وألقيت خلال المؤتمر كلمتان للمحامي رامي علّيق والمحامية سينتيا الحموي، أبرز ما جاء فيهما:
حموي:
2750" طن من الأمونيوم انفجرت في العنبر رقم 12 في مرفأ بيروت، بعد أن كانت بركاناً خامداً موجوداً هناك منذ عام 2014، أودى بحياة أكثر من 160 شخصاً وجرح أكثر من 6000 شخصاً من مختلف الجنسيات، وأكثر من 300,000 ألف شخص أضحى بلا مأوى نتيجة تدمير منزله.
كل جهة سياسية مسؤولة ترمي الكرة إلى الجهة الأخرى بحجّة اللّا صفة واللاصلاحية للتدخّل.
طوال هذه المدة، لم يتحرّك أي من رئيس الحكومة تصريف الأعمال الحالي ورؤساء الحكومة السابقين ووزراء الأشغال والمالية وقائد الجيش ومدير عام الأمن العام ومدير عام مخابرات الجيش ومدير عام أمن الدولة ومدير عام الجمارك ومدير مرفأ بيروت، والقضاة المعنيين بهذا الملف وعلى رأسهم مدعي عام التمييزي ومفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية وغيرهم ولم يقوموا بأي إجراء أو تدبير للاستفسار حول مصير هذه المواد وما إذا كانت لاتزال موجودة أم لا، على الرغم من المراسلات الحاصلة فيما بينهم بالنسبة لهذه المواد وإدراكهم التام لمدى خطورتها كونها مواد قابلة للانفجار بأي لحظة، ولا حتى اتخاذ أي قرار بتعيين خبير متفجرات للكشف على المواد وما اذا كانت مخزنة بشكل آمن.
نحن نسعى دائماً لإظهار الحق ومساندة القضاء في تحقيق العدالة بأي وسيلة شرعية كانت، لأننا على يقين بأننا رغم كل الفساد الذي ينخر بالدولة نؤمن بأن هناك قضاة نزيهين ذوي ضمير صاحٍ يقومون بواجباتهم على أكمل وجه، وكلّنا أمل بهذه الفئة من القضاة، هذا بالإضافة إلى أملنا بالمجلس العدلي كونه المرجع المختص للنظر بمثل هذه الجرائم والقيام بالتحقيق اللازم بهدف إظهار الحقيقة وإحقاق الحق".
علّيق:
من جهته قال المحامي علّيق "إن الإنفجار- الكارثة الذي حصل لا يتعلق ببيروت وما أصابها من ضرر فحسب، بل هو يتعلق بمصير وطن برمّته قد تآكل نتيجة وباء الفساد الذي أصاب كل كبيرة وصغيرة فيه، مخلّفاً وراءه مواطنين باتوا في مهب الريح لا يعرفون طعماً للأمان ولأي حماية هي بالدرجة الأولى واجب الدولة تجاههم. فمهمة المسؤولين في الدولة الأولى هي حماية الناس والدفاع عن مصالحهم تجاه أي شيء يهدد أمنهم وأمانهم. ومن هنا وأمام هول الفاجعة وحجمها وملابساتها وبعدها الأمني والإجتماعي والإقتصادي، وانطلاقاً من هذا الواجب الملقى على عاتق المسؤولين في الدولة، تبدأ المسؤولية الفعلية من رأس الهرم فيها لتنتهي بالقيّمين مباشرة على منشآتها الحيوية من مرفأ وسواه، وليس العكس، أي البدء بصغار الموظفين والانتهاء بالمسؤولين المباشرين عنهم دون الوصول إلى من بيدهم السلطة الفعلية والصلاحيات والقرار، أي من بيدهم إصدار الأوامر أو حجبها.
وعليه وبكل تجرد وإخلاص ليمين رسالة المحاماة والدفاع عن الحق والعدل، كانت هذه الدعوى القضائية وما تضمنته من تبيان للحقائق وتحميل للمسؤوليات على نحو يحاكي الواقع والقانون، ويعبّر خير تعبير عن حقيقة ما يجري التداول به وفق معطيات باتت ثابتة، إن لوجود تواطؤ بين المسؤولين المباشرين وغير المباشرين عما حصل أو نتيجة إهمال لا بل استنكاف واضح عن تحمل المسؤولية الواقعة على المرتكبين المدعى عليهم وكل من يظهره التحقيق متورطاً.
وعلى هذا الأساس، ومن دون أي اعتبار آخر أياً يكن، انبرى محامو متحدون وبكل مسؤولية إلى قول كلمة حق لم يتجرأ على قولها وترجمتها بالفعل أحد حتى الآن، مكتفين بالتلميح والمواربة وكأن ثقافة ’اللفلفة‘ على الطريقة اللبنانية قد باتت تراثاً وقدراً.
وفي هذا السياق يهمنا أيضاً أن نؤكد بأن هذه الخطوة أتت للمساهمة في تعزيز حس المحاسبة المفقود لدى اللبنانيين، الأمر الذي أدى أساساً إلى تمادي الفساد، وفي توثيق ما أصابهم من ضرر تمهيداً للمطالبة بمحاكمة ومحاسبة المسببين له إن على يد القضاء الوطني، وهذا ما نفضله، أم على يد أي قضاء آخر، فالحقيقة والعدالة يتعديان في أهميتهما الإعتبارات الشكلية أو الصلاحيات المتاحة للوصول إليهما، كي لا نقتل الضحايا ونجرح المصابين مرتين.
أما وقد انقضت مهلة الخمسة أيام ولا نتيجة أولية أو ملموسة من التحقيقات، كما هي الحال دائماً، للأسف، في وقت أصبحت القضية أمام المجلس العدلي، وهي خطوة تُشكر عليها الحكومة الراحلة، ما يعطي الفرصة الأخيرة للقضاء اللبناني لـ ’يكون أو لا يكون‘، ما نضعه برسم رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود كي ’ينجز‘ أو ’يتنحى‘.
في النهاية، فإن القصة أكبر من تفاصيل شحنة الأمونيوم أو غيره مما كان موجوداً إلى جانبها. هي قصة شعب ضحية يستعمل كدروع بشرية في نزاع لم يختره، في جريمة مروعة تخطت في بعدها الإنساني حدود الوطن، ورغم ذلك لم تتم إقالة أي أحد حتى الساعة من قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية بالدرجة الأولى، وهذا محط أقصى درجات الإستهجان.
ونقول ختاماً بأننا لسنا في صدد أي اتهام سياسي يأخذ البلد من دفة إلى أخرى، بل نعمل وفق منطق قانوني معزز بالأدلة نواجه به أرباب الفساد الذين ساوموا على أمننا ومصالحنا، وسنلاحقهم حتى النفس الأخير أينما نستطيع. فإن لم يكن لدينا قضاء مستقل ومحاسبة حقيقية، ومن هنا تبدأ مكافحة الفساد وبناء وطن ولا جدوى من أي سبيل آخر".
أخبار متعلقة :