ مقرّبة منه، مقاتلي حزب "العمال الكردستاني" المحظور لدى أنقرة، بافتعال بعض الحرائق، لكن الحزب الأخير نفى في بيانٍ الأربعاء تورطه في هذا الأمر.
كما أن أحزاب المعارضة التركية اتهمت أردوغان بالاهتمام بالبنى التحتية في اسطنبول وأنقرة مقابل تجاهلها في مناطق أخرى من البلاد وهو أمر أدى لتفاقم مشكلة الحرائق وسط غياب خدمة الإطفاء في بعض المناطق الريفية التي اندلعت النيران ببساتينها وغاباتها.