لأن شعار “خليك بالبيت” في زمن كورونا لا يمكن أن يطبق بعدل على جميع اللبنانيين، لاسيما منهم أولئك المياومون، كان لا بد لحكومة الرئيس حسان دياب من خطوة قادرة على رفد الناس بمقومات العيش والصمود، فقرر مجلس الوزراء توزيع مساعدات مادية بقيمة 400 ألف ليرة لبنانية على من يفترض أنها “العائلات اللبنانية الأكثر حاجة”.
غير أن في لبنان، لا يمكن أن يمر هذا النوع من القرارات من دون الوقوع في الفخ المعهود: الأخطاء والمحسوبيات وسوء التوزيع والتقدير. ذلك أن ما كاد الجيش اللبناني يبشر اللبنانيين في بيان بانطلاق قافلة توزيع هذه المساعدات اليوم، حتى تلقى المشروع ضربة التأجيل القاسية، بعد اعتراف وزير الشؤون الاجتماعية رمزي مشرفية، في بيان أيضا، بـ”أخطاء واردة في اللوائح المرفوعة (من مجلس الوزراء إلى الجيش)”، وهو ما استدعى تأجيل العملية إلى حين انتهاء الجيش من التدقيق في اللوائح. وفي الانتظار، ارتفعت أسهم المخاوف إزاء احتمال غرق خطة الحكومة في غياهب النسيان، على وقع كلام عن اتجاه إلى استثناء العاصمة بيروت من هذا التدبير لأسباب متعددة أبرزها الوضع الاقتصادي الجيد لعدد من سكانها.
غير أن نائبة بيروت رولا الطبش الجارودي (كتلة “المستقبل”) نفت هذا الأمر عبر “المركزية”، مؤكدةً أن “اجتماعات حصلت بين بلدية بيروت ومخابرات الجيش لهذا الغرض”. وشددت على “أننا ننتظر انتقال الحكومة إلى التطبيق العملي في هذا المجال. لكننا لن نسكت بطبيعة الحال عن أي تهميش يطال العاصمة اذا حصل”.
وتعليقا على التدابير الحكومية في مواجهة جائحة كورونا، قالت الطبش: “في الساعات الماضية، سجل عدد طفيف من الاصابات الجديدة، وهذه نتائج قليلة. لكن يجب ألا يغيب عن بالنا أن هذه النتائج مرتبطة بعدد الفحوص التي أجريت، ما يعني أن الأرقام الحقيقية لم تظهر بعد بشكل كامل “، مشيرةً إلى أن “الجو في البلاد غير مطمئن حيث أن التعبئة العامة غير مكتملة، على وقع غياب التدابير الرقابية الصارمة، مع العلم أن الحكومة تأخرت في اتخاذ بعض القرارات، بينها تلك المتعلقة بالمساعدات. إذ لا يمكن الطلب من المواطنين البقاء في المنزل بلا عمل وعدم مدهم بمقومات الصمود”.
وفي وقت غرقت المساعدات في بحر التأجيل، في المرحلة الراهنة على الأقل، لم تتوان الحكومة عن وضع خطة تصفها بالانقاذية لانتشال البلاد من كبوتها، مع العلم أنها تلحظ مسا مباشرا بمدخرات الناس من خلال “الهيركات” الذي يرفضه كثير من القوى السياسية التي سارعت إلى غسل يديها من الخطة على ضفة الموالاة كما في صفوف المعارضة، فماذا سيفعل تيار المستقبل في هذا السياق، خصوصا أن البعض يعتبر أن القنص السياسي على مصرف لبنان والحملات الضاغطة في اتجاه إحداث تغيير جذري في النظام الاقتصادي ليست إلا رصاصات تستهدف الحريرية السياسية والنموذج الذي أرسته على مدى الحقبات السابقة؟
في معرض الاجابة عن هذا السؤال، انتقدت الطبش الأداء الحكومي على المستوى الاقتصادي، وذكرت أن فريق دياب من المفترض أن يكون حكومة إنقاذية “لكننا لم نر أي خطة سلكت طريقها إلى التنفيذ، خصوصا في ما يتعلق بالاصلاحات المطلوبة، بدليل أن مشكلات التشكيلات القضائية، أول الغيث نحو مكافحة الفساد، لم تعالج حتى اللحظة”.
وشددت على أن “الهيركات” يجب أن يكون الحل الأخير الذي تلجأ إليه الحكومة “غير أنها ركنت إليه بدلا من بذل الجهود لمكافحة الهدر في كثير من القطاعات كالكهرباء، ووضع خطة لمواجهة البطالة الآخذة نسبها في الارتفاع”، معتبرةً أن “الوقت ليس للمناكفات السياسية بل لإنقاذ البلاد، والمس بودائع الناس غير مقبول”.
أخبار متعلقة :