صحيح أن لبنان بسلطاته وفئاته الشعبية غارق حتى العظم في مكافحة فيروس كورونا المستجد، لكن هذا لا ينفي أن الحركة السياسية مستمرة، وإن ببطء شديد تحكمه البرودة التي فرضها الفيروس. وتسجل الساحة السياسية منذ فترة حالا من عدم الاستقرار والتخبط، بدليل ما تعيشه الحكومة من “خضات”، وإن كان الجميع على يقين بأن ساعة سقوطها لا تزال بعيدة، لا لشيء إلا لأن لا بديل منها في الوقت الراهن على الأقل.
وفي السياق، تشير مصادر سياسية مراقبة عبر “المركزية” إلى أن هذا التخبط الذي يشهده لبنان السياسي ليس إلا النتيجة الطبيعية لما تسميه المصادر “امتثال بعض القوى لأجندات خارجية” على حساب لبنان ومصالحه الوطنية، متعمدا طعن إعلان بعبدا وسياسة النأي بالنفس في الصميم، علما أنها كانت أقرت بإجماع الأقطاب السياسيين في خلال طاولة الحوار التي عقدت في بعبدا في عهد الرئيس ميشال سليمان.
وفي الوقت الذي يحمل هذا الكلام بين طياته إشارة واضحة إلى حزب الله الذي لم يتوان عن الاعلان صراحة عن خرق النأي بالنفس للقتال دفاعا عن نظام الرئيس السوري بشار الأسد، تلفت المصادر إلى أن فيما هذا الخرق الفاضح للسياسات الرسمية مستمر، يمكن القول إن الحكومة الحالية أعطت هي الأخرى بعض الأمثلة الفاقعة على الخروج عن النأي بالنفس لإلحاق لبنان بأحد محاور الصراع في المنطقة، حيث أن بعض المراقبين يذكرون أن مجلس الوزراء تأخر في إعلان وقف حركة الطيران من وإلى الدول الموبوءة في إطار التدابير الهادفة إلى مواجهة كورونا، وذلك “لاعتبارات سياسية”، باعتراف وزير الصحة حمد حسن شخصيا”.
مثال يضاف إلى الحواجز التي رسمها حزب الله في وجه الحكومة واحتمال الركون إلى خطة إنقاذية من صندوق النقد الدولي، والتصعيد السياسي من جانب الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله في وجه حلفائه وخصومه المحليين على السواء، في توقيت شديد الحساسية حيث كانت معركة إدلب دائرة على أشدها في الشمال السوري، وميزان الربح والخسارة فيها لا يصب في مصلحة محور الممانعة والمقاومة الذي يحاول فرض ايقاعه على حكومة اللون الواحد، التي فشلت في إثبات كونها فريقا من الاختصاصيين المستقلين عن الأحزاب السياسية .
وفيما تلفت المصادر إلى أن هذا التداخل بين مصالح الداخل والخارج على الأرض اللبنانية ليس بالأمر الجديد، تنبه إلى أن ما دامت الأمور تجري على هذا النحو، فإن الاستقرار السياسي المستدام سيبقى سرابا بعيد المنال.
أخبار متعلقة :