أسبوع مر على حادثة قبرشمون اختلط فيه حابل التهدئة بنابل التصعيد السياسي ووابل القذائف التي أصابت في الحكومة مقتلا كان تأجيل الجلسة الحكومية الأخيرة أول مظاهرها. لكن، في كل هذا الكباش المستعر، خصوصا على خط المختارة- ميرنا الشالوحي، تبدو مصالحة الجبل الثابتة الوحيدة، وإن كانت حادثة قبرشمون أعادت إلى الذاكرة السياسية بعض المشاهد التي من شأنها أن تطرح تساؤلات حول قدرة هذا الاتفاق على الصمود في وجه عواصف سياسية وكلامية كتلك التي لفحت الجبل أخيرا.
وفي قراءة لأبعاد هذا المشهد، تشير مصادر سياسية مراقبة عبر “المركزية” إلى أن “لا مصلحة لأحد، بمن فيهم التيار “الوطني الحر”، في الركون إلى استراتيجية قائمة على الإجهاز المركّز على المصالحة، وإن كان شريط الأحداث التي سجلها المعقل الجنبلاطي الأول، أي الشوف وعاليه، يفيد بأن أطراف المصالحة المسيحية- الدرزية، التي أرساها البطريرك الراحل الكاردينال نصرالله صفير مع الزعيم “الاشتراكي” وليد جنبلاط يخوضون مواجهة سياسية مفتوحة مع خصومهم الدائرين في الفلك المؤيد لـ”حزب الله”. بدليل أن المختارة خاضت معركة طويلة لتمد نفسها بتمثيل حكومي يناسب الزعامة التاريخية لآل جنبلاط في الجبل، والتي تحولت قاعدة لم تشذ عنها نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة، علما أن التحالف الذي قام بين التيار العوني والحزب “الديموقراطي اللبناني” نجح في اختراق “المعقل الجنبلاطي الأهم” بأربعة مقاعد نيابية يشغل أحدها أرسلان نفسه الذي عاد إلى البرلمان من باب مقعد شاغر تركه جنبلاط على لائحته غير المكتملة”.
وفي السياق نفسه، تلفت المصادر إلى أن “المختارة التي قفزت مرارا فوق السهام التي أطلقها التيار “الوطني الحر” ورئيسه جبران باسيل في اتجاه مصالحة الجبل من الشوف تحديدا (حيث كانت له مواقف انتقد فيها العودة السياسية المسيحية الناقصة إلى الجبل غامزا من قناة حقوق المسيحيين)، بادرت إلى اتخاذ خطوات من شأنها أن تمتص النقمة التي خلّفتها حوادث قبرشمون الأخيرة”.
وفي هذا الإطار، تدرج المصادر الجولة المكوكية التي قادت الحزب “الاشتراكي” إلى “لقاء أركان الأحزاب المسيحية المعنية بمصالحة الجبل، على رأسها “الكتائب” و:القوات” علما أن القيادة الاشتراكية اختارت بكركي محطة لإنطلاق هذه الجولة في خطوة تحمل الكثير من الرمزية والدلالات”، مشيرة إلى أن “البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي تلقف الإشارة الإيجابية من المختارة إلى بكركي، فجدد تأكيد تمسك البطريركية المارونية بالمصالحة المسيحية- الدرزية”، ذاهبا إلى حد وصفها بالـ “كنز” الذي لا نتخلى عنه”.
وفي ما يمكن اعتباره زيادة في إيجابيات التمسك يالمصالحة، تلفت المصادر إلى أن “في وقت أوعز الزعيم الجنبلاطي إلى كوادر الحزب “التقدمي الاشتراكي” بالمشاركة في القداديس في الجبل الأحد، بدا وزير الصناعة وائل بو فاعور شديد الحرص على تصويب بوصلة الكباش السياسي الذي فجرته حادثة الجبل، فلفت إلى أن “الصراع ليس مسيحيا-درزيا”، في ما تفسره المصادر “محاولة واضحة لمنع المصطادين في الماء العكر من العزف على وتر انهيار المصالحة، لاقاه إليها رئيس “الكتائب” النائب سامي الجميل الذي اعترف بأن “أحدا لم يقصر في حق الآخر” في مرحلة الحرب الأهلية، مصنفا خطوة المصالحة في خانة القرارات “الشجاعة” ومشددا على طابعها الاستراتيحي”.
غير أن المصادر تختم محذرة من “مغبة الاستمرار في النوم على حرير المواقف المتمسكة بالمصالحة، وإنما العمل الجدي على تحصينها كونها كما وصفها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي “كنزا” يجب الحفاظ عليه”.
أخبار متعلقة :