هل يقترب لبنان من حكومة «يُبارِكُها» الحريري و… ينأى عنها؟ 

هل يقترب لبنان من حكومة «يُبارِكُها» الحريري و… ينأى عنها؟ 
هل يقترب لبنان من حكومة «يُبارِكُها» الحريري و… ينأى عنها؟ 

 

تَتَدافَعُ السيناريواتُ حول مآلِ الأزمة المتعدّدة البُعد التي يعيشها لبنان، وسط عدم بروز مؤشراتٍ إلى أن «ثورة 17 أكتوبر» سـ«تنطفئ» أو تنكفئ قبل تحقيق مَطالبها بدءاً من تشكيل حكومة من اختصاصيين مستقلّين تمهّد لانتخابات نيابية مبكّرة، في موازاة إصرارِ السلطة على تشكيلةٍ وزارية، بين معيارِ «التكنوقراط» وبين التمثيل السياسي ولو من «عيارٍ غير ثقيل».

وفيما ساد البلاد أمس ولليوم الثاني على التوالي، شلل شبه كامل في ظل استمرار قفْل المؤسسات التربوية ومضيّ نقابة موظفي المصارف في إضرابها، اتجّهت الأنظار إلى مساريْن متوازييْن:
* الأوّل ارتسام ملامح قرارٍ سياسي جديد بفتْح الطرق الرئيسية التي أعيد قفْلها ليل الثلاثاء بعد مقتل علاء أبو فخر في محلة خلدة (جنوب بيروت).

وتوقّفتْ أوساطٌ سياسية عند ما نُقل عن أوساط القصر الجمهوري، من أنّه «يجب فتح الطرق بشكل فوري لعودة العجلة الاقتصادية ومتابعة مطالب الحِراك»، وتأكيد وزير الدفاع في الحكومة المستقيلة الياس بو صعب بعد زيارته رئيس البرلمان نبيه بري، أن ما حصل في جل الديب ومحاولة متظاهرين بناء جدار داخل نفق نهر الكلب (بالتوازي مع محاولة مماثلة على الاوتوستراد في حارة الناعمة جنوب بيروت) «ذكّرنا بالحرب الاهلية» في العام 1975، مشيراً إلى ان «هذا أمر خطير»، ولا يمكن للاجهزة الامنية «مراعاة اي شخص يذهب بتفكيره الى هذه المرحلة الاليمة».

وفيما كانت عمليات فتْح الطرق من الجيش تشهد كراً وفراً في أكثر من منطقة وسط مواجهات محدودة (كما في سعدنايل – تعلبايا بقاعاً)، لاحظت هذه الأوساط أن السلطة انتقلتْ إلى مرحلة أشد حزماً في التعاطي مع المتظاهرين، مثل توقيف خلدون جابر على طريق القصر الجمهوري (مساء الاربعاء) حتى يوم أمس، وصولاً إلى توقيفات (لساعاتٍ) لعدد من المنتفضين في أكثر من منطقة بينها جل الديب، الأمر الذي اعتُبر «رسالةً» برسم المرحلة المقبلة استوقفتْ كثيرين وذلك من خلف «زنار الحزن» والغضب الذي لفّ منطقة الشويفات وجوارها مع تشييع علاء أبو فخر الحاشد في حضورٍ حزبي لقيادة «التقدمي الاشتراكي» (يتزعمه وليد جنبلاط)، قبل أن تشهد ساحتا الشهداء ورياض الصلح في بيروت مساءً «زفّة الوداع» لـ«شهيد الثورة» الذي ارتفعت صورة عملاقة له في وسط العاصمة اللبنانية.

* أما المسار الثاني فسياسي ويرْمي إلى بلوغ تَفاهُم حول الحكومة الجديدة تحت سقف التلازم بين التكليف (لرئيس الوزراء) والتأليف (للحكومة)، ومعادلةٍ واضحة باتت تحكم هذا الملف بالنسبة إلى الرئيس المستقيل سعد الحريري وقوامها: إذا قرّرتْ القوى السياسية السير بحكومة اختصاصيين فالحريري مستعدّ لترؤسها باعتبار أنها تلاقي مطالب الشارع ويمكنها انتشال البلاد من المأزق المالي – الاقتصادي، وإذا رفضتْ هذه القوى صيغة التكنوقراط فهو مستعدّ لتسهيل الأمور برئيسٍ مؤهَّل «وخلاف ذلك يعود للاكثرية النيابية لأن تقرّر».

وبدا واضحاً أمس تَقَدُّم خيار الحكومة التكنو – سياسية نتيجة تَصَلُّب تحالف الرئيس ميشال عون – «حزب الله» حيال حكومة الاختصاصيين المستقلين، وسط ضخّ معلومات عن أن مشاورات تجري حول شخصية رئيس الحكومة الجديد، وأن الحريري مستعدّ لتسهيل التوافق على شخصية تكون مؤهّلة لمواجهة تحديات المرحلة اقتصادياً على قاعدة «أنّ رئاسة الحكومة ليس موقعاً تقنياً أو إدارياً بل ركن من أركان النظام السياسي والحريري يبني مقاربته على هذا الأساس».

يأتي ذلك في موازاة إشاراتٍ إلى عملية «شدّ حبال» ما زالت دائرة على تخوم هذا السيناريو عبّرت عنها التقارير عن أن الحريري سلّم لائحة من 6 أسماء يوافق عليها لترؤس الحكومة وما نُقل عن مصادره من أن «الكلام عن أن الآخَرين ينتظرون جواباً منه على أسماء مقترحة غير صحيح مطلقاً، لان كل أجوبته أصبحت في عهدة المعنيين بالمشاورات»، وأن القول «إن بعبدا وغيرها تنتظر جواب الحريري على وليد علم الدين (عضو سابق في لجنة الرقابة على المصارف) محاولة لرمي الكرة في ملعب الحريري، وهو إيحاء غير صحيح، وجميع المعنيين الذين يشاركون بالمشاورات يعرفون جيداً موقف الحريري ورأيه بمروحة الأسماء التي طرحها وجرى التداول فيها بما في ذلك اسم علم الدين».

وإذ لم تُسْقِط الأوساط السياسية من حساباتها بالكامل أن يُفْضي مخاض المفاوضات، الذي لا يرجَّح معه تحديد موعد للاستشارات النيابية لتكليف رئيس الحكومة قبل الأسبوع المقبل، إلى العودة لخياراتٍ تبدو الآن مستبعَدة او عصية، فهي طرحتْ علامات استفهام حول المدى الذي سيبلغه الحريري في أي تغطيةٍ لحكومة تكنو – سياسية بلا أسماء مستفزة، وهل سيكتفي بتغطية رئيس الوزراء الجديد أو أن تياره السياسي (المستقبل) سيكون جزءاً من الحكومة مع ما قد يحمله ذلك من مخاطر سياسية وشعبية عليه، أم أنه سيختار انطلاقاً من ذلك التكافل والتضامن مع حزبيْ «التقدمي» و«القوات اللبنانية» اللذين كانا أكدا عدم المشاركة في أي حكومةٍ في المرحلة الحالية.

وكان عون أعلن أمس «أن الاتصالات في سبيل تشكيل حكومة جديدة قطعت شوطاً بعيداً، معرباً عن أمله في إمكانية ولادة الحكومة خلال الايام المقبلة بعد إزالة العقبات أمام التكليف والتأليف.
وشدد على ان «المطالب التي رفعها المعتصمون في الساحات هي موضع متابعة وستكون من اول اهداف الحكومة العتيدة».

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى