نبض لبنان

بعد رحيل البشير.. هل حان وقت إطلاق كيان أمن البحر الأحمر؟

في ديسمبر الماضي أعلنت السعودية تأسيس كيان أطلقت عليه كيان البحر الأحمر وخليج عدن، ويضم السعودية ومصر والسودان وجيبوتي واليمن والصومال والأردن، بهدف حماية أمن البحر الأحمر وخليج عدن.

وبدعوة من السعودية عقد اجتماع في 11 و12 ديسمبر لوزراء خارجية الدول العربية والإفريقية المشاطئة للبحر الأحمر وخليج عدن، لتعزيز سبل التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية بين الدول العربية والإفريقية المشاطئة للبحر الأحمر وخليج عدن، والسعي لتحقيق مصالحها المشتركة وتعزيز الأمن والاستقرار على الصعيدين الإقليمي والدولي، وتم الاتفاق على أهمية إنشاء كيان يستهدف التنسيق والتعاون ودراسة السبل الكفيلة بتحقيق ذلك في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والبيئية والأمنية.

بعدها بنحو 3 شهور وفي مارس الماضي استضافت الخارجية المصرية بالتنسيق مع وزارة الدفاع، كما يقول مصدر دبلوماسي كبير لـ"العربية.نت" اجتماعا لكبار المسؤولين من الدول العربية والإفريقية المشاطئة للبحر الأحمر وخليج عدن، تناول أطر وأولويات التشاور السياسي والتعاون فيما بينها في المجالات الاقتصادية والأمنية.

وتناول الاجتماع وفق تصريحات المصدر تقييم المبادرات المطروحة على الساحة الدولية بشأن الوضع في البحر الأحمر وخليج عدن، وأثرها على مصالح الدول المشاطئة في ضوء ملكية هذه الدول الأصيلة واضطلاعها بالدور الرئيسي في ترتيبات الإقليم السياسية والاقتصادية والأمنية.

تهديدات إيران وأذرعها

وكان تأسيس هذا الكيان كما يقول محمد العرابي وزير الخارجية المصري السابق ورئيس لجنة العلاقات الخارجية الحالي بالبرلمان المصري، مهما لمواجهة التهديدات التي تعرقل حركة الملاحة الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن وبشكل واضح وصريح تقف وراءها إيران ووكلاؤها في المنطقة مثل الحوثيين في اليمن، مؤكدا لـ" العربية.نت" أن ما حدث من وجود لبعض الدول الإقليمية الطامعة في مقدرات وثروات المنطقة كان الخطر الأكبر الذي يهدد هذا الكيان.

جزيرة سواكن

ويوضح العرابي أن تأجير النظام السوداني قاعدة استراتيجية في منطقة سواكن المطلة على ساحل البحر الأحمر لتركيا، كان عقبة تهدد سعي الدول المشاطئة لحماية المنطقة من التهديدات الخارجية، مضيفاً أن المنطقة التي تم تأجيرها لتركيا، "وجميعنا يعرف أطماع النظام التركي، ورغبته في تصدير المشكلات لمصر ودول أخرى تقف ضد مشروعه"، وهو ما يعني أن السودان الدولة المشاركة في الكيان الجديد وتحت رئاسة البشير أصبحت حجر عثرة في طريق الكيان وتفعيل أهدافه، وعرقلة انطلاقته لتحقيق كل خططه المرسومة والمتفق عليها.

ويقول إن رحيل البشير وتولي المجلس العسكري الانتقالي، سيمهد الطريق لتفعيل كيان البحر الأحمر وخليج عدن، فزيارة الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس الانتقالي لمصر، وتصريحاته خلال مقابلته مع الرئيس السيسي بأن السودان يرفض أي علاقة مع دولة تضر بمصالح مصر ودول الخليج، وزيارة نائبه الفريق أول محمد حمدان دقلو للسعودية للتأكيد على نفس الأمر، إيجابية، وتعني أن مصير الاتفاق التركي بشان جزيرة سواكن يواجه المجهول ولن يستمر.

ويضيف الوزير المصري السابق إن الأمور في السودان تسير بشكل مطمئن لكن لابد من الصبر على المجلس الانتقالي خاصة أنه ورث تركة ثقيلة من النظام السابق الذي كان يغرق، وكان في كل مرة يستعين بدول مثل إيران وتركيا للبحث عنة طوق نجاه له، مضيفا أن البشير ومن خلفه قادة التيارات الإسلامية المتحالفين معه زجوا بالسودان في مشكلات إقليمية ودولية كثيرة بسبب إيوائهم للإرهابيين، وتعاملاتهم المشبوهة مع إيران، وأخيرا تحالفهم مع تركيا للإضرار بمصالح مصر ودول الخليج.

ويكشف السفير محمد الشاذلي، سفير مصر السابق في السودان، لـ" العربية.نت" أن الاتفاق السابق بين نظام البشير وتركيا على تأجير جزيرة سواكن كان موجها في الأساس ضد مصر والسعودية، وبنظرة سريعة لبنوده نستطيع أن نستوعب ونفهم ذلك.

ويقول إن الاتفاق نص على تطوير تركيا للجزيرة التي يقع فيها ميناء ويرتاده الحجاج السودانيون في طريقهم لمكة لأداء الحج والعمرة، وكان يسمح بدخول الأتراك للمنطقة بدون تأشيرة مما يعني تسللهم إليها دون رقيب أو حسيب، ومن الممكن أن يكون هؤلاء المتسللون عناصر إرهابية يمكن استخدامها في المساس بأمن البحر الأحمر، مشيراً إلى أن الاتفاق نص كذلك على حق تركيا في بناء مرسى لاستخدام السفن المدنية والعسكرية ويجب أن نضع بجانب الأخيرة علامات استفهام كثيرة.

ويضيف أنه كان اتفاق آخر على إنشاء مجلس للتعاون الاستراتيجي وهو ما يعني تحالفاً استراتيجياً بين البلدين، ويعني بصورة أكبر تهديداً لمصالح مصر ودول المنطقة، وأن السودان يمكن أن يكون به قواعد تركية تكون موجهة ضد مصر والدول الخليجية.

رفض سوداني للتعامل مع دول تضر مصر والخليج

برحيل البشير كما يقول السفير المصري انتهت كل هذه التخوفات، فمن حق النظام الجديد إلغاء هذه الاتفاقيات، ويشجعه على ذلك المساندة العربية له، والتي تجلت في الدعم الكامل من السعودية والإمارات ومصر، فمثل هذه الاتفاقيات كانت عدائية وموجهة ضد الدول العربية وهو ما يصطدم مع عروبة السودان، مشيرا إلى أن النظام الجديد في الخرطوم أعلن صراحة عودته للصف العربي ورفضه الكامل للتعامل مع أي دولة تضر بمصالح الدول العربية.

الخلاصة حسب تصريحات السفير المصري السابق في السودان أن المجلس العسكري الانتقالي أعلن نيته وقف أي عدائيات ضد الدول العربية تنطلق من أراضيه، وهو ما يؤكد أن اتفاق البشير مع أردوغان بشأن سواكن بات في مهب الريح، وأن كيان البحر الأحمر وخليج عدن يمكن أن يمارس دوره وبقوة مستقبلا دون أن يعترض طريقه أي عقبات.