بمنأى عن أرباب القطاع وأهل الاختصاص وضعت حكومة “مواجهة التحديات” خطة الطوارئ الانقاذية التي في رأي المعنيين قد تؤدي كل الاغراض الا الانقاذ. ذلك ان بمجرد نظرة سريعة على مضمونها والاراء المتضاربة في شأنها وحرب المستشارين من الشركات المكلفة بالمهمة، وفق ما تبين من المسرب من رسائل متبادلة في ما بينها، لا سيما في شأن القاء تبعات الانهيار على المصارف وتحميل القطاع كل اوزار اخفاقات الاداء السياسي الخاطئ بما يكتنف الامر من مخاطر، يمكن الوصول الى استنتاج وحيد مفاده ان خطة من هذا النوع في حكومة يفترض انها من الاختصاصيين، وقد ثبت العكس، نسبة لحجم المستشارين الذين تمت الاستعانة بهم، لا يمكن ان تنقذ البلاد من سبحة الازمات القاتلة التي تحيط بها.
اوساط اقتصادية ومصرفية تسأل عبر “المركزية” كيف تضع الحكومة خطة اصلاحية في غياب المجلس الاقتصادي الاجتماعي، وهو مؤسسة رسمية، والهيئات الاقتصادية وجمعية المصارف، المفترض انها تلعب دورا اساسيا في مسار التنفيذ. وتذكر في هذا المجال بموقف رئيس المجلس شارل عربيد عن جدوى خطة من هذا النوع. الا انها تسارع الى الاجابة ان حينما رفعت الستارة عن الخطة وسُرب النص الى الاعلام بَطُل العجب، فالخطة تعتمد على ودائع المواطنين ومدخراتهم لتغطية دين الدولة الذي تسببت به سياسة النهب والصفقات التي تمرّس فيها السياسيون ، وتضع قيودا على المصارف بعد تحميلها مسؤولية الازمة، فيما تتجاهل الخطوات الاصلاحية الاساسية الكفيلة وحدها بوقف حنفية النزف المالي في ما لو انجزت كما يجب، من الكهرباء الى املاك الدولية البرية والبحرية المسروقة والمصادرة من النافذين والتسيب في المرفأوالتهريبعبر المعابر المستمر حتى اللحظة على رغم قرار اقفال الحدود، كما جزم رئيس لجنة الاشغال النيابية النائب نزيه نجم،اضافة الى فاتورة الادارة العامة الباهظة بما يعتريها من انفاق غير مجد لموظفين متوفين او لا يعملون، الى مسلسل طويل يبدأ بالتنفيعات ولا ينتهي بالخدمات السياسية الانتخابية من خزينة الدولة.
وتضيف الاوساط : ان الخطة لم تُصب الهدف ولا وضعت الاصبع على الجرح .ولم تلب مطلبا منالشروط التي حددتها الدول المانحة للافراج عن اموال “سيدر” ، بل جلّ ما هدفت اليه هو الكيدية والانتقام السياسي فكانت النتيجة على النحو الاتي: خطة لا تنقذ ولا تسمن عن جوع ترمي الى اعادة هيكلة القطاع المالي وتحميله اوزار كل الازمات والمديونية التي تغرق فيها الدولة ، وخطأ هذا القطاع انه ديّن الدولة.
والمضحك المبكي، تضيف الاوساط، ان بمجرد بدء تلقف ردات الفعل على ما سًرب من الخطة ، انبرت القوى السياسية الى “التبرؤ من دم هذا الصديق” وانهالت المواقف الاعتراضية من اهل البيت الحكومي لدرجة ان البعض تساءل عما اذا كانت الخطة “مجهولة الهوية”نزلت من كوكب آخر واستقرت على الطاولة الحكومية فجأة. فعرابو الحكومة رفعوا الصوت محذرين “من المس بالودائع المصرفية من خلال خطط وتشريعات واكدوا وجوب حماية حقوق المودعين من الكابيتال كونترول والهيركات”.
ازاء هذا الواقع، تسأل الاوساط على اي فريق اتكل رئيس الحكومة حسان دياب لاصدار الخطة اذن؟ومن هي الجهة التي تبنت المضمون الذي يستهدف القطاع المصرفي بعدما غسل الجميع باستثناء حزب الله ايديهم رافضين المس بالودائع؟ وهل سيمضيبها ام يتراجع بعدما تبين ان النقمة على الحكومة لم تعد تقتصر على المعارضة بل شملت قوى مشاركة من بينها امل والمرده، وان الاصداء من خلف البحار ازاء ما تضمنته بالغة السلبية؟في انتظار ما ستظهره الايام المقبلة تعرب الاوساط عن خشيتها من ان تكون موجة الاعتراض السياسي مجرد عملية رفع سقوف للقبول لاحقا بما سيصبح امرا واقعا مفروضا.
أخبار متعلقة :