نبض لبنان

لودريان في لبنان ملوحاً بعقوبات..والحريري يدرس الاعتذار

لا تزال المراوحة سيّدة الموقف على صعيد تشكيل الحكومة في لبنان، في إنتظار الزيارة الرسمية لوزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، إلى لبنان مساء اليوم الأربعاء، مع ما سيحمله من طروحات قد تُساهم في تحريك الجمود والتعطيل المتعمّد لملف الحكومة.

وبينما جدول أعمال لودريان غير واضح لجهة الشخصيات السياسية التي سيلتقيها بإستثناء موعدين مع رئيس الجمهورية ميشال عون الذي يجتمع معه عند العاشرة من صباح غد الخميس ثم رئيس مجلس النواب نبيه بري، بات مؤكداً أن الدبلوماسي سيلوّح بعصا "إجراءات عقابية" أوروبية ضد من يُعرقل تشكيل الحكومة من أجل الضغط عليهم للتراجع عن شروطهم التي منعت المبادرة الفرنسية من تحقيق أي خرق منذ أن أطلقها الرئيس ماكرون منذ أشهر أثناء زيارته بيروت.

إجراءات ضد حزب الله وأمل؟!

وفي الإطار، كشف الخبير في الشؤون الأوروبية تمام نور الدين لـ"العربية.نت" "أن فرنسا تدرس فرض إجراءات تقييدية ضد من نسفوا مبادرتها لحلّ الأزمة السياسية في لبنان وباتوا معروفين، أي الثنائي الشيعي، حركة أمل وحزب الله بسبب إصرارهما على التمسّك بوزراة المال التي يتولاها وزير شيعي منذ سنوات في مخالفة واضحة للمبادرة الفرنسية التي تعتمد المداورة في الحقائب"

كما يبدو أن فرنسا ستوسّع "بيكار" العقوبات ليطال متورّطين بملفات فساد وهدر للمال العام أيضا، بحسب نور الدين، مشيراً إلى "لائحة طويلة من الأسماء باتت شبه مُنجزة تضمّ بالإضافة إلى سياسيين من توجّهات مختلفة، رؤساء مصالح وصناديق ومصرفيين ومدارء عامين متّهمين بتقديم الدعم لهؤلاء السياسيين الفاسدين".

حماسة أوروبية لمعاقبة فاسدين

إلى ذلك، لفت إلى "أن دولاً أوروبية عديدة أبدت حماستها لتطبيق هكذا إجراءات أبرزها ألمانيا، وذلك بسبب حجم الفساد في لبنان، إذ يُقدّر الأوروبيون أن مئة مليار دولار على الأقل نُهبت من قبل هؤلاء منذ عقود وحتى اليوم، والدعاوى القضائية المرفوعة ضد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في دول أوروبية عديدة أخرها فرنسا تُمثّل رأس جبل الجليد لتفكيك المنظومة الفاسدة".

محتجون أمام مصرف لبنان (فرانس برس)

تراجع فرنسا عن شروطها!

لكن مقابل الإصرار على إتّخاذ إجراءات تقييدية بحق المسؤولين عن عرقلة تشكيل الحكومة، يبدو أن هناك "مرونة" فرنسية تجاه شروط مبادرة الرئيس الفرنسي ايمانيول ماكرون لحلّ الأزمة الحالية وعدم ممانعة باريس تأليف حكومة تعكس الواقع السياسي.
وفي هذا السياق، قال إيلي مصبونجي، رئيس تجمّع الصحافيين الأجانب في باريس، لـ"العربية.نت" " إن باريس لم تعد متمسّكة بشرط الوزراء المستقلّين بعدما أيقنت إستحالة تطبيقها، لأن الواقع السياسي في لبنان لا يُمكن أن ينتج حكومة كهذه".

وزير خارجية فرنسا

رفض لعوقبات سياسية

في المقابل، وفي موقف يؤشّر إلى "رفض" إي إجراءات تقييدية من جانب فرنسا ضد من تتّهمهم بعرقلة تشكيل الحكومة، أكدت مصادر مقرّبة من رئاسة الجمهورية لـ"العربية.نت" "أن حلّ الأزمات السياسية يكون بإحترام الدستور والحوار، أما العقوبات فيجب أن تأتي ضد من يثبت تورّطه بعمليات فساد أو تهريب أموال اللبنانيين إلى الخارج".

ولفتت إلى "أن فرض عقوبات ذات طابع سياسي لن تُساعد بتشكيل الحكومة بل ستُعطي مفعولاً عكسياً، وهي تُعتبر تدخلاً بالشأن اللبناني الداخلي".

حريصون على تطبيق المبادرة الفرنسية

كما أكدت أن "المبادرة الفرنسية لا تزال قائمة بالنسبة لرئاسة الجمهورية، الحريصة على تطبيقها بكامل مندرجاتها لناحية تشكيل حكومة مهمة تضمّ وزراء إختصاصيين من أصحاب الخبرة مع برنامج عمل إصلاحي يأتي في مقدمته التدقيق الجنائي الذي بات مطلباً دولياً".

من أمام البرلمان اللبناني (أرشيفية- فرانس برس)

إعتذار الحريري؟

وتتزامن زيارة لودريان مع أجواء ترجّح بقوّة إحتمال إعتذارالرئيس سعد الحريري من مهمة تشكيل الحكومة التي مضى عليها أكثر من ستة أشهر.
وأشار نائب رئيس "تيار المستقبل" مصطفى علوش لـ"العربية.نت" الى "أن الرئيس الحريري لن ينتظر إلى ما لا نهاية وهو بدأ التفكير جدّياً بهذا الاحتمال ما دام تكليفه لم يُحدث ثغرة في جدار الأزمة القائمة".

وقال "الإعتذار بات من الخيارات المطروحة على طاولة الرئيس الحريري على رغم إقتناعه بأنه لن يُحلّ المشكلة بل سيدفع بالبلد إلى أزمة جديدة".

مواطنون يرفعون يافطة ضد عودة سعد الحريري للحكومة (أرشيفية- أسوشييتد برس)

إلى ذلك، اتّهم صهر رئيس الجمهورية، رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل بعرقلة تشكيل الحكومة"، معتبراً أنه يجب أن يكون في طليعة من تشملهم الإجراءات الفرنسية المُرتقبة".

يذكر أن استحقاق تشكيل الحكومة تحوّل إلى ساحة صراع بين رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر من جهة والحريري و"تيار المستقبل" من جهة أخرى يتراشقان فيها تُهم التعطيل والعرقلة، ما حرم اللبنانيين من حكومة تخلف حكومة تصريف الأعمال الراهنة، برئاسة حسّان دياب، والتي إستقالت في 10 أغسطس/آب الماضي، بعد 6 أيام من إنفجار كارثي بمرفأ العاصمة بيروت.