خلط للأوراق تشهده الساحة اللبنانية، على مختلف المستويات، فيما لا مجال لدخول السياسة والإقتصاد والمال فترة من الإستراحة، وذلك رغم أن المفاوضات مع بعثة “صندوق النّقد الدولي” ستتوقّف الى يوم الأربعاء القادم.
وفي وقت بات فيه الجوع موضوع الساعة، على كلّ لسان، أشار أمين عام “حزب الله” حسن نصرالله بدوره، في كلمته لمناسبة “يوم القدس”، الى “أننا نستطيع من خلال قدراتنا البشرية والمادية وإمكاناتنا الموجودة في البلد، وتضامننا وعقلنا وإرادتنا الوطنية، أن نحافظ على سيادتنا، وأن لا نموت جوعاً…”.
ولكن المفارقة هو أن “حزب الله”، قد لن يتمكّن من توضيح كيف ومن أين يبدأ العمل على تحقيق ذلك، حتى ولو قدّم تفصيلاً مفصّلاً بمجلّدات عن بدائل وبدائل، بدءاً من الأسبوع القادم وحتى “قيام الساعة”، طالما أن لا ضمانات مؤكَّدَة من قِبَله حول تسهيل القيام بعدد كبير من الخطوات الإصلاحية المطلوبة، التي يُمكنها أن تأتي بأموال المؤسّسات المالية الدولية، والدول المانحة.
إنعاش
وبين الملفات الإقليمية، والداخل اللبناني، نسأل عن القادم من الأيام على ضوء ما استجدّ خلال الساعات والأيام الماضية، على مستويات عدّة، أبرزها:
* إفطاران لمفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، أحدهما على مائدة الرئيس سعد الحريري قبل أيام، والآخر على مائدة رئيس الحكومة حسان دياب.
* إعادة إنعاش العلاقة بين رئيس الحكومة، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، والتي تحتاج الى فترة اختبار لتلمُّس نتائجها الحقيقية. ولكن الخشية تبقى من أن تكون تلك النتائج، على غرار التفاوُت الذي طبع بداياتها. ففي وقت كان أكد دياب، خلال كلمته منذ يومَيْن، أنه حصل على وعد من سلامة حول أن مصرف لبنان سيتدخّل في السوق لحماية اللّيرة، ولِلَجم ارتفاع سعر صرف الدولار، اعتباراً من اليوم (أي 21 الجاري)، عاجله سلامة ببيان بعد نحو ساعة أكد فيه أن مصرف لبنان يستهلّ تلك الإجراءات بدءاً من 27 الجاري!
اهتزاز
* اهتزاز الأرض تحت أقدام “ورقة التفاهُم” بين “التيار الوطني الحر” و”حزب الله”، الذي يحمل معانٍ أبعد بكثير من كل التبريرات أو التوضيحات التي تصدر عن المنتمين الى “التيار” و”الحزب”.
فهذا الإهتزاز يأتي على وقع استمرار التنسيق بين “حزب الله” من جهة، والرئيس سعد الحريري من جهة أخرى، عبر قنوات ولقاءات معيّنة، تخرج الى العَلَن من حين الى آخر، بين تأكيد ونفي.
فقدان الدّعم
فهل يلتقي هذا الإهتزاز أيضاً، مع مخاوف “عونية” من أن يؤدّي الإلتصاق الزائد بـ “الحزب”، الى فقدان الدّعم الأوروبي، وتحديداً الفرنسي، لـ “العهد”، على ضوء التحشيد الألماني ضدّ “حزب الله” في أوروبا. فهذا كلّه سيسجَّل لرئيس الجمهورية ميشال عون، على أنه فشل خلال ولايته الرئاسية، في التعاطي مع أكبر المؤسّسات الدولية، ومنها “صندوق النّقد الدولي”، كما في التعامُل مع الدّول المانحة، من خلال تعثُّر مؤتمر “سيدر”، وذلك بسبب الخطوط الحمراء لـ “حزب الله”، التي لن تزول، حتى ولو انتهى العالم!
انتهت
رأى مصدر مُراقِب أن “ورقة التفاهم بين “التيار الوطني” و”حزب الله” انتهت عملياً منذ انتخاب عون رئيساً للجمهورية، وهو ما يعني أن “الحزب” نفّذ الشقّ المبدئي المتعلّق به، عندما وصل عون الى الرئاسة، فيما هو ليس ملتزماً مع باسيل، أسوة بالتزامه مع عون. وهذا الواقع يُظهر سبب تصرّف “حزب الله” مع “التيار” على أساس أنه أصبح حرّاً منه بنسبة كبيرة، وعلى قاعدة أن لا مبدئيات ثابتة تلزمه تجاهه بعد اليوم”.
وأشار في حديث الى وكالة “أخبار اليوم” الى أن “حزب الله” أصبح في مكان ضيّق جدّاً، بسبب العقوبات الأميركية والدولية، المفروضة عليه سابقاً والتي قد تُفرَض لاحقاً أيضاً، انطلاقاً من عدم الترحيب الروسي به في سوريا، وصولاً الى الضغط الأميركي على إيران، والنقمة الأوروبية عليه. فلا أحد كان ينتظر أن يتموضع الألمان تحديداً ضد “الحزب” بهذا الشّكل. وأسوةً بهم، فإن كل المعلومات المتوفرة حتى الساعة تقول إن الفرنسيين والبلجيكيين يسيرون على الدّرب الألماني نفسه، تجاه “حزب الله” وعناصره وأنشطته”.
وشدّد على أن “اتّكال “الحزب” على الصين، وتلطّيه بها للدّفع باتّجاه الخيارات “المُمانِعَة” في الشرق الأوسط، سيتأثّر مستقبلاً بالإتّهامات الدولية والأميركية لبكين في ملف فيروس “كورونا”، والتي يُمكنها أن تؤول الى مواجهة الصين مسارات قضائية دولية تكلّفها تعويضات بمليارات الدولارات. وهو ما سيخفّف من وهجها الدولي والشرق أوسطي، الذي يشتهي “حزب الله” أن يستفيد منه”.
ورقة خاسرة
وأكد المصدر أن “تمسُّك باسيل بـ “حزب الله”، رغم كل المعطيات والمؤشرات السابقة، سيجعله مثل من يتمسّك بورقة خاسرة سلفاً. فأي تراجُع إقليمي لـ”الحزب” سينعكس عليه (الحزب) في الدّاخل أيضاً. وأي تراجع له في الداخل سيُضعفه على الساحة الإقليمية، وهو ما يعني أنه بات من الأوراق الخاسرة. وما يحصل بين “التيار” و”الحزب” حالياً هو تبايُن استراتيجي، مهما حاولا التخفيف من حدّته”.
واعتبر أن “حزب الله” صاحب خبرات سياسية، داخلياً وإقليمياً ودولياً. وهو لا يقطع علاقاته مع أي طرف بالكامل، منذ وقت طويل، مهما تباينت وجهات النّظر بينهما. ومن هذا المنطلق، لم يقطع تواصله مع الحريري، لأنه يُدرك أن الأخير قادر على أن يجلب له، بعض الثقة الدولية التي تؤخّر ارتدادات شبح الإنهيار الكامل عنه (الحزب)”.
استبدال
وأوضح المصدر:”حزب الله” ليس بوارد استبدال دياب بالحريري في الوقت الراهن. ولكن توجد معطيات على أن “الحزب” بات مقتنعاً بضرورة إجراء تغيير حكومي. وهذا ما يتسبّب بانتقادات دائمة من قِبَل رئيس مجلس النواب نبيه بري، للحكومة منذ أكثر من شهر، بسبب غرقها في تفاصيل معيّنة، بدلاً من التوجّه الى العمل والتنفيذ”.
وأضاف:”عودة أزمة “كورونا” الى التفاعُل من جديد، أخّرت التوجّه الى إجراء تغيير حكومي. ولكن هذا سيحصل بعد ضبط الأمور من جديد في هذا الملف، وسيُعيد الحريري الى رأس السلطة التنفيذية لإنجاح مسار “سيدر”، والمفاوضات مع “صندوق النّقد الدولي”.
وختم:”القيّمون على “صندوق النّقد الدولي” و”البنك الدولي”، يعرفون حقيقة كل الملفات المالية والإقتصادية الموجودة في لبنان، منذ ما قبل انطلاق التفاوُض اللبناني مع IMF، ولا ثقة لديهم بالحكومة الحالية. وقد تأتي المفاجأة من خلال سحب “حزب الله” ثقته بحكومة دياب، فجأة وبوضوح، كتمهيد لإسقاطها، وتشكيل أخرى”.
أخبار متعلقة :