نبض لبنان

عن هيبة دولة سقطت برصاص السلاح المتفلت…

كان الأسبوع الجاري أمنيا بامتياز، ليس فقط لأن الجيش والقوى الأمنية مستمران في أداء واجبهما في ملاحقة المطلوبين الفارين من العدالة، وسواهم من المجرمين والسارقين وتجار المخدرات، بل لأن هيبة الدولة ضربت في الصميم، عندما تركت أبناءها وحيدين في ساحة المعركة والمواجهة، يدفعون ضريبة الفلتان الأمني والقصور الرسمي في وضع حد لانتشار السلاح المتفلت وضبط الأمن وفرض سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية.

هذه الخلاصة السوداوية ترسمها مصادر مراقبة عبر “المركزية” عن حال وطن لم يكن ينقصه إلا استفحال الهم الأمني، في موازاة واحدة من أكبر وأخطر الأزمات الاقتصادية في تاريخه الحديث، ليكتمل عقد مصائبه الكثيرة والكبيرة، التي لا تنفك الطبقة الحاكمة تثبت عجزها عن حلها بالسبل الناجعة لترضي شعبها المنتفض منذ أكثر من 110 أيام.

وفي السياق، تذكر المصادر أن ثلاثة عسكريين استشهدوا في بداية الأسبوع برصاص والد أحد المطلوبين الخطرين للعدالة، الذي لم يتوان عن استخدام سلاحه الفردي ليمنع الدولة من القبض على نجله الفار من وجه العدالة، وهو المطلوب بموجب مذكرات توقيف عدة. وفي اليوم التالي، حلت لعنة السلاح المتفشي كالفطر بين أيدي الناس، على قوى الأمن الداخلي. التي لم تتأخر في تقديم شهيدين جديدين خلال قيامهما بواجبهما في فصيلة الأوزاعي، لأن أحد المسلحين قرر، بكل بساطة، إطلاق النار على المشرفين على سجن أخيه المطلوب، ليأتي بعده إشكال البوشرية مساء أمس والاعتداء على الزميل محمد زبيب في الحمرا امعانا في الاجهاز على هيبة ما تبقى من دولة.

وتعترف المصادر أن الخروقات والحوادث ذات الطابع الأمني ليست حكرا على دول العالم الثالث، أو تلك المسماة نامية، بدليل الحوادث الارهابية المتنقلة في مختلف أصقاع العالم. غير أن المشكلة تكمن في أن الدولة اللبنانية تبدو في موقع العاجز عن اتخاذ القرارات الجريئة الكفيلة بصون حياة الناس وحمايتهم.

وتلفت المصادر إلى أن هذه الجرائم في حق الأجهزة الأمنية والعسكرية وقعت فيما كان أركان السلطة منشغلين باتخاذ الاجراءات الأمنية “الكفيلة بصون هيبة الدولة” في مواجهة… ناسها المنتفضين في الشارع للمطالبة بأدنى مقومات الحياة الكريمة في بلاد لا يخجل القيمون عليها من دفع المواطنين الثوار إلى حلبة الصراع غير المرغوب مع المفترض أن يحموهم من الاعتداءات، مذكرة بأن المجلس الأعلى للدفاع اجتمع قبيل جلسة الثقة الثلثاء الفائت لاتخاذ القرارات اللازمة لقمع الثوار وانتفاضتهم النبيلة في ساحة الشهداء، في وقت اعتصم القيمون على زمام الحكم والحكومة بصمت ثقيل إزاء حادثة الهرمل، كما إزاء إطلاق النار في الأوزاعي، للأسباب السياسية والمناطقية المعروفة.

انطلاقا من هذه الصورة، تطرح المصادر ما تسميها تساؤلات مشروعة عن الخطوات المقبلة التي قد تتخذها السلطة السياسية لصون حياة المواطنين، بدلا من المضي في محاولة قمع الثورة، التي لا تنفك تزداد زخما وعزما على تحقيق أهدافها، مشيرة إلى أن هذا التحدي لا يقل أهمية عن القنبلة الاقتصادية التي قد تنفجر في وجه الحكومة في أي لحظة.

أخبار متعلقة :