قبل أيام، اتخذ مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، قراراً بتعيين مجلس إداري جديد لأوقاف جبل لبنان برئاسة مفتي جبل لبنان الشيخ محمد علي الجوزو، في ولاية تبدأ من 8/7/2020 وتنتهي في 7/7/2021. الخطوةُ هذه جاءت عقب قرار اتخذه دريان لإقالة المجلس القديم الذي قضى بتشكيل مجلس جديد، وهو الأمر الذي أثار جدلاً واسعاً وبلبلة لا سيما في إفتاء جبل لبنان، وتحديداً لدى المفتي الجوزو.
تشير مصادر "لبنان24" إلى أنّ "قرار المفتي دريان بتشكيل مجلس إداري جديد، أثار حفيظة مفتي جبل لبنان، الذي اعتبرَ أن الأمر بمثابة تخطّ وطعنة له، إذ جرى تشكيل مجلس جديد من دون أي سابق إنذار، كما أنّ أعضاء المجلس الذي جرى حلّه لم يتبلغوا أبداً أي قرارٍ باستبدالهم، وقد علموا بذلك عن طريق الصدفة". المصادر تؤكد أنّ "الأسباب المُوجبة بهذا الشأن غير معروفة، والبعض يربُطها بخطوة تتعلق بحراك يستهدف المفتي الجوزو بشكل خاص".
إقصاء للجوزو
ما يُقال في الأوساط المعنيّة بالملف والشاهدة على "التململ" القائم، يقاطعه كلام مفتي جبل لبنان، الذي أكّد لـ"لبنان24" أنّ "القضية تسلك إطار الحل، ولا مشاكل موجودة". ومع هذا، توضح المصادر المتابعة أنّ "الجوزو لا يريدُ توسعة الخلاف بهذا الشأن، والتواصل قائم بينه وبين المفتي دريان، والاتصالات جارية لحلحلة الأمور، أقلّه لتجنيب دار افتاء جبل لبنان والأوقاف أي تعقيدات".
وقانوناً، فإنّ المجلس الإداري للأوقاف يجري انتخابه مرّة كل 4 سنوات، مع العلم أنّ المجلس الذي تمّ حلُّه، جرى التمديد له لمدّة عامٍ كامل لظروف استثنائية، والمفترض لتشكيل مجلس جديد هو إجراء انتخابات. إلا أنه على صعيدِ الأسماء الجديدة، فقد تحدثت المصادر عن "لون سياسي واحد" طغى عليها بقوّة، إذ أنّ أغلبها ينضوي تحت لواء "تيار المستقبل"، كما أنّ العديد منهم هم من نفس البلدة وهي شحيم - إقليم الخروب، وهذا ما طرح تساؤلات عديدة لناحية الإتيان بمفتي جديد منها خلال إنتخابات مفتي جبل لبنان بدلاً من الجوزو، مع العلم أنه بحسب القواعد الجديدة يجب أن يكون المُفتي ما دون الـ70 عاماً.
ولذلك، فقد رأت المصادر أن التعيين المرحلي والقصير للمجلس الجديد (سنة واحدة فقط)، جاء وكأنه "وسيلة لتلبية غرض ما"، وقد اعتبر ذلك بمثابة تطويق للجوزو بهدف إقصائه وسحب دار الإفتاء منه، وذلك عبر تشكيل كتلة ناخبة مضادة، باعتبار أنّ المجلس الجديد هو من ضمن الهيئة الناخبة للمفتي، وبالتالي وجود تكتل كبير من نفس التوجّه السياسي ومن منطقة معيّنة، يؤثر على منحى الانتخابات بشكل كبير.
ومع ذلك، فقد كشفت المعلومات أنّ "لائحة الأسماء التي جرى وضعها كانت من خلال عضو كتلة المستقبل النيابية محمد الحجّار"، مشيرة إلى أنّ الأخير "تواصل مع العديد من أعضاء المجلس الجديد، وعمد إلى تزكيتهم لدى المفتي دريان". الأمرُ هذا نفاه الحجار، مؤكداً لـ"لبنان24" أنه "لا يتدخل أبداً في أي شأن يتعلّق بالأوقاف ولا بالإفتاء، وما يقال ليس إلا حملة تشويه ممنهجة واضحة المعالم".
في المقابل، فإنّ الخطوة الأخيرة تلقفها الحزب "التقدمي الإشتراكي" في إقليم الخروب، مع العلم أنه كانت هناك أسماء ضمن المجلس القديم تدورُ في فلكه، قد جرى رفضها واستبعادها. وفي حديث مع "لبنان24"، قال عضو كتلة "اللقاء الديمقراطي" بلال عبدالله: "كحزب تقدمي اشتراكي، لم نتدخل سابقاً ولا نسمح لأنفسنا بالتدخل في أمور الاوقاف، وقد كنا وما زلنا ضد تسييسها، وساعدنا وسنساعد في أن تكون الحضن الإجتماعي والديني لكافة أهلنا دون تمييز، مع تقديرنا للدور التاريخي الذي لعبه المفتي الجوزو، في إنشاء وتطوير إفتاء جبل لبنان". وأضاف: "ذلك، نحن نقف على نفس المسافة من جميع المعنيين بشؤون الإفتاء، خصوصاً رجال الدين وأئمة المساجد والمشايخ وقضاة الشرع، وسنبقى ندعم عمل هذه المؤسسة، لاسيما في هذه الظروف المأساوية بعيداً عن أيّ اعتبار فئوي ضيق".
أخبار متعلقة :