أكد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي “اننا لسنا مع المحاصصة بل مع المشاركة بالحكم والادارة، لأن المحاصصة تنهي البلد وتخربه”، داعيا أهالي بلدات ساحل جزين الى “التشبث بأرضهم لأن الأرض هي مصدر هويتنا وثقافتنا ومستقبلنا، وهي أم، وحين أفقد أرضي فقدت الأم معناها أي أنا يتيم”.
كلام الراعي جاء خلال جولة له في بلدات شواليق ووادي بعنقودين ولبعا.
وقد كانت محطته الاولى في عاصمة الجنوب صيدا، حيث زار مطرانية صيدا المارونية وكان في استقباله راعي الابرشية المطران مارون العمار وعدد من الكهنة. ثم انتقل والعمار الى بلدة شواليق، في زيارة هي الأولى له الى البلدة، دشن خلالها القاعة الجديدة لكنيسة مار يوسف حيث استقبل من قبل ابناء البلدة بنثر الورود والأرز وقرع اجراس الكنيسة.
وقال الراعي: “نحن في لبنان نختبر ان وطننا ككل يصل في كل مرة الى شفير الهاوية ونشعر ان يدا خفية امسكت به. هذا ايمان شعبنا وصلاتنا، هذه سيدة لبنان وهذه العناية الالهية وهؤلاء قديسونا من هذا الوطن يشفعون بنا. طبعا السماء لا تتركنا، ولكن يجب ان نعرف نحن ايضا كيف نتولى بيدنا مسؤوليتنا. لدينا ضمانة ان الله يحمينا كما الطفل يعتبر ان اباه وامه يحميانه، وعندما يكبر يفكر بأن يتحمل مسؤولية نفسه ويبقى الأم والأب مساندين له”.
وذكر ان “قوتنا في وحدتنا، قوتنا في تنوعنا في وحدتنا، تعدديتنا في الوحدة، هذه ميزة لبنان. ان لبنان عندما يصبح لونا واحدا دينيا او سياسيا او حزبيا، لا قيمة له، لبنان كل قيمته بالتعددية، ولذلك هو ديمقراطي، وهو الوحيد المتنوع بين كل بلدان الشرق الأوسط، والوحيد نظامه ديمقراطي والوحيد يحترم الحريات العامة والوحيد الذي يترك مكانا للآخر ويتقاسم لا يتحاصص، بل يتشارك مع الآخر مسؤولية البلاد. نحن لسنا مع المحاصصة بل مع المشاركة بالحكم والادارة، لأن المحاصصة تنهي البلد وتخربه. نحن مع أن نتشارك سويا ونبني سويا كمواطنين في هذا المجتمع. ولذلك لبنان لا يستطيع ان يعيش لا على اقصاء الآخر ولا على التفرد بالحكم والإدارة. هذه ثقافتنا وهذه رسالتنا، هذا الكلام اقوله من الشواليق”.
بعد ذلك انتقل الراعي الى بلدة وادي بعنقودين، حيث استقبل على وقع قرع اجراس الكنيسة وعزف لفرقة استعراضية، ثم عقد لقاء مع رعية كنيسة مار انطونيوس بحضور مختار البلدة انطوان مخايل والرئيس السابق لرابطة الاخويات في لبنان غطاس نخله وعدد من ابناء البلدة.
وخاطب الراعي أهالي البلدة قائلا: “انا هنا معكم لأحييكم، انتم الذين قدمتم 18 شهيدا باحداث العام 1985، هؤلاء الشهداء وضعوا وشاح حزن على بلدتكم وهم شفعاء لكم في السماء ويعطونكم اليوم ويساعدونكم، هكذا اكملتم المسيرة، وصحيح القول الذي يقول ماتوا لنحيا، فلولاهم نحن لم نكن هنا، فأنا اعزيكم”.
