نبض لبنان

هل يهبط سعر الصرف إلى 3200 ليرة للدولار في ظل خطة انقاذية واضحة؟

كتب الأستاذ في الجامعة اللبنانية الدولية الدكتور فادي غصن لـ"لبنان ٢٤" مقالا بعنوان "هل يهبط سعر الصرف إلى 3200 ليرة للدولار في ظل خطة انقاذية واضحة؟" جاء فيه: توالت تصريحات المسؤولين عن نيتهم تخفيض سعر صرف السوق إلى 3200 ليرة لكل دولار، بعد أن لامس عتبة 5500 ليرة في السوق السوداء، وذلك اثر اشاعات رفعته إلى أكثر من 7000 ليرة.

  

ستتم عملية التخفيض عبر ضخ دولارات لصيرافة الفئة الأولى. وأعلن مصرف لبنان في تعميم سابق أن مصدر الدولارات الأساسي سيكون من تحويلات المغتربين عبر المؤسسات الغير مصرفية، وقد حددت مديرية النقد لدى مصرف لبنان سعر صرف التحاويل الاتية من الخارج عبر مؤسسات التحويل الغير مصرفية ب3840 ليرة لكل دولار نهار الجمعة في 12 حزيران 2020، بعد  أن كانت تدفع هذه الحولات للمستفيدين على سعر شبه مستقر لفترة أكثر من شهر والبالغ 3200 ليرة للدولار. تضمن سعر الصرف هذا غبن في القوة الشرائية على المستفيد من التحويل بفرق سعر الصرف مع السوق السوداء والذي تراوح من 600 الى حوالي 1200 ليرة، أي ما نسبته من 15% الى 30% من قيمة الحوالة، بما أن معظم أسعار المواد الاستهلاكية في السوق مبنية على كلفة دولار السوق السوداء.

 

تحول هذه الدولارات بمعظمها لمساعدة الأهل في لبنان من أبنائهم وأقاربهم العاملين في الخارج، أي لمساعدة مواطنين غير قادرين على تأمين معيشتهم من بلدهم، أوعاطلين عن العمل. وتأخذ الدولارات بهدف تمويل شراء المواد الغذائية الأساسية، والمواد الأولية للصناعات الغذائية، ليتم بيع هذه المواد على جميع المقيمين من فقراء وأغنياء. وقد بلغت نسبة الفقر في لبنان حوالي 28٪ كما ورد في دراسة صادرة عن مديرية الإحصاء المركزي ، و40٪ كما صدر عن البنك الدولي، ويستهلكون حوالي 8٪ فقط من الاستهلاك الإجمالي. ولكن هذه الدولارات التي تأخذ بأغلبها من الفقراء سيستفيد منها الجميع.

 

اذا خفض سعر الصرف المدعوم لدى الصرافين الى 3200 ليرة للدولار، فذلك يعني، وباعتماد سعر التحاويل الحالي وبدون احتساب الهوامش، سيتم شراء الدولار بحوالي  3810 ليرات من المؤسسات الغير مصرفية، ومن ثم بيعه إلى صرافي الفئة الأولى ب 3200 ليرة لكل دولار محققة خسارة بقيمة 610 ليرات لكل دولار. واذا خفض سعر صرف التحاويل  ليعود إلى 3200 ليرة وما دون، فمع أن ذلك بجنب خسارة مصرف لبنان، ولكنه  يزيد خسارة المستفيدين من التحويلات، مقارنة مع سعر السوق السوداء الذي نتوقع استمراره لتمويل استيراد حاجات المواطنين التي تتخطى المواد الغذائية في بلد قلت فيه الصناعة وكثر فيه الاستهلاك. فمن سيتحمل هذه الخسارة، المركزي أم أصحاب الحوالات؟

 

أما اذا كان مصدر هذه دولارات هو من الاحتياط أي ما تبقى من أموال أحق بها مودعيها، فهذا يعني المخاطرة بأموال المودعين في تجارب غير مضمونة النتائج. وفي كلتا الحالتين هناك من ينتظر هذا الانخفاض لينقض على شراء الدولارات بكل ما أتيح له من وسائل وثغرات، ما سيزيد قوة الدفع على هذا السعر، علما أن الكمية المتاحة كما تم التصريح عنها محددة ب 30 مليون دولار أسبوعيا. ومع ثقتنا بأن جزء كبير من الصرافين حريصين على الأموال ومحل ثقة، ولكن بعضهم شك به من قبل السلطات، وخضع للتحقيق بتهمة التلاعب بسعر الصرف وتهريب الدولارات إلى الخارج. فكيف يؤتمن جميعهم على الأموال النادرة؟ ومع طرح الية لمراقبة هذا السوق، لماذا يجب أن يتحكم الصراف بالمواطن وبأمواله بعد المصرف؟ ولماذا لا تناط هذه العملية بالمصارف بما أنهم هم من سيفتح الاعتمادات للمستوردين؟

 

خلاصة

 

أشارت الخطة الانقاذية للحكومة الحالية إلى خفض قيمة الليرة وزيادة سعر الصرف الرسمي إلى 3500 ليرة خلال عام 2020، على أن تنخفض قيمة الليرة بنسبة 5% سنوياً حتى عام 2024 ليبلغ سعر الصرف 4297 ليرة للدولار، وأن يتحقّق الاستقرار في السعر بعد ذلك.  ما يعني أن الخطة لحظت الضغوط على  سعر الصرف واعتمدت حد أدنى له 3500 ليرة، فلماذا لم تعتمد أساسا سعر ال3200 ليرة لو أنه قابل للتحقيق؟

 

بما أن سعر 3200 ليرة دون الحد الأدنى لسعر الصرف الذي ورد اعتماده في الخطة الاقتصادية، وبما أن الأموال التي ستضخ على هذا السعر، والتي حددت ب 30 مليون دولار أسبوعيا، لا تكفي لتمويل الاستيراد الذي بلغ 19,98 مليار دولار في العام 2018، أي 384 مليون دولار أسبوعيا، ما يوازي حوالي 10 أضعاف المبلغ المراد ضخه. فهذا السعر لا يمكن أن يعتمد وحيدا كسعر رسمي أو حتى كسعر صرافين يتيح  للعامة أو حتى للمستوردين بتحويل ما يحتاجونه من ليرة الى دولار، في ظل عدم الحصول على تمويل خارجي أو أي مصدر خارجي جديد للعملات الأجنبية. لذلك نتوقع بأن يستمر العمل بالسوق السوداء الموازية لسوق الصرافين لتأمين عجز العملات الأجنبية التي يستعصي على الصرافين تأمينها على سعر 3200، أو ما قد يتم اعتماده.

 

أخبار متعلقة :