زار شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى، المؤسسة الصحية للطائفة الدرزية في عين وزين، على رأس وفد من المشايخ واعضاء في المجلس المذهبي، وكان في استقباله وزير التربية والتعليم العالي رئيس مجلس أمناء المؤسسة القاضي عباس الحلبي وأعضاء من المجلس، المدير العام لمؤسسة الدكتور زهير العماد، مجلس المديرين، رؤساء الدوائر والوحدات الطبية والإدارية والتمريضية وموظفين، وكان لقاء جامع في قاعة المؤسسة المنشأة حديثا.
وألقى العماد كلمة ترحيبية بشيخ العقل والوفد المرافق، مقدما عرضا عن المؤسسة ونشاط المستشفى الطبي لا سيما خلال فترة تفشي وباء كورونا.
كما كانت كلمة للوزير الحلبي رحب في مستهلها “بسماحته في المؤسسة التي شكلت على مدى 30 سنة الماضية ولا تزال القاعدة الأساسية للخدمات الطبية المقدمة لأبناء منطقة الجبل ومناطق الجوار، دون أي تفرقة مناطقية أو اجتماعية أو طائفية. وقد عملت منذ تأسيسها على تقديم العناية اللازمة لمن هم بحاجة، لا سيما خلال تفشي جارحة كورونا”. متوجها بالشكر من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط “الذي كان ولا يزال الحاضن والمساهم في إنجاح مسيرة المؤسسة”.
وتناول الحلبي موضوع التبرعات الواردة إلى المؤسسة “التي استلمتها وتعاملت معها بشفافية مطلقة، وفق القواعد المحاسبية والحكومة وكلها خضعت للتدقيق الداخلي والخارجي”، متوجها “بالشكر الى جميع الذين تبرعوا وساعدوا كي يستطيع الفريق الطبي والتمريضي والتقني والإداري القيام بمهامه على أكمل وجه، لا سيما في الفترة الصعبة”، مؤكدا أن “المؤسسة التي أنشأها سماحة الشيخ المرحوم الشيخ محمد أبو شقرا تتبع كافة قواعد الشفافية”، متمنيا لشيخ العقل “النجاح والتوفيق في مهامه، كي يستطيع بحكمته ودرايته توحيد الكلمة ومتابعة القضايا المختلفة”.
وألقى شيخ العقل كلمة بالمناسبة شدد فيها على “أهمية الدور الذي لعبته المؤسسة على مدى السنوات الماضية بشكل عام، وخلال جائحة كورونا بشكل خاص سواء في منطقتنا أو في المناطق المجاورة”، مستذكرا “الجهود التي بذلها سماحة شيخ العقل المرحوم الشيخ محمد أبو شقرا لإنشاء المؤسسة ومؤسسات أخرى بالتعاون مع الخيرين آنذاك بهدف التخفيف عن أهلنا، فكان رجل المؤسسات”، موضحا أنه “سيكمل المسيرة في الاهتمام بشؤون الطائفة والمؤسسات شاكرا ثقة المجلس المذهبي والمشايخ الأفاضل والخيرين، بالرغم من صعوبة المرحلة التي قد تؤخر الإقدام على القيام بمشاريع جديدة”.
ونوه بالمستشفى التي كانت “مثالا أعلى لما يمكن القيام به، بإنجازاتها الواسعة على امتداد الجبل والوطن، فاستحقت التقدير والاحترام، لأن ما قدمته كان كبيرا وعلى مستوى التحديات. أما الحملات التي تتعرض لها المؤسسة فهي مسيئة خاصة أنها موجهة إلى مؤسسة رائدة تلبي احتياجات المنطقة وتستأهل كل الدعم، وتعمل بوحي من الضمير وبرؤية واضحة وبارادة صلبة”.
وتوجه سماحته “بالشكر من فريق العمل الطبي والتمريضي والتقني والإداري على جهودهم المبذولة”، داعيا “بالنجاح والتوفيق في كافة المهام التي يقومون بها بتوجيه من مجلس الأمناء والإدارة الحكيمة”.
وكان شيخ العقل زار والوفد المرافق مؤسسة العرفان التوحيدية في السمقانية، حيث استقبله رئيسها الشيخ نزيه رافع والهيئتان الادارية والوظيفية في المدارس ومركز العرفان الطبي، بحضور قاضي المذهب الدرزي الشيخ غاندي مكارم، وامين سر لجنة اصدقاء المؤسسة الشيخ وجدي ابو حمزة.