ولدى وصول موكب البطريرك الى بلدة لبعا، أطلقت المفرقعات النارية، وكان في استقباله رئيس البلدية فادي رومانوس وعقيلته سلمى وأعضاء المجلس البلدي، في حضور أسود وخوري والعمار وراعي ابرشية صيدا ودير القمر للروم الكاثوليك المطران ايلي الحداد وممثل راعي ابرشية صيدا ومرجعيون للروم الارثوذكس الياس الكفوري الاب جوزيف الخوري ورئيس اتحاد بلديات صيدا الزهراني محمد السعودي والمختار وسام واكيم ورئيس نادي لبعا إيلي سليمان والمديرة العامة لكاريتاس لبنان الدكتورة ريتا رحيم وفاعليات وحشد من ابناء البلدة.
والقى رومانوس كلمة باسم المجلس البلدي قال فيها: “غبطة أبينا، هذه زيارتكم الثانية الى بلدتنا الحبيبة، وهذه بركتكم الثانية لمنطقة جزين الصامدة ومن لبعا بالتحديد. في الزيارة الأولى باركتم وضع حجر الأساس لبناء الكنيسة. اليوم تباركون وتدشنون شارع البطريرك الراحل الكبير المثلث الرحمات الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير الذي زار لبعا ثلاث مرات”.
وتابع: “استذكر في هذه المناسبة ما قلته لغبتطكم في الصرح البطريركي لدى تكريمكم سلفكم، اذ فعلتم ما يفعله الكبار في وداع الكبار، وشهد العالم على كبركم، وعظمتكم، وتواضعكم. ومع الكاردينال صفير نستذكر معكم الكاردينال ايتشيغاريه الذي بارك منطقتنا في تموز 1985 بعدما أرسله الحبر الأعظم الى منطقة جزين المحاصرة يومها، ونصلي لراحة نفسه بعدما انتقل أول امس الى الراحة الأبدية. كما نستذكر الكاردينال سيلفستريني رحمه الله والذي زار لبنان في تموز من العام 1991، وكان للبعا شرف استضافته، فأقام في دار العناية وزار بلدات ساحل جزين داعما وطالبا منا أن نثبت بأرضنا وان نرفض الخضوع. وتأتون الآن رسولا من كنيستنا الصامدة، لتقودوا مرحلة إعمار المنطقة. سيأتي اليوم الذي نشهد فيه بالحقيقة كاملة عن دوركم الجبار في ملف استعادة كفرفالوس، سيكتب التاريخ بأنكم بطريرك الإعمار، ونهضة لبنان الحبيب، ومنطقة جزين، وصاحب الرؤية في دعم المسيحيين أينما حلوا.
وقال: “حاولنا ونحاول المستحيل، لنمنع دمار المنطقة، وقد ساعدنا النائب زياد أسود والنائب سليم الخوري والوزير فادي جريصاتي عبر استصدار قرار يحمي منطقتنا من مجبل الموت، لكن وزير الصناعة وائل بو فاعور لا يريد أن يسمح لنا بالحياة. يصر على موتنا اكراما لزعامة ونزولا عند رغبة المستفيدين”.
وأردف: “غبطة ابينا، ستزورون بعد لبعا بسري الحبيبة، التي يهددها سد غريب عجيب، قد يقضي على ثروتها، واحراجها وبيئتها. كذلك مرامل الموت في العيشية تهدد المنطقة وصحة أبنائها، فمن لنا سواكم يا سيدنا وحامينا؟ من لنا سوى قدرتكم على احداث التغيير لمصلحة المسيحيين في المنطقة؟”.
ورد الراعي قائلا: “نحن اكثر من سعداء ان نكون معكم في بلدة لبعا، لأكثر من سبب، والسبب الجوهري والاساسي ان نلتقي بتأثر حتى ندشن شارعا باسم مثلث الرحمة البطريرك الراحل الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير الذي من سمائه اليوم يبتهج ويبارك ويصلي ويدعو لكم جميعا”.
