مرصد مينا – هيئة التحرير
بعد ساعات من فقدان الاتصال به، عثر اليوم الخميس على جثة الناشط والباحث اللبناني “لقمان سليم” المعروف بمعارضته الشديدة لحزب الله اللبناني، مقتولاً داخل سيارته في منطقة العدوسية بمدينة النبطية في جنوب لبنان برصاصتين في الرأس، وواحدة في ظهره، بحسب قوى الامن اللبناني.
وباشر النائب الاستئنافي في الجنوب “رفيق رمضان” التحقيقات في الجريمة وكلف الطبيب الشرعي للكشف على الجثة.
عائلة لقمان كانت قد أطلقت بعد منتصف ليل امس، رسالة استغاثة، طالبة من يعرف عنه شيئا التواصل معها، وكتبت “رشا سليم الأمير” شقيقة الباحث والمحلل السياسي، المعروف بمعارضته الشرسة لحزب الله بتغريدة على تويتر كما على حسابها على فيسبوك “شقيقي لقمان سليم غادر نيحا الجنوب من ٦ ساعات عائدًا إلى بيروت وهو لم يعد بعد . هاتفه لا يردّ .لا أثر له في المستشفايات . من يعرف عنه ليتواصل معي مشكورًا “.
يذكر أن المعارض الشيعي لطالما انتقد حزب الله وسلاحه، معتبرا أن أجنداته خارجية، تقدم مصلحة إيران على مصلحة لبنان، وما فتئ يعتبر أن الحزب يمارس سلطة القمع والرقابة على عقول مناصريه.
وكان تعرض سابقا لحملات تخوينية عدة من قبل موالي وأنصار الحزب وحركة أمل، حتى أنهم دخلوا العام الماضي حديقة منزله، تاركين له رسالة تهديد، وملوحين برصاص وكاتم صوت، ما دفع “سليم” إلى إصدار بيان حمل فيه مسؤولية تعرضه لأي اعتداء إلى أمين عام حزب الله “حسن نصرالله”، وحركة أمل برئاسة رئيس مجلس النواب “نبيه بري”.
من هو لقمان سليم
ولد المغدور “سليم” في حارة حريك في الضاحية الجنوبية لبيروت عام 1962، حاصل على شهادة في الفلسفة من جامعة السوربون في فرنسا، وأسس عام 1990 دار الجديد للنشر، والتي تهتم بنشر الأدب العربي ومقالات ذات محتوى مثير للجدل، وتتراوح منشوراتها بين الكتب التي يحظرها الأمن العام اللبناني وحتى الترجمات العربية الأولى لكتابات “محمد خاتمي” الرئيس الإصلاحي الإيراني السابق والتي أثارت جدلاً داخل المجتمع الشيعي في لبنان.
شارك في العام 2004 في تأسيس” أمم للأبحاث والتوثيق”، ومركزها حارة حريك في ضاحية بيروت الجنوبية، وهي تُعنى بإنشاء أرشيف مفتوح للمواد المتعلقة بالتاريخ الاجتماعي والسياسي في لبنان، وتهتم بجمع شتات ذاكرة الحرب اللبنانيّة، ويُتابع سليم بدقّة عبر كتب ومعارض وحلقات نقاش موضوع المفقودين و بوسطة عين الرمانّة وأستديو بعلبك و المحكمة العسكريّة ومصير المقاتلين الصغار الذين دفعوا أثمان الحروب الجانبيّة التي دارت على هامش الحرب الرسميّة، كما أخرج مع مونيكا بورغمان فيلمًا يستجوب قتلة مجزرة مخيّم صبرا وشاتيلا.
وفي كانون الأول من العام 2019، تم الاعتداء على منزل سليم الواقع في حارة حريك بالضاحية الجنوبية في بيروت، وتزامن مع اعتداء مماثل نفذه مؤيدون لحزب الله وحركة أمل استهدف خيمة لنشطاء في بيروت يُعتبروا من المعارضين للحزب وسلاحه.
الاعتداء الذي وقع في حارة حريك استهدف مجمع منازل لعائلة سليم يضم منزله الشخصي ومنزل العائلة ومنازل لأبناء عمومته، لكن تدخل بعض وجهاء المنطقة ساهم في عدم تطوره، وفقا لسليم.
“تعليق ومسح” تغريدات..
