نبض لبنان

المرتضى: الثقافة المعبر الحقيقي لقيامة لبنان

اكد وزير الثقافة محمد وسام المرتضى أن “الثقافة هي المعبر الحقيقي لقيامة لبنان وعبوره إلى الحياة الجديدة التي يستحقها، ذلك أننا وطن على ضيق مساحته الجغرافية تميز باتساع مواهب أبنائه في مختلف ميادين المعرفة، وفي هذا مغزى عميق الدلالة على أن رحابة الفكر، لا الجغرافيا، هي التي تشكل الأوطان وتحصنها، وتثبت سيادتها على حقوقها وريادتها بين الأمم”.

كلام المرتضى جاء خلال افتتاحه معرضا للفن التشكيلي تحت عنوان “القيامة” لماري حداد في “البيت الحرفي” في زوق مكايل في حضور رئيس البلدية الياس بعينو وحشد من الفعاليات والشخصيات السياسية والاجتماعية ومتذوقي الفن التشكيلي.

وقال المرتضى: “بيروت كانت في طليعة النهضة العربية في الفنون والآداب والفلسفة والسياسة، وموئل المبدعين الأحرار من كل أمة تحت السماء. إنه زمن لا تزال نسائمه تهب في فضاء الذاكرة العربية، ولقد كان ينبغي له أن يستمر وينتشر ضياؤه لولا العدوان الإسرائيلي الذي بدأ باحتلال فلسطين وتهجير الفلسطينيين من ديارهم، ثم تمدد في خلايا وجودنا الوطني، في لبنان وبلاد العرب، نافثا سمه بيننا، حتى لبات واضحا أمام الجميع أن هذا الكيان الاحتلالي نقيض الإنسانية والقيم وعدو الثقافة والحياة”.

واذ اشار الى أنّ “السياسة فن من الفنون التي ترتقي بها حياة الناس، قال: “يتملكني اليقين بأنها إن لم تكن من طينة الحق والخير والجمال، أصبحت ضوضاء من الشعارات المتقلبة التي ترتفع هنا وتخفت هناك، وتستقوي هنا وتلين هناك، ولا تقارب المواطنة إلا من جهة الخوف من الآخر، وهذا للحضارة محض تدمير”.

وكان المرتضى استهل كلمته عن الشاعر ابو شبكة، قائلًا :”زوق مكايل، في أوائل القرن العشرين، دحرج الحجر عن قبر الشعر العربي فيها، واحد من عظماء لبنان، الشاعر الياس أبو شبكة، ابن هذه الجيرة الخضراء؛ الذي زفت قصائده بشائر الانتقال من موت التقليد إلى قيامة التجديد”.

واضاف: “وزوق مكايل الرابضة في حماية يسوع الملك وأمه العذراء مريم سيدة لبنان، مارست فعل القيامة منذ ولادة الوطن، فنفضت الزمان عن أنوال سوقها العتيق، وجعلت من التراث اللبناني العريق، مزارات ثقافة وسياحة واقتصاد، وبوابات رجاء بمستقبل وريق”، متسائلًا: “فهل من عجب بعد هذا أن تحتضن للفن معرضا بعنوان: “القيامة”؟

وتابع وزير الثقافة: “على أنه ينبغي لي أن أكرر ههنا، ما دأبت على قوله دائما، من أن الثقافة هي المعبر الحقيقي لقيامة لبنان وعبوره إلى الحياة الجديدة التي يستحقها. ذلك أننا وطن على ضيق مساحته الجغرافية تميز باتساع مواهب أبنائه في مختلف ميادين المعرفة، وفي هذا مغزى عميق الدلالة على أن رحابة الفكر، لا الجغرافيا، هي التي تشكل الأوطان وتحصنها، وتثبت سيادتها على حقوقها وريادتها بين الأمم. ولنا شاهد على هذه الحقيقة، من الزمن الجميل الذي كانت فيه بيروت طليعة النهضة العربية في الفنون والآداب والفلسفة والسياسة، وموئل المبدعين الأحرار من كل أمة تحت السماء. إنه زمن لا تزال نسائمه تهب في فضاء الذاكرة العربية، ولقد كان ينبغي له أن يستمر وينتشر ضياؤه لولا العدوان الإسرائيلي الذي بدأ باحتلال فلسطين وتهجير الفلسطينيين من ديارهم، ثم تمدد في خلايا وجودنا الوطني، في لبنان وبلاد العرب، نافثا سمه بيننا، حتى لبات واضحا أمام الجميع أن هذا الكيان الاحتلالي نقيض الإنسانية والقيم وعدو الثقافة والحياة”.

واردف المرتضى: “من هنا يمكن التأكيد على أن استعادة وطننا لتألقه الفكري البناء، تبدأ من تجديد إيماننا بأننا على تعدد أطيافنا الاجتماعية شعب واحد في التاريخ والمصير، وفي الرؤى والتطلعات، وأن قوة يمتلكها أحدنا هي لنا جميعا، ووهنا يصيب أحدنا يصيب الجميع. وانطلاقا من هذا الشعور العابق بالكرامة الوطنية، لا بد لنا إذا خرجنا من عصبياتنا، واتخذنا العلم “نورا لا يوضع تحت مكيال” والفكر “صراطا مستقيما”، أن نجد الوسائل العلمية الكفيلة بإنقاذنا مما نحن فيه، بالاعتماد على المواهب التي يكتنزها شعبنا”.

كما شدد على ايمانه بـ”فن السياسة”، وقال: “من عادة السياسيين على المنابر أن يحولوا مناسباتها إلى منصات يعلنون من على متنها مواقفهم السياسية. أما أنا فبالعكس، أؤمن بأن السياسة فن من الفنون التي ترتقي بها حياة الناس، ويتملكني اليقين بأنها إن لم تكن من طينة الحق والخير والجمال، أصبحت ضوضاء من الشعارات المتقلبة التي ترتفع هنا وتخفت هناك، وتستقوي هنا وتلين هناك، ولا تقارب المواطنة إلا من جهة الخوف من الآخر، وهذا للحضارة محض تدمير”.

وختم المرتضى: “ولهذا أحرص ما استطعت، على وضع شارة ثقافية على صدور الأحداث والمناسبات، آملا أن تصب حياتنا الوطنية كلها يوما ما في بحر الإبداع الإنساني الذي يقع في موضع القلب من وطن الأبجدية. بوركت جهودكم وأتمنى التوفيق لصاحبة الأعمال المعروضة الفنانة ماري حداد، وإلى المزيد من المنجزات الثقافية في لبناننا الحبيب”.