جرّبوا ففشلوا... فليتركوا أديب يعمل لعله ينجح!

جرّبوا ففشلوا... فليتركوا أديب يعمل لعله ينجح!
جرّبوا ففشلوا... فليتركوا أديب يعمل لعله ينجح!
على مدى سنوات طويلة فشلت الطبقة الحاكمة، من دون إستثناء، في إدارة البلد بعدما حوّلته إلى مزرعة. وعلى إمتداد هذه المساحة من الزمن كانت السلطة تنتج نفسها بنفسها، سواء بإنتخابات على أساس قوانين بالية أو قانون فُصّل على قياس أشخاص، أو من خلال التمديد لأنفسهم "ولمرّة واحدة"، حتى أصبحت هذه المرّة مرّات من دون أن يرف لأحد جفن واحد.  

لقد إختبرنا هذه الطبقة لسنوات ولم نلقَ منها سوى الأزمات التي تستولد أزمات أخرى حتى أصبح الوطن – المزرعة على شفير الإنهيار والإفلاس التام.   

إنهم الوجوه أنفسهم، وإن تغيرّت بعض الأسماء، لكن الأسلوب في الحكم وفي إدارة البلد بقيا على حالهما، ولم نلمس على مدى كل تلك السنوات أي تقدّم أو تغيير أو إصلاح في الأسلوب وفي النهج، فكان الفشل يجرّ فشلًا آخر، وهكذا دواليك حتى أصبح الوطن شبه وطن.  


أرادوا من خلال حكومة حسّان دياب أن يحكموا البلد بلون واحد فما كانت النتيجة؟ صفر إجازات، وصفر تقدّم في مسار التفاوض مع صندوق النقد الدولي، وتخبّط وإرتجال حلول لم توصل إلى أبعد من أنوف صانعيها.  

لقد فشلوا فشلًا ذريعًا ولم يعترفوا بالخسارة حتى حلّت كارثة المرفأ، وهي من صنع أيديهم. أتى ماكرون، مرّة وأثنتين، تكلّم وحذّر ولم يعوا ولم يفهموا. أعطاهم فرصة أخيرة فرفضوها. إستقال حسّان دياب، وقد قوبلت إستقالته بالإستحسان. وقبل أن يعود الرئيس الفرنسي، للمرّة الثانية، تم التوافق على إسم الدكتور مصطفى أديب، الذي تبنّاه تسعون نائبًا قالوا نعم للمبادرة الفرنسية.  

لم يستشر أديب الكتل النيابية، لأن "الطائف" لم يذكر أولًا، لا من قريب ولا من بعيد، أن على الرئيس المكّلف أن يستشيرهذه الكتل قبل المباشرة بعملية التأليف، وثانيًا لأن الرئيس المكّلف، الذي يعرف تمام المعرفة ماذا يريد، أراد أن تكون حكومته من أصحاب الكفاءات والإختصاص، وألاّ يكون فيها حزبيون أو قريبون من الأحزاب اللبنانية، وهو الذي رأى بأم العين إل أين قادت هذه الأحزاب البلاد.   

أراد أن تكون تشكيلته "غير شكل" فتصدّوا له بإسم الطائفية، وهم الذين يدّعون محاربتها. لم يجرِ إستشارات نيابية خارج إطار الدستور فألتفوا عليه. وكان أن أجرى رئيس الجمهورية هذه الإستشارات، خلافًا للدستور والأعراف، وتعدّيا صارخًا على صلاحيات الرئيس المكّلف المنوطة به وحده عملية التأليف، بالتشاور مع رئيس الجمهورية، الذي سيوقع معه مراسيم تاليف الحكومة، وقد أعطاه الدستور حق التوقيع وحق الرفض في حال عدم الموافقة على الصيغة، التي يرتأيها الرئيس المكّلف.  

بعض من أهل السلطة يرى في خطوة الرئيس عون الإستشارية موقفًا متقدّمًا بهدف تسهيل ولادة حكومة أديب، الذي لا يرى ما يراه الآخرون، وإن كانوا على خطأ، لأن التجارب السابقة مع الأحزاب لم توصل إلى اي مكان، بل أوصلت البلاد إلى حالة اللاوزن واللاعافية. 

لقد فشلوا مرّات ومرّات ولم يقتنعوا بعد بأن الأسلوب الذي حكموا من خلاله لم ينتج عنه سوى الخراب، وهم مستمرّون في النهج ذاته، ووقفوا في وجه الرئيس المكّلف الجديد، الذي أراد أن يقدّم للوطن صيغة جديدة في الحكم لا تشبه الصيغ القديمة، وبموقفهم هذا يضيّعون على البلد فرصة كان من الممكن أن تكون إنقاذية، ويدفعون بالرئيس أديب إمّا إلى الإعتكاف أو الإعتذار، مع ما يعني ذلك من إسقاط مفاعيل المبادرة الفرنسية، وقد تكون الفرصة الأخيرة أمام اللبنانيين للعبور من حال التشرذم والضياع إلى مرحلة جديدة تحمل في طياتها الأمل بالغد الآتي. 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى