علاء الخوري | ليبانون ديبايت
تعب الشارع السُني من منطق "التحليل العبثي" لواقعه في لبنان والمنطقة، ووضعه في خانة "العميل" أم "الانتحاري"، وأفرز الصراع الايراني السعودي واقعا أليما يصعب الخروج منه بمعادلة ترجح كفة هذا الفريق على ذاك، بل تزيد الهوة التاريخية بأبعادها السياسية بين الطرفين.
لا يبحث السُنة اليوم عن "خليفة" جديد يعيدهم الى بطولات "معاوية" أو "هشام بن عبد الملك"، هم يريدون زعيما يخرجهم من "نكساتهم" قبل الحديث عن "فتوحات" رست على شاطئ الذكرى، وقائدا يواجه الاستحقاقات الكبيرة، فهم تعبوا من سياسة الرضوخ وما أنتجته من تنازلات على حسابهم.
الواقع السني أبعد من هجوم الوزير جبران باسيل على الرئيس سعد الحريري، أو اجتماع تعقده كتلة المستقبل في طرابلس للوقوف على "خاطر المدينة" بعد العمل الاجرامي الاخير الذي استهدف مراكز الجيش في عاصمة الشمال، هو مسار طويل يتعدى الداخل ويرتبط بالصفقات التي تدور في المنطقة، وعلى هذا الشارع أن يكون مستعدا للتغييرات التي ستنتج عنها.
يخالف الوزير السابق رشيد درباس هذا التوصيف، ويؤكد في حديث لـ "ليبانون ديبايت" أننا أمام واقع عربي مأزوم منذ أن خرجت مصر من الصراع العربي الاسرائيلي، ومن يحدد مصيرنا هم الدول غير العربية من تركيا الى إيران وصولا الى اسرائيل.
ويعرج درباس على الداخل فيشدد على التوازن بين الاطراف، مستحضرا في المقابل التسوية التي عمل عليها الرئيس سعد الحريري وفَضَّل من خلالها بقاء الدولة على اندثارها، رغم الكثير من الشوائب التي اعترتها.
ويستشهد درباس بقصة رواها على مسمعه الرئيس الشهيد رفيق الحريري، حين قصد يوماً القصر الجمهوري في بعبدا حين كان امين الجميل رئيسا للجمهورية، يومها اشتد القصف فاضطر الرئيس الحريري المكوث في القصر، وفي اليوم التالي سأل الجميل ضيفه عن ليلته، فقال له الحريري الاب: "فكرت وأنا نائم بالملايين التي زادت على ثروتي خلال هذه الساعات، ولكن وجدتها بلا قيمة وأنا أرى بلدي وهو يحترق". وانطلاقا من هذه القصة لا يستغرب درباس ما يفعله الرئيس سعد الحريري اليوم، ولكن الملاحظة التي يُسجلها عليه هي محاولة البعض "القفز" فوق البنود المتفق عليها، وهذا الامر خطير ومقدمة "لفرط التسوية".
ويشير درباس الى الخسائر الناتجة عن تضحية الحريري ولا سيما على المستوى الشعبي، ولكنها في المقابل فعل ايمان بالدولة اللبنانية.
ويوضح درباس حقيقة اجتماع بعض الشخصيات السنية المقرر اليوم في مكتب الرئيس السنيورة، فيشير الى أن هؤلاء يجتمعون حصرا للتشاور والتداول، وبعض الاسماء المشاركة بعيدة عن "المشاريع السياسية أو الخاصة" وهي من المقربين والاصدقاء للرئيس الشهيد رفيق الحريري والرئيس سعد الحريري، كالوزير السابق خالد قباني ورئيس بلدية صيدا محمد السعودي.
ومن باب التأكيد ان الرئيس الحريري مُصر على التهدئة لمصلحة البلد يستحضر درباس بعض ما ورد في محضر الجلسة التي جمعت رئيس الحكومة باللواء أشرف ريفي قبل أشهر، حيث توجه الحريري الى اللواء ريفي بالقول: "يا أشرف والوقت ليس للحرب اليوم ولن اذهب اليها، ويمكنك أنت التحدث كما تشاء ولكن ما تقوله لا أستطيع السير به وانا رغم خلافي مع الرئيس السنيورة والوزير درباس في هذه النقطة نبقى عائلة واحدة".
ويرى درباس ان كلام الحريري واضح في هذا الشأن وهو يصر على التهدئة انطلاقا من حرصه على البلد والمحافظة عليه في زمن "جنون الطائفية" وفي مرحلة خطيرة نمر بها تستوجب منطق التنوع والاعتدال.