وبعد ترحيب من مدير ثانوية العرفان عفيف راسبيه، ألقى الشيخ رافع كلمة اشار فيها الى “المسيرة الطويلة مع سماحته منذ تأسيس العرفان ودوره الفعال في مواكبة العرفان والانجازات التي تحققت”، قائلا “ان العرفان الى جانبكم وهي داعمة لمؤسسة مشيخة العقل”، معلنا عن “احتفال مركزي يقام في 7 ايار المقبل، بمناسبة اليوبيل الذهبي للمؤسسة واطلاق جملة مشاريع تطويرية، منها: اطلاق مؤسسة في الامارات العربية المتحدة، مشاريع التربية الانسانية للمغتربين، التعليم عن بعد، مؤتمر تربوي، المكتبة الالكترونية، دمج التعليم المهني بالأكاديمي، منصة خاصة للتدريس”.
وألقى الشيخ أبي المنى كلمة قال فيها: “من الصعوبة التفريق بين مشيخة العقل والعرفان هذا الصرح الذي بنيناه معا مدماكا ونبضة نبضة، فكانت العرفان مدرسة لنا للتعليم والتعلم، وكنا دائما أسرة واحدة، وادارة ناجحة مع الشيخ علي زين الدين ورئيس المؤسسة الحالي الشيخ نزيه رافع الذي هو نبض هذا الصرح، وحملنا معا باعتزاز رسالة العرفان بمباركة مشايخنا الاجلاء وخصوصا المرحوم الشيخ الجليل ابو محمد جواد ولي الدين وبرعاية الاستاذ وليد جنبلاط الداعم ابدا للمؤسسة، وسرنا بهذا التكامل العرفان في المسارات التربوية والاجتماعية والوطنية والفعليات والمنتديات الثقافية والادبية والفكرية، انطلاقا من تلك البذرة الصالحة يوم غرسها المشايخ الاجلاء والزعيم كمال جنبلاط وتابعها الوليد، وما المشاريع التطويرية الحديثة الا من تلك الثورة العرفانية الدائمة لأجل الافضل والاستمرار بالنهج ذاته”.
وأضاف: “أما ما تفضلتم به حيال الاستحقاق الوطني المقبل فهو ما نؤكده معكم بواجب المشاركة الكثيفة في الانتخابات باعتبارها واجبا دستوريا وحقا لكل مواطن في التعبير عن رأيه وقراره، ومن المؤسف تخلي الانسان عن واجبه خصوصا في هكذا حال، خصوصا عندما يتعلق الامر بوجودنا وحضورنا على المستوى الوطني العام، حيث لم تعتد طائفتنا المعروفية الكريمة الانكفاء، بل شكلت صمودا دائما في مواجهة التحديات، وهي متحصنة بقيادة المختارة الواعية والمدركة لحجم تلك التحديات، ومن طبيعة اهل الوفاء ان يكونوا دائما اوفياء”.
وختم أبي المنى: “ان العرفان ملاذ للتربية والفكر والتطور وتربية الاجيال، على امل النجاح دائما ونحن الى جانب هذه المؤسسة في ثورتها العلمية المستمرة”.
بعد ذلك زار شيخ العقل والوفد المرافق من المشايخ بلدة بريح الشوف حيث قصد اولا خلواتها الدينية وكان في استقباله مشايخ البلدة وعدد من المشايخ والفاعليات الروحية من قرى الجوار والمنطقة، واختتمت الزيارة بلقاء موسع وعام في دار البلدة بمشاركة كاهن الرعية المارونية الاب ايلي كيوان، وفاعليات البلدة ومجلسيها البلدي والاختياري والمؤسسات.
وألقيت بالمناسبة كلمات لكل من الشيخ زاهي توفيق جاسر باسم أهالي بريح ورئيس البلدية صبحي لحود، مرحبين به وشاكرين له زيارته “المقدرة الى البلدة بما يعزز الامل بالاستمرار على نهج التعاون القائم، والتمسك بالارض”.
كما ألقى الاب كيوان كلمة ناقلا تحيات المطران مارون العمار لشيخ العقل والحضور، ومشددا على تلك “اللحمة الوطنية والاخوية التي تتميز بها البلدة، والتي نعمل على تعزيزها من خلال رسالتنا الايمانية والروحية والانسانية والمصالحة الوطنية الكبرى برعاية مثلث الرحمات غبطة البطريرك نصر الله صفير والزعيم الاستاذ وليد بك جنبلاط الساهر دوما على امن هذا الجبل واستقراره”.