اللافت، أن “جواد نصرالله” نجل الامين العام لحزب الله “حسن نصر الله” غرد على تويتر بعد خبر مقتل الباحث اللبناني قائلا: “خسارة البعض هي في الحقيقة ربح ولطف غير محسوب”. وأرفق تغريدته بوسم “#بلا_أسف”.
وبعد وقت قليل حذف “جواد نصرالله “التغريدة الاولى ونشر الاتي: “مسحت التغريدة التي يريد البعض فهمها على ذوقه، مع العلم اني كتبتها بمنأى عن اي خبر او حدث وهي شيء شخصي، منعاً للبس وللاستفراغ الاخلاقي لدى البعض الذي بات معروفاً بحقده وتفاهته في مقاربة الأمور”. وبعد لحظات من مقتل الباحث اللبناني غرد صديق الراحل، المحلل السياسي اللبناني “مكرم رباح”، كاتبا على حسابه على تويتر:”تعدد الموت و المجرم واحد…. آخ يا لقمان شو غبي و مجرم يلي استرجى يقتلك”.
من جهته، حذر تيار المستقبل التابع لرئيس الحكومة المكلف سعد الحريري من عودة مسلسل الاغنتيالات واستهداف الناشطين. وأعرب في بيان اليوم عن استنكاره بأشد العبارات لهذه “الجريمة النكراء”، مطالبا الجهات المختصة بالعمل على جلاء الحقيقة بأسرع وقت.
وزير الداخلية اللبناني “محمد فهمي” وصف ما حصل بالجريمة المروعة والمدانة، قائلا في تصريحات صحفية “أجريت اتصالات مع قادة الأجهزة الامنية لمتابعة تداعيات اغتيال الباحث والناشط السياسي “لقمان سليم”.
واستنكر الحزب التقدمي ودان جريمة قتل الناشط السياسي لقمان سليم، التي إنما تستدعي من القوى والأجهزة الأمنية أقصى درجات الملاحقة والمتابعة والتحقيق الفعلي والشفاف لكشف المرتكبين وسوقهم إلى القضاء بأسرع وقت، وإنزال القصاص الذي يستحقون، وفق ما ذكر الحزب.
وغرّدت النائبة “رولا الطبش” عبر حسابها على “تويتر”: “من يخاف من الكلمة.. لا يستحق أن يكون حرفا في ابجدية الوطن. لقمان سليم .. شهيد الكلمة الحرة لوطن حر”.
لا ثقة في القضاء..
وسائل إعلام نقلت عن “رشا الأمير”، شقيقة الناشط والكاتب اللبناني بعد مقتله، أنها لاتتهم أحدا في اغتيال أخيها، لكن “المسؤولون عن الجريمة معروفين، هم قاموا بتوجيه أصابع الاتهام لأنفسهم، من المعروف من هو المتحكم في هذه المنطقة”.
وأشارت رشا في تصريحاتها إلى” أن شقيقها قد سبق وأشار لتعرضه إلى تهديدات متنوعة، وصلت إلى منزله، متهمة أن هؤلاء الذين سبقوا أن هددوه في بيته هم الضالعين في قتله”.
وكان الناشط الراحل قد تحدث عن تجمع للعشرات أمام منزله في حارة حريك بالضاحية الجنوبية في بيروت، تزامن مع اعتداء مماثل نفذه مؤيدون لحزب الله وحركة أمل واستهدف خيمة لنشطاء في بيروت.
وقال “سليم” وقتها إن هناك ربطا بين الاعتداءين باعتبار أنهما نفذا من قبل نفس الجهة وهي جماعة حزب الله متخفين تحت غطاء شعارات علمانية.
وأضافت رشا أن قتل شقيقها قد دمر العديد من المشاريع الثقافية والفنية التي كان يعمل بها، مضيفة: “هذه هي بصمتهم أن يرحل الجميع ولايبقى سوى القتلة”.
كما أكدت “الأمير” أنها لاتثق في قدرة القضاء اللبناني، قائلة بسخرية: “هذا قدر وليس قضاء.. قدر سيخنقنا جميعا”، شاكية من تكاسل الأمن في الاستجابة لشكوى غياب شقيقها، وتقاعسها عن حمايته رغم تعرضه لتهديدات تمس سلامته الشخصية على مدار عام.
أخبار متعلقة :