صحيح أن الاتصال الذي اجراه ولي عهد ابو ظبي الشيخ محمد بن زايد بالرئيس السوري بشار الاسد منذ ايام، كان لأهداف “انسانية” – “صحية” متعلقة بمحاربة فيروس كورونا – حيث أكد المسؤول الاماراتي للأسد دعم بلاده للشعب السوري في هذه الظروف الاستثنائية، مشيرا إلى أن “التضامن الإنساني في أوقات المحن يسمو فوق كل اعتبار”، قائلا “سوريا لن تبقى وحدها في هذه الظروف الحرجة”، في وقت رحب الأسد بمبادرة محمد بن زايد، مثمنا موقف دولة الإمارات الإنساني في ظل ما تشهده المنطقة والعالم من هذا التحدي المستجد، وأكد ترحيبه بهذا التعاون خلال هذا الظرف وأشاد بهذه المبادرة بكل معانيها السامية – الا ان هذا التواصل دلّ في باطنه الى ما هو أبعد، وحمل مؤشرات سياسية – استراتيجية لافتة.
اوساط دبلوماسية عربية تضع عبر “المركزية” الاتصال في “سياقه الاقليمي” وتعتبره نتيجة للتطورات في ادلب. فإبلاغ بن زايد الاسد انه ليس وحيدا وأن هناك مَن يقف الى جانبه، يشكل في الواقع، رسالة له بأنه ليس وحيدا في مواجهة ما يجري في شمال سوريا.
وهنا بيت القصيد. ففيما الاتراك يحاولون جاهدين التمدد نحو هذه المنطقة، يخشى العرب تطورا من هذا القبيل، خاصة وأن نجاح أنقرة – غريمتهم السنية الكبرى وصاحبة العلاقة الطيبة مع قطر – في مخططها هذا سيضرّ ليس فقط بهم “معنويا” واستراتيجيا، انما ايضا قد يفتح الباب امام تمدد اكبر للاخوان المسلمين (المدعومين تركياً بشكل او بآخر) في سوريا – في غفلة من الروس والاميركيين والعالم المنهمك اليوم بمواجهة فيروس كورونا – تمدّدٌ قد يوصل التنظيم المتشدد، في حال لم تتم مواجهته كما يجب، الى السلطة في البلاد في المرحلة المقبلة، وهو ما يقضّ مضجع الخليجيين.
وتوضح الاوساط انه ازاء هذا الخطر الداهم، تم تزخيم خطوط التواصل بين الامارات ودمشق، وبعلم ومباركة من المملكة العربية السعودية، التي تدرك ايضا ان لا يمكن لها ان تطالب بموقع في الحل السوري وما سيعقبه، في حال بقيت منكفئة تماما عن ساحتها وغير موجودة عليها. اما شروط المضي قدما في فك العزلة العربية عن الاسد، فهي ابتعاده عن ايران والتصدي لجهودها لتثبيت وجودها السياسي والميداني في سوريا.
ويبدو، وفق المصادر، ان الرئيس السوري يدرس جديا هذا الطرح، وانه ميال للالتفات مجددا نحو الحضن العربي برعاية روسية. فهو يدرك انه بحاجة لدعم الدول العربية في المرحلة المقبلة لاسيما متى تنطلق ورشة اعادة اعمار سوريا. وفي حال حسم امره بالانحياز للعرب وبدأ تدريجيا، وبخطوات ملموسة، يبتعد من المحور الايراني، فان من غير المستبعد ان تتم دعوة دمشق الى اول اجتماع تعقده جامعة الدول العربية، ربما في حزيران المقبل، بعد ان تم تعليق عضويتها فيها في اعقاب اندلاع الحرب في سوريا.
أخبار متعلقة :