نبض لبنان

هل يكون المجلس الدستوري أول غيث التعيينات؟

اندلع الكباش المفاجئ بين الحزب “التقدمي الاشتراكي” وتيار “المستقبل” على ضفاف المعركة الأساسية التي تكمن للحكومة ذات التركيبة الهشة على كوع تصفية الحسابات السياسية: إنها حلبة التعيينات التي بدأ الجميع يستعد لخوض المبارزات فيها باكرا، ما قد يساهم في صب مزيد من زيت الاحتقان على نيران المشهد السياسي الملتهبة.

وإذا كان الاجتماع الذي عقد الأسبوع الفائت بين رئيس الحكومة سعد الحريري، وشريكه في التسوية الرئاسية، رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، قد قارب “كل الملفات المطروحة راهنا”، ولم يغص في ملف التعيينات بالتفاصيل، على ما أكدت أجواء التيارين الأزرق والبرتقالي في محاولة لتبريد السخونة السياسية التي رافقت انطلاق نفير معركة جديدة من تناتش الحصص، فإن أنظار المراقبين تبقى شاخصة أولا إلى المجلس الدستوري، الذي من المفترض أن يكون محطة انطلاق قطار التسميات، بوصفه ضرورة لاكتمال مشهد السلطات الدستورية، بعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية، ومجلس نيابي جديد، إضافة إلى تأليف حكومة جديدة، علما أنه ينظر في الطعون المقدمة في نتائج الانتخابات النيابية والرئاسية، كما في دستورية القوانين التي تقرها السلطة التشريعية.

في هذا الاطار، تذكر مصادر مطلعة عبر “المركزية” بأن أعضاء المجلس الحالي انتهت ولايتهم منذ سنوات، غير أن ظروف الموافقة الجماعية على تمديد ولاية المجلس النيابي السابق لثلاث مرات، معطوفة على فيلم التعطيل الطويل للانتخابات الرئاسية للأسباب المعروفة، كما وضع العصي في دواليب تشكيل الحكومة الحريرية الثالثة مرارا في سياق معارك تناتش الحصص الوزارية التي غاص الجميع في وحولها لترجمة نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة، عطّلا هذا المسار القانوني الذي من المفترض أن يكون حجر الرحى في لوحة السلطات الدستورية، خصوصا أن المجلس الدستوري يعد الرقيب الأول والأهم على أعمال سائر السلطات، أهمها مجلس النواب.

وتلفت المصادر إلى أن المناكفات السياسية المذكورة آنفا عطلت على مجلسي النواب والوزراء ممارسة دورهما في تعيين وانتخاب أعضاء المجلس مناصفة (تعيّن الحكومة 5 أعضاء، فيما ينتخب المجلس الخمسة الآخرين)، علما أن في ذلك تكريسا لمنطق الحصص الذي يخشى المراقبون أن يطيح الآلية التي يطالب البعض باعتمادها لملء المراكز الشاغرة، مشيرة إلى أن  القانون رقم 250/93، المتعلق بإنشاء المجلس الدستوري، لا يحصر عملية اختيار أعضاء المجلس بالقضاة السابقين الذين مارسوا القضاء العدلي أو الاداري أو المالي لمدة عشرين عاما، بل يشمل أيضا الأساتذة الجامعيين الحاليين أو السابقين الذين مارسوا تدريس القانون لمدة عشرين سنة، إضافة إلى المحامين الذين مارسوا المهنة لعشرين سنة، على أن تتراوح أعمارهم بين 50 و74 عاما.

غير أن الأمور لا تبدو تسير في هذا الاتجاه القانوني المحض، ذلك أن المعركة على تعيين أعضاء المجلس الدستوري انطلقت قبل بلوغ محطتي مجلسي النواب والوزراء. فقبل أيام من الجلسة التشريعية المنتظرة الأربعاء، والمفترض أن يغتنم رئيس مجلس النواب نبيه بري فرصتها ليدفع في اتجاه انتخاب حصة المجلس من أعضاء الدستوري، ترددت في وسائل الاعلام بعض الأسماء المرشحة لشغل المقاعد العشرة، بينهم القاضي طنوس مشلب (الذي كان رئيس الجمهورية ميشال عون قد خاض من الرابية معركة تعيينه رئيسا لمجلس القضاء الأعلى في عهد الرئيس السابق ميشال سليمان)، وقاضي التحقيق العسكري الأول السابق في بيروت رياض أبو غيدا الذي قدم في تشرين الأول 2018 استقالته إلى مجلس القضاء الأعلى تمهيدا للترشح لعضوية المجلس الدستوري.

أمام هذه الصورة، لا تخفي مصادر سياسية عبر “المركزية” خشيتها من أن تأتي تعيينات المجلس الدستوري بلون واحد، وهو ما قد يعتبره البعض رسالة قاسية إلى معارضي النهج السياسي السائد في البلد، خصوصا في ما يتعلق بحظوظ كسب الطعون التي قد يقدمونها في المرحلة المقبلة، علما أنهم كسبوا حتى اللحظة ثلاثة طعون بت بها المجلس المنتهية ولايته.

أخبار متعلقة :