وتحدث رئيس لقاء ابناء الجبل – رئيس لجنة التواصل والعلاقات العامة في المجلس المذهبي رئيس الاركان السابق اللواء المتقاعد شوقي المصري، مؤكدا “نهج اللقاء الداعي الى تعزيز اواصر المحبة والعيش المشترك والتلاقي بين اطياف الجبل وعائلاته الروحية، تأكيدا على المصالحة بين البطريرك صفير والزعيم وليد جنبلاط الوطنية والمحافظة عليها والاستفادة من عبر الماضي، ورسالة هذه المنطقة في عيش المصير الواحد لاجل حاضرها ومستقبل الاجيال فيها”، ومشددا على “تعاون جميع المخلصين لا سيما القوى السيادية من اجل الحفاظ على هذا الوطن وسلامة مؤسساته وكيانه وابنائه، ومبادئ الحرية والاستقلال التي يتميز بهما”.
وبعد عرض مقطعين مسجلين لشيخ العقل احدهما قصيدة في تكريم المطران رولان ابو جودة في بيروت، والثاني جزءا من كلمة القاها في ابو ظبي بمناسبة لقاء حوار الاديان عام 2018، تحدث الشيخ ابي المنى قائلا: “تحية إلى بريح، بلدة التضامن الروحي والمحبة والأخوّة، بلدة التعالي على الجراح، بلدة التلاقي والانفتاح، بريح المصالحة والعيش معا والنموذج الشاهد على وحدة الجبل وعلى غنى التنوّع واحترام الدين والشراكة الاجتماعية والوطنية. ومن بريح تحية إلى الشوف من أقصاه إلى أقصاه، وإلى الجبل بكل قممه الراسخة وأرزه الشامخ وجنائنه الرائعة. أحييكم من موقع مشيخة العقل، كما حييتكم دائما من موقعي في العرفان وفي مواقع الثقافة والحوار”.
واضاف: “لقد حملنا بقناعة وثقة رسالة المحبة المسيحية والأخوة التوحيدية الإنسانية منذ أن انخرطنا في مهمة الحوار والتلاقي الروحي والوطني، فرسمنا رؤية الموحدين الدروز في إطار الحوار الإسلامي المسيحي، كما تشاركنا في رسم رؤية الدينية والوطنية والإنسانية العامة، لتكون عنوان لبنان الرسالة. وها نحن اليوم نتابع حمل هذه الرسالة في مشيخة العقل ونلتقي على مستوى الرئاسات الروحية لنؤكد أن الدين يجمع ولا يفرق، وأن روح الأديان واحدة إذ هي سبيل لتحقيق إنسانية الإنسان، وليست غاية بحد ذاتها، وأن التضامن الروحي سبيل لتحقيق السلام في العالم، والسلام يبدأ من داخل الإنسان ومن داخل كل عائلة روحية ومن داخل الأوطان ومن رحم التنوع”.
وتابع: “الأديان تتلاقى على القيم المشتركة، وهي كثيرة وغنية. الأديان لم تتناقض في تعاليمها ورسالتها القيمية، لكنها اختلفت في تفسيرها اللاهوتي وفي طقوسها، أما القيم فهي هي، والفضائل الإنسانية واحدة وهي سبيل ارتقاء الإنسان من أي عائلة روحية كان وفي أي مجتمع. أما العيش المشترك، أو العيش الواحد، أو العيش معا، فهو ثمرة هذا الفهم وهذا الحوار وهذه التربية على القيم والفضائل”.
وأردف: “مهما واجهتنا التحديات والصعوبات والتجاذبات السياسية المحلية والإقليمية والعالمية فإننا ثابتون في شراكتنا ومصالحتنا وتمسكنا بثوابتنا الروحية والوطنية والاجتماعية، وحريصون مع كل استحقاق ومنعطف أن نواجه التطرف بالاعتدال، والتعصب بالانفتاح، ومحاولات الهيمنة على قرار الجبل بالثبات والإصرار على حفظ الأمانة الوطنية والتجذر في الأرض والتاريخ والتطلع إلى المستقبل بعين الأمل والرجاء وبإرادة النهوض والتقدم. فما كان الجبل إلا قلب لبنان، منذ أن استوطن أجدادنا في رحابه وعمروه حجرا حجرا، ومدماكا فوق مدماك، ليكون صمام الأمان للبنان الرسالة، وواحة المحبة في محيطه العربي، وصلة الوصل اللاحمة بين الشرق والغرب: إذا سلم الجبل سلم لبنان وإذا نزف الجبل نزف الوطن”.
وختم أبي المنى: “رجاؤنا ونداؤنا ورسالتنا لكم ولكل أبناء الجبل أن نحافظ عليه قلبا نابضا بالمحبة والأخوة، ليكون دائما قلب لبنان السليم ووجهه السمح وجبينه العالي الذي لا ينحني إلا للحق”.
وكان شيخ العقل تلقى اتصالا من النائب المستقيل مروان حمادة “مقدرا له حضوره الاجتماعي وسعيه الدائم لجمع ابناء الجبل بكل طوائفهم ومذاهبهم”.