تلعب الحكومة على حبل صندوق النقد من جهة وعلى حبل المصارف من جهة ثانية وهي لعبة خطيرة لا أحد يعلم فيها اللحظة التي ستؤدي إلى السقوط.
فالحكومة ورغم كل الأصوات التي تعالت في لبنان ورغم إعلان المصارف عن خطتها مازالت تخوض مع صندوق النقد مفاوضات تقنية بحتة تقتصر على شروحات لما ورد في الخطة، ولكن المفارقة أن مشاركا رئيسيا في هذه المفاوضات وهو مصرف لبنان معترض على الكثير من النقاط ولا سيما لجهة الخسائر المحسوبة عليه.
اعتراض المصارف
المصارف أيضا وصل اعتراضها إلى صندوق النقد الدولي رغم أنها لا تشارك مباشرة في المفاوضات، ولكنها ترفض أن تتحمل الجزء الأكبر من مسؤولية ما آلت إليه الأمور المالية في البلد، وأن تبقى الحكومة توجه لها أصابع الاتهام بأنها هدرت أموال المودعين، في وقت لا تعرف فيه الحكومة سوى التخلص من أدوات الجريمة التي شاركت السلطات المتعاقبة فيها، فعمدت إلى شطب كل الديون وشطب رؤوس أموال المصارف وتجاهل خطتهم للنهوض من الأزمة بحيث أنها ما زالت تماطل في التفاوض الجدي معهم وأخذ ما ورد في خطتهم بعين الاعتبار معتبرة أن لا بديل عن الخطة الحكومية ولو كانت ستصيب المصارف والمودعين بالمزيد من الأضرار.
الحوار لا يعني الإيجابية
كل هذا الجو يدركه صندوق النقد ولو قال إن خطة الحكومة منطلق جيد للحوار، فهو لم يقل إن خطة الحكومة هي جيدة كمسار للحل، فالحوار لا يعني في النهاية أن تكون النتائج إيجابية إذا بقي أحد الأطراف ولا سيما الحكومة اللبنانية متمسكة بطروحاتها ولم تأخذ بعين الاعتبار ملاحظات الصندوق من جهة وملاحظات مصرف لبنان وجمعية المصارف من جهة ثانية ما قد يؤدي إلى سقوط هذه المفاوضات برمتها.
يوم الأربعاء يفترض أن يناقش الوفد اللبناني مع خبراء صندوق النقد حال مصرف لبنان والقطاع المصرفي وإعادة هيكلتهما، وهو نقاش ينطلق من خلفية حكومية لمعاقبة مشتبه بهما في التسبب بالأزمة المالية غير مدركة أن تصويب المزيد من السهام إلى مصرف لبنان والقطاع المصرفي سيدمر ما تبقى من أسس لهما ومن قدرات على إعادة بناء الثقة.
إدراك للحقائق والواقع
في خلاصة الأمر إن المطلوب من الجانب الحكومي إدراك للحقائق والواقع والتفاوض مع المصارف مباشرة وبجدية ومن أرضية تعتمد فقط على إنقاذ ما تبقى وليس تدميره، وحسنا يفعل النائب إبراهيم كنعان في جمع الحكومة ومصرف لبنان والمصارف مع لجنة فرعية نيابية في محاولة للتوصل إلى رؤية وأرقام موحدة متفق عليها كي تكون المفاوضات مع صندوق النقد مجدية وليس مشتتة وتوصل في النهاية إلى ما يساعد في إنقاذ لبنان ولا توصل إلى حائط مسدود لأن أحدهم يرغب في أن يخرج من دائرة الإتهام “متل الشعرة من العجينة”.
أخبار متعلقة :