انتقد زعيم المعارضة التركية كمال كليتشدار أوغلو، بشدة سياسات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، معتبراً أن حكمه "مستبد" "لا يستوعب الديمقراطية".
كما شدد على ضرورة أن تتخلص تركيا من سلطة "الرجل الواحد" و"صانع القرار الوحيد". وقال كليتشدار أوغلو رئيس حزب "الشعب الجمهوري" وهو حزب المعارضة الرئيسي في تركيا في مقابلة خاصة مع العربية.نت إن "الأداء الاقتصادي البطيء لبلاده يعود بشكل أساسي إلى سوء الإدارة الاقتصادية والمالية، إذ لا توجد سياسة نقدية أو مالية عقلانية ومنطقية، لكون صانع مختلف القرارات شخصٌ واحد"، في إشارة إلى الرئيس التركي.
حكومة أردوغان فقدت الثقةكما أضاف المعارض لحزب "العدالة والتنمية" الحاكم الذي يقوده أردوغان أن "تركيا بحاجة إلى إصلاحاتٍ اقتصادية هيكلية، لكن لا يمكن تحقيق هذا الأمر في ظل الحكم الحالي، فالمستبدون لا يستطيعون استيعاب الديمقراطية"، مشدداً على أن "الحكومة التي يقودها أردوغان فقدت الثقة داخلياً وخارجياً".
وتابع: "نعتقد أنه من أجل التخلص من الأزمة الاقتصادية، يجب أن ننفذ إصلاحاتٍ ديمقراطية جادّة تضمن الحق في الحياة والحق في الملكية، كما ينبغي استعادة سيادة القانون وحرية الصحافة وترك نظام حكم الرجل الواحد"، مضيفا "بالنسبة لحزبنا، فإن إعادة الفصل بين السلطات في البلاد وإقامة نظام برلماني معزز، أمران ضروريان".
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان (أرشيفية)
إلى ذلك، أشار إلى أن "النظام الاستبدادي السائد في البلاد هو السبب الرئيسي لإحجام المستثمرين المحليين والأجانب عن الاستثمار في تركيا"، لافتاً إلى "ضرورة تغيير هذا النظام وتقديم المعايير الديمقراطية لبلدنا بالكامل وفقاً لمعايير الاتحاد الأوروبي".
نرفض بيع أصولنا الوطنيةكذلك انتقد كليتشدار أوغلو، الحكومة التركية لبيع حصص من أصولها المالية "الوطنية" لجهاتٍ أجنبية، قائلاً: "يسيطر المستثمرون القطريون الآن على أكبر مصنعٍ للدبابات في تركيا والذي يعد من أكبر منشآت الإنتاج الصناعي العسكري على مستوى أوروبا، وهو أيضاً من أكبر ممتلكات البلاد، وبالتالي كيف يمكن للمرء أن يوافق على نقل ملكيته إلى دولة أخرى؟ هذه ليست مسألة تخص قطر أو أي دولة أخرى. هذا أمر يتعلق بالأصول الوطنية التركية والإنتاج المحلي الوطني وقدراته العسكرية. نحن ضد نقل أصولنا الوطنية إلى دول أخرى".
كما أضاف أن "مؤسس تركيا الحالية مصطفى كمال أتاتورك، أعطى الأولوية القصوى لتطوير صناعتنا الوطنية والإنتاج الوطني في كل القطاعات، ولذلك لا يمكننا التخلي عن هذه السياسة خاصة وأن صفقة مصنع الدبابات تمّت بشكل غير قانوني ونجم عنها تأثير سلبي شديد على الصناعات الدفاعية التركية".
كليتشدار أوغلو، رئيس حزب الشعب الجمهوري.
إلى ذلك، جدد الزعيم المعارض رفضه لنظام الحكم الرئاسي الذي دخل حيّز التنفيذ منتصف عام 2018، بعد إجراء الرئيس التركي لاستفتاءٍ مثير للجدل قبل ذلك بنحو عام ألغي بموجبه منصب رئيس الوزراء في البلاد.
وقال في هذا الصدد: "نحن في حزب الشعب الجمهوري، نُدرِك أن حكم الرجل الواحد الحالي غير قادر على الاستمرار في إدارة هذا البلد، فهو في كلّ يوم يحمّل المجتمع عبئاً إضافياً، لذلك لا يمكن أن تنتظر الانتخابات حتى صيف 2023، فنحن جاهزون لها من الآن، لكن لا يمكن لأحد سوى أردوغان أن يتخذ قرار إجرائها".
احتجاجات في اسطنبول
كما رأى أن "الاقتصاد التركي يواجه صعوبات بالغة، فقد أدت جائحة كورونا إلى تفاقم هذا الوضع أكثر، وبالتالي اعلان الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم إفلاسها الواحدة تلو الأخرى، فيما الحكومة غير قادرة على دعمها وسدّ خسائرها ، لذا في ظل هذه الظروف، يصعب على أي سلطة حاكمة أن تتجرأ على اتخاذ قرار بالذهاب إلى الانتخابات. كما أن شعبية أردوغان آخذة في التقلص"
إلا أنه لفت في الوقت عينه إلى "إمكانية لجوء أردوغان إلى إجراء انتخاباتٍ مبكرة من أجل وقف الخسائر التي يتكبدها حزبه إذا ما استمر على هذا المنوال".
وتابع: "في كل الحالات، لا توجد طريقة للهروب من النتيجة النهائية، فحزب العدالة والتنمية مُلزم بالذهاب إلى الانتخابات المبكرة ونحن مستعدون للفوز بها".
من أنقرة ( فرانس برس)
وعلى الرغم من أن الأحزاب المعارضة لأردوغان منقسمة بين تلك التي تؤيد الأكراد والقوميين والعلمانيين (الموالين لأتاتورك)، إلا أن كليتشدار أوغلو رفض وصفها بـ"المشتتة".
وقال: "اليوم، ليس فقط في تركيا وإنما في كلّ أنحاء العالم، لم تعد السياسة محددة بالمفاهيم الكلاسيكية القائمة على الإيديولوجيات أو الهويات المتعددة كما كانت في الماضي. اليوم، النموذج الأساسي هو المواجهة بين أولئك الذين يحترمون الديمقراطية ويؤيدونها وأولئك الذين يختارون الاستبداد. هذا هو شكل الصراع الرئيسي في تركيا."
كليتشدار أوغلو، رئيس حزب الشعب الجمهوري.
كما أوضح أن "هناك نوعين من التحالفات في البلاد، واحدٌ يجمع العديد من الأحزاب السياسية معاً وفقاً لمبادئ القيم العالمية التي تحترم الحريات الأساسية والديمقراطية، والتي أفضل أن أعرّفها كمنصة ديمقراطية، والآخر لا يهدف إلى التحوّل الديمقراطي وإنما إلى تعزيز سلطته لضمان استمرار سيطرته على الحكومة"، بحسب تعبيره.
إلى ذلك، أضاف: "يجمع البرنامج الديمقراطي الأحزاب السياسية المنتشرة ذات الأيديولوجيات والانتماءات المختلفة. ومع ذلك، فهم يقدّرون المُثل والمبادئ الديمقراطية ولا يتخلون عن دفاعهم عن الديمقراطية وسيادة القانون ونظام برلماني معزز."
وختم قائلا: "لذلك لا أتفق مع الافتراض القائل بأن المعارضة منقسمة، بل على العكس، هي متحدة تحت نفس المُثل العليا لإرساء الديمقراطية في البلاد".