كنا قد نشرنا بتاريخ 22 يناير، 2021 تناولنا في زاوية “مينا” تلك الاعتذارات المتتالية للصحفي قاسم قصير، والتي يتراجع فيها عن انتقاداتهم لحزب الله ووليه الفقيه، وقلنا بأن اعتذارع ذاك لم يكن سوى تلافيًا لاغتياله باعتباره الابن الضال.. اليوم يُغتال لقمان سليم الصحفي الشيعي، الابن الضال، الذي عرف طريقه إلى الموت وتوقعه.. نعيد نشر ماكتبناه:
“لايمكن لحزب الله أن يستمر بسياسته هذه” و”لا لإمرة الفقيه”.. كان هذا ملخص ماحكاه الصحفي اللبناني قاسم قصير، ومن لايعرف قاسم قصير، فهو رجل يحاول أن يخرج من عباءة حزب الله، دون أن يخلعها عن جسده بكاملها، فالرجل “شيعي”، وعقوبة “الولد الضال” أقسى من بقية من يعتدي على عقيدة حزب الله أو سلاح حزب الله.
كلمتان كانتا كافيتان للاغتيال المعنوي لقاسم قصير، وتدراكًا للمزيد حاول قاسم قصير تبرير ماقاله، بأن ماقاله يأتي في إطار “النصح” و “حسن النية”، و” المكاشفة مع الحليف”.
الأمر ليس كذلك، فقاسم قصير كما الكثير من الكتاب والصحفيين والمفكرين الشيعة في لبنان، يعرفون الإغراق الذي تسبب به حزب الله لبيئتهم، بما جعل مصطلح “الانعزالية” ينطبق على هذه البيئة، ومعه المزيد من الفقر والمجاعة، وكراهية المحيط، فحزب الله لم يكن الوارث الحقيقي للإمام موسى الصدر، ليحرر الجنوب والشيعة ويخرجهم من حزام البؤس، فقد زاد على البؤس بؤسًا، وليست قوافل القتلى من شباب الشيعة سوى لمزيد من الإغراق لشباب خاضوا حروبًا بالوكالة، فلا الجمل جملعهم ولا الناقة ناقتهم، ذلك أن الناقة والجمل بما تنتجان، تنتجان لحساب الولي الفقيه في إيران وليس لحساب الجندي المجهول في لبنان.
قاسم قصير يعرف ما الذي يعنيه الانسلاخ عن حزب الله، وهو كسواه من المفكرين الشيعة اللبنانيين لابد وقرأوا سيرة مهدي عامل، كما سيرة حسين مروة، والاغتيالات التي وقعت على شخصيات من اليسار اللبناني، الذين كانوا في واقع الأمر في غالبيتهم من الشيعة، ليتم تنظيف الساحة من المفكرين لحساب تقدّم وبروز قيادات دينية للمجتمع الشيعي اللبناني، واستفراد حزب الله بالبيئة الشيعية، فقبل عشرين عاما، شن حزب الله حربا بلا هوادة ضد الشيوعيين، تابعها بالتحالف مع الاتجاه السلفي الإسلامي الممثل بوجه خاص بحزب الدعوة الحزب السلفي بقواعده في العراق وإيران، ليست شيعية وحسب، بل ذات أغلبية شيعية وكان يرى في الحزب الشيوعي نقيضه في كل شيء، وكان يسعى لإلغاء كل فكرة عن العلمانية والانفتاح وفلسفة مغايرة ، ووصل حزب الله حد اغتيال العديد من اليساريين وبوجه خاص مثقفين وأطرا جامعية، قتلوا على سبيل المثال مهدي عامل وحسين مروة، ونشبت معارك صغيرة سواء في بيروت أو في البقاع الغربي، في مناطق عديدة، حيث كان ميزان القوى يتيح قضاء طرف على آخر، ساعد ذلك أيضا ميل سوريا الى استئصال شيوعيي المقاومة الوطنية، كان ثمة تفاهم ما بين النظام السوري وحزب الله وقوى أخرى أيضا على تصفيتهم.
في هذه الصيغة كان اليسار مطاردًا من حزب الله، وكان ثمة يساريون ذهبوا للقيام بعمليات مقاومة ضد اسرائيل واغتيلوا وأطلقت عليهم النار من الخلف”.
من بين هؤلاء الدكتور حسن عبدالله حمدان المعروف باسم “مهدي عامل”، أراد أسلوباً خاصاً به، يوحّد بين العلم والإيمان، قبل اغتياله في الثامن عشر من أيار العام 1987 في أحد شوارع بيروت وهو في طريقه إلى الجامعة اللبنانية، حيث كان يدرس مواد الفلسفة والسياسة والمنهجيات في معهد العلوم الاجتماعية، بعد حصوله على شهادتي الليسانس والدكتوراه في الفلسفة من جامعة ليون الفرنسية.
حسين مروة، المفكر والفيلسوف ورئيس تحرير مجلة الطريق، سبق اغتياله اغتيال مهدي عامل (1987) على يد حزب الله أيضًا، وكان لمهدي عامل أن يرثي رفيق دربه بالقول:”قتلوك لأنك شيعي وشيوعي”.
واليوم.. ما الذي واجهه قاسم قصير؟
اغتيال من نوع آخر، قد يتطور ليأخذ شكل الاغتيال الذي واجهه مهدي عامل وحسين مروة.
الابن الضال لايدخل الجنة.
تلك رسالة حزب الله.
أخبار متعلقة :