نبض لبنان

لبنان.. غضب شعبي يتفاقم وتوتر "خطير" بين عون وقائد الجيش

احتجاجا على الأوضاع المعيشية المتردية وارتفاع سعر صرف الدولار، أعلن المحتجون في بيروت استمرارهم بالتصعيد اليوم الثلاثاء، داعين إلى مشاركة أوسع في قطع المزيد من طرقات العاصمة".

من جهتهم، قال محتجو طرابلس إنّ التحركات مستمرة بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية، مؤكدين أنّ التصعيد سيزداد، وسيتم قطع الطرقات في المدينة اعتباراً من صباح اليوم الثلاثاء وشل الحركة نهائياً.

على وقع تسجيل سعر الصرف تدهوراً قياسياً مقابل الدولار وغرق البلاد في جمود سياسي من دون أفق، حذر قائد الجيش جوزف عون من أنه لا ينبغي للجنود الانجرار إلى المأزق السياسي، منتقدا طلب الرئيس اللبناني ميشال عون من الجيش وقوى الأمن الاثنين إزالة الحواجز بعد أسبوع من الاحتجاجات على الاقتصاد المنهار والشلل الحكومي.

جوزيف عون

ودعا عون إلى فتح الطرق في جميع أنحاء البلاد بعد اجتماع مع كبار المسؤولين في حين عقد قائد الجيش اجتماعا منفصلا مع القادة العسكريين شدد فيه على الحق في التظاهر السلمي.

كما انتقد قائد الجيش العماد جوزيف عون السياسيين "الطائفيين" في لبنان لتعاملهم مع الأزمة، محذرا من عدم استقرار الوضع الأمني، مضيفا أن الضباط العسكريين جزء من المجتمع اللبناني الذي يعاني من صعوبات اقتصادية. وقال "العسكريون يعانون ويجوعون مثل الشعب".

ووجه حديثه للمسؤولين قائلا "إلى أين نحن ذاهبون، ماذا تنوون أن تفعلوا، لقد حذرنا أكثر من مرة من خطورة الوضع وإمكان انفجاره".

توتر بين الرئيس وقائد الجيش

وقال مصدر سياسي إن التوتر بين الرئيس وقائد الجيش ازداد بعد طلب فتح الطرق.

أهالي ضحايا انفجار بيروت

ويغلق المحتجون الطرق يوميا منذ أن هوى سعر الليرة اللبنانية إلى مستوى منخفض جديد الأسبوع الماضي حيث فقدت العملة 85 بالمئة من قيمتها.

لكن لم ترد أنباء عن مواجهات عنيفة بين الأمن والجيش والمتظاهرين خلال الأسبوع.

وحذر العماد جوزيف عون اليوم الاثنين من تورط الجيش في مشاحنات سياسية. وقال "إذا كان البعض عم يهدف لضرب الجيش وفرطه، هم يعرفون أن فرط الجيش يعني نهاية الكيان، هذا الشيء مستحيل أن يصير. الجيش متماسك وتجربة الـ75 لا ولن تتكّرر".

تحذير من حرب أهلية

ولطالما وصف الجيش بأنه المؤسسة الوحيدة تقريبا التي يجمع عليها اللبنانيون. وأدى انهيارها في بداية الحرب الأهلية اللبنانية بين عامي 1975 و1990 عندما انقسمت على أسس طائفية إلى وقوع البلاد
تحت سيطرة الميليشيات.

وجاء في بيان للرئاسة اللبنانية أن كبار مسؤولي الحكومة والمسؤولين الأمنيين اتفقوا خلال اجتماع على إجراءات من بينها "تكليف الأجهزة الأمنية بضبط جميع الأشخاص الذين يخالفون أحكام قانون النقد والتسليف وقانون تنظيم مهنة الصرافة" بما في ذلك مكاتب الصرافة الأجنبية.

وأوضح البيان أن الرئيس طلب "من الأجهزة الأمنيّة الكشف عن الخطط الموضوعة للإساءة للبلاد لا سيما بعدما توافرت معلومات عن وجود جهات ومنصات خارجية تعمل على ضرب النقد ومكانة الدولة
المالية".

احتجاجات حاشدة

وأعرب الرئيس في البيان عن رفضه لقطع الطرقات وقال إن هذا العمل "مرفوض وعلى الأجهزة الأمنيّة والعسكريّة أن تقوم بواجباتها كاملة وتطبيق القوانين دون تردّد، خصوصا وأن الأمر بات يتجاوز
مجرّد التعبير عن الرأي إلى عمل تخريبي منظّم يهدف إلى ضرب الاستقرار".

ومع اندلاع الأزمة المالية في لبنان أواخر عام 2019، تفجرت موجة احتجاجات حاشدة وصب المتظاهرون جام غضبهم على الزعماء الذين لم يحركوا ساكنا إزاء الفساد المستمر منذ عقود.

وفقد عشرات الآلاف وظائفهم بسبب الأزمة التي أدت أيضا لتجميد الحسابات المصرفية وبدأ كثيرون يعانون من الفقر.

والاثنين أغلقت ثلاثة طرق رئيسية تؤدي إلى العاصمة بيروت جنوبا من الزوق وجل الديب والدورة. وفي بيروت نفسها أغلق المحتجون طريقا رئيسيا أمام مصرف لبنان المركزي.

وتحدثت وسائل إعلام محلية عن إطلاق أعيرة نارية في ساحة الشهداء بوسط بيروت لكن لم يتضح المصدر ولم ترد أنباء عن وقوع إصابات.

وفي صور بالجنوب، حاول رجل إحراق نفسه بعدما سكب البنزين على جسمه لكن الدفاع المدني أوقفه في الوقت المناسب وفقا لما نشرته الوكالة الوطنية للإعلام.

وفي طرابلس، وهي من أفقر المدن اللبنانية وتقع في الشمال، أقام المتظاهرون جدارا من الطوب بارتفاع متر لمنع السيارات من العبور لكنهم تركوا متسعا للمرور في حالات الطوارئ.

انفجار مرفأ بيروت أشعل الفتيل

وبعد انفجار مرفأ بيروت الذي دمر مناطق بأكملها في العاصمة في أغسطس، استقالت حكومة رئيس الوزراء حسان دياب لكنها تواصل تصريف الأعمال.

لكن رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري على خلاف مع عون ولم يتمكن من تشكيل حكومة جديدة تنفذ الإصلاحات المطلوبة لصرف مساعدات دولية.

وهدد دياب يوم السبت بالامتناع عن تأدية مهام منصبه للضغط على السياسيين لتشكيل حكومة جديدة.

وانتقد البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي الساسة في عظته الأحد قائلا "تصالحوا أيّها المسؤولون مع السياسة، ومع الشعب الذي بدّدتم ماله وآماله ورميتموه في حالة الفقر والجوع والبطالة.
وهي حالة لا دين لها ولا طائفة ولا حزب ولا منطقة، ولم يعد له سوى الشارع. فنزل يُطالبُ بحقوقِه".

وأضاف "كيف لا يثورُ هذا الشعب وقد أخذ سعر صرفِ الدولار الواحد يتجاوز 10000 ليرة لبنانيّة بين ليلةٍ وضحاها؟ كيف لا يثور هذا الشعب وقد هَبطَ الحد الأدنى للأجورِ إلى 70 دولاراً؟"

ودعا الراعي إلى عقد مؤتمر دولي برعاية الأمم المتحدة لمساعدة لبنان.