أكدت مصادر مسؤولة لـ”الجمهورية” مشروعية المخاوف من انفجار اجتماعي، ذلك ان الاحتقان والغضب الشعبي بلغا مستويات مرعبة، وقدرة اللبنانيين على احتمال الضغوط توشك ان تصبح معدومة نهائيا، وحركة الاحتقان في انتفاح مستمر، ومسار التفاقم هذا سيصل في لحظة معينة إلى انفجار اجتماعي واسع، أخطر من الانفجار الأمني ويُخشى معه دخول البلد في فوضى شاملة وحقيقية هذه المرّة.
وفي موازاة التأكيدات المتتالية على لسان أكثر من مسؤول في الدولة بأنّ الانتخابات النيابية ستجري في موعدها المحدد في 15 ايار المقبل، يبدو أنّ هذا الاستحقاق يجري في السياق القانوني والاجرائي والرسمي المرسوم له، من دون معوقات سياسية او ادارية. وعلى هذا الاساس يجري تزخيم المشهد الانتخابي سواء عبر الترشيحات، او عبر تحريك القوى السياسية والمدنيّة لماكيناتها الانتخابية، او عبر الحراك المكثف بين هذا الطرف السياسي او ذاك، لصياغة تحالفات وبناء لوائح مشتركة لخوض الانتخابات.
الا ان هذه التأكيدات التي تجزم بعدم وجود أي مانع سياسي لإجراء الانتخابات، وبأن لا قدرة لدى أي من الاطراف السياسية على تعطيل أو تأجيل هذا الاستحقاق، تبدو مبنيّة على مواقف مبدئية من التوجّه الى إجراء الإنتخابات في موعدها، وعلى رفض مبدئي ايضاً لأي تأجيل، او تمديد للمجلس النيابي الحالي حتى لدقيقة واحدة، وعلى هذا الاساس جرى تفكيك «عبوة الميغاسنتر» التي اعتبر بعض الاطراف انها تخفي في باطنها صاعق تأجيل الانتخابات. ولكن على الرغم من الحماسة لإتمام الاستحقاق، فإنّ المتحمّسين لا يملكون سوى التأكيد تلو التأكيد على إجراء الانتخابات، وليس الحسم بأن العمليات الانتخابية ستحصل منتصف أيار.
وشددت المصادر على أنّ القرار السياسي حاسم لناحية اجراء الانتخابات، وتبعاً لمواقف الاطراف، فإنّها حاصلة نظريّاً في الموعد المحدد. واذا ما استمرّ المسار على ما هو عليه الآن، فالانتخابات حاصلة حتما. ولكن الوضع القائم في لبنان اجتماعيا ومعيشيا يبعث على القلق من بروز عوامل غير محسوبة خلال الشهرين الفاصلين عن موعد الانتخابات.
مبعث القلق، كما تقول المصادر المسؤولة عينها، مُتأتٍّ مما آلت اليه امور البلد الاقتصادية والحياتية في الآونة الاخيرة، والتي تشهد قفزات خطيرة، يخشى مع استمرارها ان نصل الى انفجار اجتماعي وهو عنوان بات قابلا لأن يحصل، وإن حصل فمعنى ذلك أنّ زمام الامور قد يفلت، ويتدحرج الى وقائع دراماتيكية تزيد من اهتراء الوضع في لبنان وتذهب به الى مزيد من الشروخ والانقسامات والتوترات، وتؤثر على كل شيء فيه، وتجعل من امكانية إجراء الانتخابات مسألة بالغة الصّعوبة. خلاصة الكلام هنا ان القلق واجب، وكل الاحتمالات واردة».
كذلك يبرز قلق بذات المستوى لدى بعض المستويات السياسية، من عبوات أخرى مماثلة في لبنان خلال الاسابيع المقبلة، فإلى جانب العبوة الاجتماعية، تتبدى عبوة اساسية مرتبطة بكل مؤسسات الدولة واجهزتها على اختلافها، التي يتراجع حضورها وفعاليتها بشكل رهيب، جرّاء الإهتراء الذي أصابها وشلّ قدرتها على الاستمرار وتسبب بنقص هائل في مستلزماتها ومتطلباتها اللوجستية والمالية. ناهيك عن وضع الضمان الاجتماعي الذي وصل الى حدود ان يلفظ أنفاسه.
وفي موازاة ذلك، تتبدّى عبوة اضافية في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي. حيث انّ المؤشرات، بحسب ما كشفت مصادر سياسيّة واسعة الإطلاع، لا تشي ببلوغ التقدّم المنشود فيها، خلافاً لتأكيدات الجانب الحكومي بأنّ الامور تسير مع صندوق النقد كما هو مرسوم لها، فثمة فاصل عميق ما زال موجودا بين الطرفين، ومقاربات الصندوق تعكس عدم القناعة بطروحات الجانب اللبناني، حيث عبّر صراحة عن عدم رضاه سواء على الموازنة التي يعتبرها الصندوق دون المستوى المطلوب ولا تلبي متطلباته، وكذلك الحال بالنسبة الى ما تسمّى خطة التعافي، والى ما يتصل بالشروط التي يعتبرها الصندوق إلزامية لبلوغ برنامج تعاون مع الحكومة اللبنانية، لا سيما ما يتعلق فيها بوضع الادارة وحجم القطاع العام، وواقع الليرة والدولار وتحرير سعر الصرف.
أخبار متعلقة :