وهنأ رئيس البلدية وأعضاء المجلس البلدي وأبناء لبعا “على هذه المبادرة الحلوة وعرفان الجميل للبطريرك الكبير الراحل مار نصرالله بطرس صفير، وهذا فخر كبير بالنسبة لنا ان نكون معكم هنا بهذه البلدة التي سمتها عريفة الحفل مدخل الساحل والجبل، وجميل ان يكون هنا هذا الشارع باسم البطريرك الكبير المحبوب من كل اللبنانيين كما بدا يوم وفاته وايام التعازي، فجميعكم تعرفون أننا اقمنا اسبوعا كاملا، لكن لو قدمنا شهرا لكانت الجماهير حتى اليوم تتقاطر إلينا، لأن هذا الرجل أحبه كل اللبنانيين لأنه أحبهم كلهم”.
وشكر رومانوس “على هذه المبادرة الحلوة”، ثم تحدث عن علاقته بالبطريرك الراحل صفير قائلا: “حين كان مطرانا شابا في العام 62 تعرفنا عليه والعلاقات توطدت اكثر واكثر، وحين انتخب في العام 1986 كنت انا انصب نائبا بطريركيا مكانه في بكركي، وعشنا معه 4 سنوات حلوة تعرفنا عليه بشخصيته الروحانية ومعرفته للبنان واللبنانيين ومعرفته العميقة للسياسة والسياسيين، هو الذي واكب البطريرك المعوشي ثم البطريرك خريش، وبهذا الصمت تعرف على الجميع، وكان بالنسبة لنا مدرسة كبيرة جدا وخاصة بتجرده وتواضعه وعدم ادعائه ابدا، ولا مرة قال كلمه فيها اي ادعاء، لذلك اقول من كل قلبي شكرا لأن بادرة افتتاح هذا الشارع عزيزة علينا كثيرا لنعود ونزور لبعا ونمر بشارع الراحل البطريرك صفير”.
كما شكر رومانوس على “كلمته التي عبرت عن المعاناة التي يعيشها ابناء المنطقة وتحدثت عنها بالتفصيل ووضعتها في قلبي، وأعد بأن أعمل مع المطارنه ومجلسنا ومع كل اصحاب الارادات الطيبة والمسؤولين وسنبذل كل جهدنا من اجل خدمة هذه المنطقة”.
وقال متوجها الى رومانوس: “وضعت عندي الكثير وانا بالحقيقة اضعها عندكم انت والمطران العمار والرهبنة اللبنانية المارونية والمؤسسة المارونية للانتشار وكل الذين عاونوا وكل الاردات الطيبة التي وضعت يدها بهذا المشروع، مشروع كفرفالوس. بالنسبة لي كان حلما، ولذلك نحن ندعم، ونحن نرى فيه علامة رجاء للمنطقة وعلامة خير لكل الناس، وهو مفتوح لكل الناس، وليس هناك اجمل من البنيان والنمو والتطور، حتى العائلة اللبنانية بتنوعها، وهذا جمالها انها متنوعة، تلتقي وتتعاون مع بعضها لبناء هذا الوطن الحبيب لبنان، والذي ليس له قيمة اذا فقد ميزته الاساسية، التعددية في الوحدة، لا يعود له قيمة، لون واحد وطائفة واحدة وحزب واحد ليس لبنان، فكل قيمة لبنان بتنوعه ووحدته”.
وأضاف: “نتطلع الى كفرفالوس من هذا المنظار، ولما توجهنا إلى آل الحريري الكرام وجدنا منهم كل ترحاب، هذه علامة انهم ايضا مؤمنون بهذا التعاون بين اللبنانيين، وهناك قلوب مستعدة ونوايا صالحة وتطلعات حلوة والله يبارك هذا المشروع وربنا يتمم امنياتكم ويكون فعلا لهذا المنطقة كلها علامة فرح ورجاء وتشبث”.
بعد ذلك قدمت للراعي هدايا من منتوجات البلدة، وصليب مذهب من رومانوس الذي قدم له أيضا لوحتين للسيدة العذراء وكتابا من جمال محفوظ.
ثم انتقل الراعي والعمار والحداد ورومانوس والسعودي لغرس شجرة زيتون في حديقة لبعا، وتم افتتاح شارع باسم البطريرك الراحل مار نصر الله بطرس صفير.
أخبار متعلقة :