مرصد مينا – هيئة التحرير
غير بعيد عما شهده لبنان من جدل حول علاقة حزب الله بشحنات نترات الأمونيوم، التي فجرت مرفأ بيروت عام 2020، يعود اسم الحزب ليرتبط بمواد نووية تم العثور عليها في مستودعات نفطية جنوب لبنان.
يشار إلى أن رئيس حكومة تصريف الأعمال، “حسان دياب”، كشف عن تقرير لخبراء في الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية، أكدوا خلاله العثور على مواد نووية عالية النقاوة في مستودع بمنشآت النفط في الزهراني، لافتاً إلى أن تلك المواد تشكل ملفاً جديداً شديد الخطورة في لبنان.
مناطق نفوذ الحزب
أولى مؤشرات ارتباط المواد النووية بأنشطة حزب الله، يأتي بحسب مصادر لبنانية مطلعة، من مكان تواجدها في منطقة تعتبر منطقة نفوذ شبه مطلق للحزب، جنوب البلاد، وهي منطقة الزهراني، لافتةً إلى أن تلك المنطقة لا يوجد فيها أي قوة أخرى قادرة على إدخال أو إخراج مواد بتلك الخطورة، سوى الحزب المسيطر عليها.
كما تلفت المصادر إلى أن حتى الجيش اللبناني، لا يمتلك صلاحيات واسعة في منطقة الزهراني، مثل النفوذ الخاص بحزب الله، مشيرةً إلى وجود تحركات لبنانية شبه رسمية لتعطيل أي عمليات تحقيق فعلية حول تلك المواد.
في السياق ذاته توضح المصادر أن الحكومة اللبنانية، والتي يسيطر عليها حزب الله، لم تتمكن من تجاهل المسألة ولا حتى عدم الإعلان عنها، بسبب التقرير الذي أعده خبراء شركة COMBILIFT الألمانية، والذي كشف عن وجود مواد نووية خطرة داخل منشآت النفط في منطقة الزهراني، مشددةً على أن إعلان الحكومة ارتبط بخروج الأمور عن السيطرة وليس من باب وقوفها موقف حيادي من القضية.
يشار إلى أن معظم دول العالم قد أوقفت تقديم المساعدات المالية للبنان، تزامناً مع إعلان تشكيل حكومة “حسان دياب”، عام 2019، والتي وصفت بأنها حكومة حزب الله، بسبب نفوذها داخل الدولة اللبنانية.
إلى جانب ذلك، تكشف المصادر أن دخول تلك المواد إلى لبنان لا يمكن أن يتم بطريقة تهريب تقليدية أو شبكات تهريب عادية، وإنما بحاجة إلى شبكة اخطبوطية من جهات متنفذة قادرة على إدارة عملية خروج المواد من مصدرها إلى مكان تخزينها بشكل سلس، خاصةً إذا ما كانت المواد قد وصلت إلى لبنان عن طريق البحر، وبالتالي فإن عملية إدخالها ستمر بعدة محطات قبل وصولها إلى هدفها.
من جهته، يشير الباحث في الشؤون اللبنانية، “أحمد عيتاني”، إلى أن منطقة الزهراني، هي منطقة متقاسمة النفوذ بين حزب الله وحركة أمل، والتي بدأت قوة الحزب تشتد فيها خلال الأشهر الماضية، موضحاً: “من الناحية العملية، حركة أمل لا ترتبط مع إيران بعلاقات قوية مثل حزب الله، حتى تحصل على شحنات نووية، كما أنها لا تمتلك معابر غير شرعية ولا تدير منافذ حدودية برية أو جوية أو بحرية، حتى تدخل تلك الكميات من مواد نووية، أما النقطة الأهم فهي عدم سماح الحزب المهيمن على الدولة، بأن تحصل الحركة على مثل تلك المواد، خاصةً وأن منطقة الزهراني تحديداً شهدت في وقتٍ سابق مواجهات بين أنصار الطرفين”.
ويذهب “عيتاني” إلى التأكيد على قضية استحالة أن تكون تلك المواد أو الشحنات تابعة للدولة اللبنانية، خاصةً وإن إعلان “دياب” يؤكد على أن أجهزة الحكومة الرسمية لا علم لها بوجود مثل تلك الشحنات.
إيران تلوح في الأفق
السؤال الأبرز، بحسب المحلل السياسي، “ميشال بوصعب”، هو حول مصدر تلك المواد، على اعتبار أن تحديده سيساعد بشكل كبير على معرفة الجهة اللبنانية التي تمتلك المواد النووية، لافتا إلى أن كل الطرق تؤدي حتى الآن إلى حزب الله وإيران.
كما يوضح “بوصعب”: “الدولة الوحيدة التي من الممكن أن تقوم بإدخال تلك المواد إلى لبنان بتلك الطريقة، هي إيران، والجهة اللبنانية الوحيدة التي من الممكن أن تهتم بوجود مثل تلك المواد هي حزب الله، على اعتبار أنه الكيان اللبناني الوحيد الذي يدخل في لعبة الصراع الإقليمية بشكل عسكري”، مشيراً إلى أن النشاط العسكري الإيراني السري داخل لبنان قد شهد تصاعداً كبيراً خلال السنوات الخمس الماضية، والذي وصل إلى حد إدارة مشاريع تطوير عسكرية في المناطق الجنوبية بالاشتراك مع الحزب، ودون علم الحكومة اللبنانية.
يشار إلى أن الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، قد كشفت العام 2019، عن وجود مشروع إيراني لتطوير المسيرات الحربية في جنوب لبنان، دون علم الدولة اللبنانية، وذلك عقب شن الطيران الحربي الإسرائيلي، سلسلة غارات على مناطق تابعة للحزب في الجنوب اللبناني.
إلى جانب ذلك، يلفت “بوصعب” إلى أن الحديث حالياً لا يدور عن تهريب وقود أو مواد غذائية وإنما مواد نووية دخلت البلاد بطريقة غير رسمية، مشيراً إلى أن مسألة إدخالها تتطلب دولة عميقة قادرة على ضمان وصول تلك المواد إلى منطقة التخزين دون اعتراضها من أي جهةٍ كانت.
ما بعد النووي هل سيختلف عن ما قبله؟
“حزب الله سيكون في أزمة حقيقية سواء في حال ثبت بأن المواد النووية تعود إليه أو لم تثبت”، يقول الخبير في شؤون الشرق الأوسط، “عمر خصاونة”، لافتاً إلى أن اكتشاف أمر تلك المواد، كفيل في تشديد المجتمع الدولي رقابته على المنطقة وأنشطة حزب الله والتضييق عليه، لا سيما من جهة الولايات المتحدة.
كما يشدد “خصاونة” على أن فترة ما بعد اكتشاف المواد النووية، لن تكون كما قبلها، خاصة وأنه الوجود النووي الأول في المنطقة على الحدود مع إسرائيل، ما يعني أن الأخيرة ستعمل أيضاً على تشديد الرقابة على عملية تهريب الأسلحة إلى منطقة جنوب لبنان، مرجحاً أن تزيد إسرائيل غاراتها على مواقع حزب الله جنوب لبنان.
أما التطور الأكبر على الساحة اللبنانية، سيكون في شكل الدولة اللبنانية، بحسب “خصاونة”، على اعتبار أن حزب الله تعدى كل الخطوط الحمراء خلال هيمنته على لبنان، بإدخال مواد شديدة الخطورة واستغلاله تلك الهيمنة لتقوية ترسانته العسكرية، متوقعاً أن تشهد الفترة المقبلة ضغوطاً دولية مشددة لتشكيل الحكومة الجديدة ووضع جد لهيمنة الحزب على الدولة اللبنانية وأجهزتها.
أخبار متعلقة :