نبض لبنان

25 حزيران... آخر خرطوشة للعهد

من الآن حتى تاريخ 25 الجاري، الموعد المبدئي لإنعقاد "طاولة الحوار الوطني"، التي دعا إليها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، والتي أراد أن يكون الحضور فيها جامعًا، ستحفل الساحة السياسية بفائض من المواقف، منها المؤيد لمبدأ الحوار بشموليته، ولكل من هؤلاء القوى السياسية أسبابه ودوافعه، في التأييد أو التحفظ أو الرفض.

المؤيدون لهذه الدعوة فئتان، الأولى تريد الإستثمار في السياسة التي يتبعها العهد ومعه حلفاؤه من قوى الثامن من آذار، وفي مقدمهم "حزب الله"، الذي يريد من خلال التحشيد السياسي تأمين أوسع غطاء لحكومة حسّان دياب، التي يعتبرها حكومته، وهو لا يخفي ذلك ويجاهر بهذه الحقيقة على رأس السطح، وهو يعتبر أن فشل الحكومة تعني فشله، والعكس صحيح.

أما الفئة الثانية من المؤيدين فيقودها الرئيس نبيه بري، الذي يرى أن الظرف الدقيق والحرج، الذي تمر به البلاد، يفرض على الجميع مسؤوليات تتجاوز في إطارها العميق الخلافات الشخصية والإصطفافات السياسية، لأن الهيكل إذا وقع فسيقع على رؤوس الجميع ولن يستثني أحدًا، لا الموالاة ولا المعارضة، خصوصًا أن الجميع يعيشون على إیقاع أزمة مالیة اقتصادیة مرعبة، مع حجم الضغوط التي تحاصر الوضع اللبناني على وقع المواجھة الأمیركیة ـ الإیرانیة، وحجم إنزلاق الشارع الى فتنة طائفية على وقع الأزمة الاقتصادیة الإجتماعیة.


وقد تبلورت قناعة لدى الرئيس بري بضرورة إیجاد أرضية مشتركة لوحدة وطنیة لمواجھة المخاطر المحدقة وتأمین أوسع مشاركة ممكنة، بعد التجربة المخیّبة للآمال في الأشھر الماضیة.

وعلى هذا الأساس يتحرّك الرئيس بري وليس على أي أساس آخر، وهو يبذل جهودًا تُقدّر من الجميع، من أجل التوصل إلى قواسم مشتركة بين الجميع، على قاعدة لا يموت الذئب ولا يفنى الغنم، وهو واثق بأن الجميع حريصون على وحدة الموقف بغض النظر عن التباينات في وجهات النظر، بإعتبار أن المصلحة الوطنية في هذا الظرف العصيب هي فوق أي إعتبار آخر.

فهل ينجح الرئيس بري في مسعاه، أم أنه يقول في نهاية المطاف "اللهم إني بلغت".

المهم في الأمر أن ثمة تنازلات يجب على الجميع تقديمها، وبالأخص من جهة العهد وحلفائه، الذين يُفترض بهم أن يعملوا على ألا يكون هذا اللقاء كاللقاءات التي سبقته، بحيث تبقى الأوضاع على حالها من المراوحة، وتكون ما بعده كما ما قبله.

امّا المتحفظون، وهم في الأساس رؤساء الحكومات السابقون، فيبنون تحفظّهم على المبادىء، التي حدت برئيس الجمهورية الدعوة إلى هكذا طاولة جامعة. فإذا كان الهدف من هذه الدعوة تغطیة لموقف الحكم الذي بات الیوم أقرب الى "اللون الواحد" في مواجھة الولایات المتحدة وشروطھا التي تُترجم في السیاسة والاقتصاد، وشرطًا مسبقًا لتأمين الخلفية السياسية الجامعة لحكومة لم تقدم حتى اليوم ومنذ اليوم الأول لقيامها بأي خطوة عملية وجدّية في مسيرة الإصلاح، فإنهم غير مستعدين لـ"تبييض" صفحة أحد على حساب المبادىء والأصول الدستورية.

فالحوار من أجل الحوار، ومن اجل الصورة فقط لا غير يبدو هذه المرّة، كما في المرّة السابقة لن يمرّ، إذ لا فائدة لحوار من دون رؤیة واضحة وجدول أعمال محدد، وإلا سیكون لقاء للإستعراض ولـ"الصورة"، وسیُحبط اللبنانیون أكثر مما ھم محبطون.

فالتساؤلات في أوساط الرؤساء السابقین كثیرة، ومن بينها: الحوار حول ماذا؟ ما ھي الأسباب الكامنة وراء الدعوة لھذا اللقاء؟ وھل من جدول أعمال لھ؟ وما ھي المواضیع التي ستُبحث، ومن یتولى الإعداد لھا لیأتي اللقاء بنتائج مثمرة؟

فإذا لم يأت الجواب الشافي عن هذه التساؤلات في خلال هذا "الويك أند" فإن الأمور سائرة نحو تكرار المقاطعة. أما إذا جاءت الأجوبة بما هو مقنع، فإن الموقف منها سيكون بضمانة شخصية من الرئيس بري.

الرئاسة الأولى تعقد الآمال العريضة على هذا اللقاء، لأنه، بحسب تعبير لأحد السياسيين، الخرطوشة الأخيرة الباقية في يد العهد.

 

 

أخبار متعلقة :