منذ الزلزال القوي الذي دمّر البلاد عام 2010، تدفقت المساعدات الخارجية إلى هايتي، إلا أن البلاد بقيت غارقة في مشاكلها، يائسة وسط حالة من عدم الاستقرار.
وانزلقت البلاد مجدداً في الاضطرابات، منذ أيام بعدما قامت مجموعة من المسلحين باغتيال الرئيس جوفينيل موس، داخل منزله في بورت أوبرينس، منتصف ليل الأربعاء.
مادة اعلانية
وفي كل مرة تقريباً يعتقد فيها الهايتيون أن ظروفهم لا يمكن أن تزداد سوءاً، يبدو أن البلاد تتخذ منعطفاً مشؤوماً آخر ، وهي تتأرجح الآن بسبب الفراغ السياسي، بدون رئيس أو برلمان أو محكمة عليا عاملة، وفق تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز".
ويتعمق تاريخ هايتي المضطرب، حيث يكمن في جذوره كمستعمرة عبيد سابقة لفرنسا والتي نالت استقلالها في عام 1804 بعد هزيمة قوات نابليون، وعانت فيما بعد أكثر من عقدين من الديكتاتورية الوحشية التي انتهت في عام 1986.
شغب في الشارع بعد اغتيال الرئيس (رويترز)
وبعد ذلك، ضرب زلزال قوي دمّر البلاد في عام 2010، بدا أن تدفق المساعدات الأجنبية وقوات حفظ السلام، ولم يؤد ذلك إلا إلى تفاقم مشاكل البلاد وعدم الاستقرار.
ولم تحدث الإخفاقات في هايتي من فراغ، فالبلاد تلقت المساعدات من المجتمع الدولي، حيث ضخ 13 مليار دولار على مدى العقد الماضي.
لكن بدلاً من بناء الدولة بهذه الأموال، أصبحت مؤسسات هايتي جوفاء وغير فعّالة في السنوات الأخيرة.
الاعتماد على المساعداتوأفاد محلل وناشط من هايتي لـصحيفة "نيويورك تايمز"، بأن هايتي ليست دولة فاشلة بقدر ما هي دولة تعتمد على المساعدات، حيث يعتمد وجودها على كسب مليارات الدولارات من المجتمع الدولي.
في المقابل، لم توقف الحكومات الأجنبية تلك المساعدات، خوفاً من تحوّل هايتي إلى دولة فاشلة، رغم دعوات للإطاحة بالرئيس مويس في عام 2019 عندما تم اكتشاف اختفاء المساعدات الدولية المقدمة للحكومة.
اغتيال رئيس هايتي -فرانس برس
وأوضح الناشط أن الأموال كانت بمثابة شريان حياة معقد لهايتي، ما ترك الحكومة مع القليل من الحوافز لتنفيذ الإصلاحات المؤسسية اللازمة لإعادة بناء البلد.
كما راهنت الحكومة على المساعدات الدولية في كل مرة كان يزداد فيها الوضع سوءاً، كما يقول محللون ونشطاء هايتيون.
ودعمت هذه المساعدات البلاد وقادتها، حيث قدمت خدمات وإمدادات حيوية في بلد كان في أمس الحاجة إلى كميات هائلة من المساعدات الإنسانية، لكنه سمح أيضاً للفساد والعنف والشلل السياسي بالمرور دون رادع.
عصابات مرتبطة بالحكومةوعلى الرغم من إنكارهم لذلك، اعتمد السياسيون في هايتي، بما في ذلك الحكومة، تقليدياً على العصابات للتأثير في الانتخابات لصالحهم وتوسيع نفوذهم السياسي، وفق الصحيفة.
وفي السنوات الثلاث الأخيرة من ولاية مويس، حدثت أكثر من 12 مجزرة على يد عصابات مرتبطة بالحكومة وقوات الشرطة وأسفرت عن مقتل أكثر من 400 شخص في الأحياء المناهضة للحكومة وتشريد 1.5 مليون شخص، ومع ذلك لم تتم محاسبة أحد على الجرائم.
اغتيال رئيس هايتي -فرانس برس
من جانبها، قالت إيمانويلا دويون، خبيرة السياسة الهايتية التي قدمت شهادتها أمام الكونغرس الأميركي في وقت سابق من هذا العام، "منذ عام 2018، ونحن نطالب بالمساءلة"، وحضت واشنطن على تغيير سياستها الخارجية ونهج المساعدة لهايتي.
وأضافت: "نحن بحاجة إلى أن يتوقف المجتمع الدولي عن فرض ما يعتقد أنه صحيح وأن يفكر بدلاً من ذلك في المدى الطويل والاستقرار".
إصلاح مقابل المساعداتكذلك، أوضحت أن الولايات المتحدة بحاجة إلى ربط المساعدات المقدمة لهايتي بشرط قيام قادتها بإصلاح مؤسسات الدولة، بالإضافة إلى محاسبة الشخصيات القوية على أعمال العنف والفساد.
يشار إلى أن الرئيس مويس وصل إلى السلطة في عام 2016، حيث فاز في الانتخابات بحوالي 600 ألف صوت فقط.
وأدلى 18% فقط من الناخبين بأصواتهم، وكانت هناك اتهامات واسعة النطاق بالتزوير.
وأصر مويس في فبراير على البقاء في السلطة لمدة عام إضافي كرئيس لأنه مُنع من تولي المنصب لفترة طويلة أثناء التحقيق في اتهامات التزوير الانتخابي.
كما، قال منتقدون إن تمسكه بالمنصب غير دستوري، وأدى إلى تفاقم الغضب في الشوارع، ما ألقى بالعاصمة بورت أو برنس في مزيد من الغموض والعنف.