جاء في “المركزيّة”:
خمس سنوات تفصل بين الزيارة الأولى التي قام بها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى الفاتيكان في بداية تسلمه مهام الرئاسة عام 2017، والثانية التي ستحصل بعد يومين، على بعد أشهر من ختام عهد مليء بالأزمات المتلاحقة التي عصفت بلبنان. فالرئيس عون رغب في لقاء البابا فرنسيس وجهاً لوجه، ليضع بين يديه هواجسه ويبحث معه الأوضاع المحلية والاقليمية، ويشكره على اهتمامه الدائم بلبنان وتخصيصه يوما للصلاة من أجله، كما لإيفاده وزير خارجية الفاتيكان المونسنيور بول ريتشارد غالاغر للاطلاع عن كثب على الاوضاع المأسوية التي تحلّ بوطن الأرز الذي يكنّ له البابا كل محبة واحترام ويخطط لزيارته في أقرب فرصة ممكنة.
المدير التّنفيذي لـ”ملتقى التأثير المدني” زياد الصّائغ” يعتبر أنّ الفاتيكان ثابِت في مواقفه من القضيّة اللّبنانيّة، والبابا فرنسيس عبّر بشكل صريح عن أنّ هويّة لبنان في خطر، وثمّة انقضاض على صيغته الحضاريّة، وبالتّالي هذا اتّهام مباشر للمنظومة السّياسيّة حاكِماً ومُتحكّماً، ولا إمكان لتسويق تعمية عن هذه الثّوابت”.
وإذ يربأ الصّائغ الانسياق لمنطق أنّ في “الفاتيكان خوفاً على المسيحيّين، وأنّ ثمّة استنفاراً لإنقاذهم من منطلق الخوف والتخويف، واستنفار العصبيّات، واستدعاء الحمايات” يضيف: “الفاتيكان يُدافع عن صيغة العيش معاً في لبنان، واستنفاره قائمٌ فقط في أنّه معنيّ بموجب أخلاقيّ لحماية النّموذج اللّبنانيّ في الحرّية، وحقوق الإنسان، والدّيمقراطيّة، والتّنوّع، والعدالة، والسّلام، والإبداع، وبالتّالي كلّ هذه القيم تنتمي إلى ثقافة الحياة حيث لا خوف، ولا تخويف بل رجاءٌ لا ينقطع”.
وعن زيارة رئيس الجمهوريّة يقول الصّائغ: “قد تكون أملَتها ضروراتٌ بروتوكوليّة وداعيّة في استهلال نهاية العهد الرّئاسيّ، او ربّما محاولة تعويم خيارات كارثيّة واضحة المعالِم حكمت تجربة كلّ المرحلة السّابقة، لكن في كلّ الأحوال يجب التنبّه إلى أنّ الفاتيكان لا ينظر إلى المسيحيّين في لبنان كأقليّة، وهو ضدّ مسار حلف الأقليّات، وهو داعِم للدّستور، ولانتماء لبنان للأسرة العربيّة، وللمجتمع الدّولي، ولحياده عن الصّراعات الإقليميّة والدّوليّة، وهو مع تطبيق قرارات الأمم المتّحدة، ومع تحقيق العدالة، ويرفض التّدمير المنهجيّ للمؤسّسات اللّبنانيّة في القطاع العام والخاصّ، ويرفض تقييد حرّيات المجتمع المدنيّ. ولنعُد إلى خطاب السّفير البابويّ عميد السّلك الدّبلوماسيّ منذ شهرين في قصر بعبدا، وكان عالي السّقف. من هنا لا بدّ من فَهم طبيعة ما سيسمعه الرّئيس عون في الفاتيكان، عدا موجب إنجاز الاستحقاق الإنتخابي النّيابي كما الرّئاسي في مواعيدهما دون مغامرات انتحاريّة، ورفض أي تعديل لصيغة النّظام بالمثالثة وغيرها كما يحلو للبعض بفوائض القوّة التّسويق”.
وفي تعليق على سؤال إن كان الفاتيكان يُبارك ما يُسمّى بالرّئيس القويّ يقول الصّائغ: “القوّة حكمة الدّستور، وسيادة القانون، ودولة الحقّ. عدا ذلك نحرٌ، وانتحار، وانقلابٌ على ثوابت لبنان التّاريخيّة، وهذا موقّت سينتهي”.