الرئيس نجيب ميقاتي يريد من اللبنانيين أن يتحمّلوا بعضهم بعضاً "لتمرير هذه المرحلة الطارئة والصعبة جداً"، قال إنه لم يعد بإمكان الدولة اللبنانية تقديم "الكهرباء والمياه والتلفون ببلاش"، لا شكّ أنّ الرئيس ميقاتي يعيش في عالم آخر غير الذي يعيشه المواطنون. كهرباء "ببلاش"؟ مياه "ببلاش"؟ تلفون "ببلاش"؟ أين كل ذلك؟ ربما، في قعلته الطرابلسية، أو في برجه العاجي في بيروت، يحصل الرئيس ميقاتي على كهرباء ومياه وتلفون "ببلاش". لا نعرف. لكن نحن، في شوارعنا، أحيائنا وعماراتنا وبيوتنا، لا كهرباء ولا مياه ولا تلفون. كل هذه الخدمات "ببلاش"، إلا أنها غير متوفّرة أساساً.
أن نتحمّل بعضنا؟ من نحن؟ ثمة طرفان في البلد: طبقة سياسية، بأحزابها وزعاماتها الطائفية الحاكمة وصلت إلى حد المافيات والميليشيات والسمسرات والتسويات. وشعب مذلول كسيح لا يجد دواء ولا كهرباء ولا مياه ولا محروقات. علينا نحن، المذلولون، تحمّل تلك الطبقة السياسية. وهذه السلطة لم تحتمل اللبنانيين يوماً. في الحرب، قتلتهم. في السلم، نهبتهم. في الانتفاضة، قمعتهم. في التسويات، خَصَتهم. لكن علينا، مجدداً تحمّل ارتكابات هذه السلطة بطلب من أركانها.
هذه خلاصة موقف ميقاتي بعد جلسة مجلس الوزراء اليوم. يبشرّنا الرئيس بارتفاع فواتير خدمات غير متوفّرة. يبيعنا الهواء حرفياً، وقد أقرّت حكومته مشروع قانون الموازنة بعجز 8 آلاف مليار ليرة، وهو ما نسبته 17% منها. لكن الرئيس ميقاتي متفائل إذ قال "أعتقد أنّ صدى الموازنة سيكون جيداً". رمى الكرة في ملعب مجلس النواب الذي "سيكون لديه رأيه في المشروع" بحسب ما أضاف. خرجت الموازنة من الحكومة وباتت في الملعب الأكبر، ملعب التسويات والسمسرات والصفقات الفعلية. بأيدي كتل نيابية لن تحمل للبنانيين سوى لغة التكاذب وتعليب الحلول.
كيف؟ بصيغة أنه "علينا تحمّل بعضنا". لأنه ببساطة، الرئيس نجيب ميقاتي، حكومته، حلفاؤه في السلطة، في الرئاسات، في مجلس النواب، تعبوا. هم يريدون "تناول الطعام في المطعم". السلطة لم تعد قادرة على القيام بنشاطات ترفيهية. فالزعماء يعرفون أنهم ما إن يصبحوا على تماس مباشر مع الناس، سيغرقون في الشتائم. لكنهم، طبعاً، سيقولون إنها تُمطر.