في اطار المهام المطلوبة من اللجنة الوطنية للسلامة المرورية، عليها ابداء الرأي بـ”مشروع مواصفات الميادين المغلقة للتدريب على المهارات الاساسية لقيادة المركبات الآلية”، حيث رفعت مشروعا الى وزارة الداخلية والبلديات في هذا الشأن.
لكن من خلال ما حصلت عليه وكالة “اخبار اليوم” من مستندات يبدو ان اللجنة وقعت في سلسلة من المغالطات التي تدعو الى التساؤل عما اذا كان من وراء الامر صفقة ما؟!
خطأ اساسي في الشكل
بداية لا بد من الاشارة الى ان اللجنة وقعت في خطأ اساسي، اذ ان “الميادين المغلقة للتدريب” تنص عليها المادة 236 من القانون رقم 243 تاريخ 22/10/2012 (قانون السير الجديد) في حين المادة 360 من القانون المشار اليه تنص على مهام اللجنة الوطنية للسلامة المرورية.
.. هذا في الشكل، وقد يكون الخطأ سقط سهوا!!!
اما بالانتقال الى المضمون، فان اللافت في المواصفات، حيث حدّدت المادة الاولى، من المشروع الذي رفع الى وزارة الداخلية والبلديات في 24 تموز الماضي، مساحة الميدان بخمسة آلاف متر مربع.
وجاء في المادة الثانية: يحدد العدد الاقصى لمركبات التدريب التي يمكن استخدامها في الميدان المغلق بمركبة واحدة مقابل كل تسعين مترا من الطرق المعبّدة بالاتجاهين.
في حين ان النص الاساسي للمادة 236هو على النحو الآتي:
1- تُعتبر الميادين المغلقة كأماكن تدريب السوق العملي الأساسي، وفي حال عدم وجودها، تحدّد بقرار من المحافظ المختص أجزاء من الطرقات العامة لهذه الغاية ويتم اختيارها وتغييرها تبعاً لتطور حجم وكثافة المرور عليها، على أن تتوفّر فيها شروط السلامة المرورية النموذجية لجهة علامات ولافتات الطريق وإشارات المرور وحواجز الحماية على جانبي الطريق وغيرها.
2- تحدّد مواصفات ميادين التدريب المغلقة أو أجزاء من الطرقات العامة، للتدريب الفردي والمتعدّد المركبات، كما يحدّد العدد الأقصى لمركبات التدريب تبعاً لمساحاتها.
3- تحدّد بقرار من وزير الداخلية والبلديات بناء على اقتراح اللجنة دقائق تطبيق هذه المادة.
شرح بالارقام
ومن الاسئلة التي يجب التوقّف عندها والتنبّه إليها قبل ان يقر هذا المشروع، كونه في الصيغة التي اتى بها يمهّد لصفقة قد يستفيد منها اشخاص محددين، في حين المواطن هو الذي سيدفع الثمن من جيبه… هذا شرح بالارقام:
يصدر سنويا في لبنان 70 الف رخصة سير بين عمومي وخصوصي، حوالي ألف 58 رخصة خصوصية، وليحصل المواطن على هذه الرخصة هو بحاجة الى تقريبا 15 ساعة تدريب، اي يبلغ مجموع عدد ساعات التدريب مليون و50 الف ساعة.
وبحسب المواصفات المشار اليها، فانه اذا كان لا مشكلة في توفر الاراضي في الشمال والجنوب والبقاع، فإننا سنكون امام معضلة بالنسبة الى بيروت وضواحيها.
فلو كان 35 % من تلك الرخص صادرة من بيروت، فيجب تغطية 350 الف ساعة سنويا، واذا كان كل ميدان يتسع لعشر سيارات في آن، فاننا بحاجة لتأمين اقله 10 ميادين.
وبالارقام ايضا، اذا كان سعر متر الارض اقله في بيروت الفي دولار، فان كلفة كل ميدان تقارب الـ 10 مليون دولار، وبالتالي سيضاف مبلغ 27 دولارا على كل ساعة تدريب (المحددة حاليا تقريبا بـ 25 دولارا لدى معظم مكاتب السوق )، هذا اذا كانت فائدة 10% على مبلغ الـ 10 مليون دولار كإيجار للميدان او كربح لصاحب الميدان منطقي لكلفة استثماره.
تحذير … واملاك عامة
وتجدر الاشارة الى ان الفقرة السادسة من محضر الاجتماع الرابع للجنة الوطنية للسلامة المرورية، تحدث عن تحذير لنقيب اصحاب مكاتب تعليم السوق عفيف عبود “من بعض المشاريع الخاصة التي تحاول حصر التعليم العلمي لديها من خلال انشاء مساحات خاصة للتعليم واستغلال غياب المساحات العامة”.
كما ان الفقرة ذاتها تفيد بان مدير عام النقل البري والبحري عبد الحفيظ اللقيس كان قد حصل من المديرية العامة للشؤون العقارية على قاعدة معلومات مفصّلة عن املاك الدولة الخاصة التي يمكن من خلالها اختيار ما يناسب لاقامة الميادين المغلقة.
17 ساعة تدريب
وانطلاقا مما تقدّم يخشى اصحاب مكاتب السوق بإلزامهم اجراء التدريبات في الميادين المشار اليها. السؤال لديهم ماذا لو تحجج المعنيون بعدم توفر الا ميدان واحد او اثنين، ألا نكون امام حالة من الاحتكار. خصوصا وان المادة الثالثة من المشروع تنص على: “تكليف هيئة ادارة السير والمركبات الكشف على الميادين التي يقترح اصحابها تخصيصها للتدريب، وتصدر قرارا باعتمادها في حال كانت تستوفي الشروط المنصوص عنها في المادة الاولى”. بمعنى ان استنسابية القرار وضعت بيد جهة واحدة.
ومعلوم في هذا المجال، ان سعر ساعة التدريب محدد بـ 25 $، ويشمل السيارة والبنزين والمدرّب، هذا اضافة الى تكاليف المكتب، وقبل التقدّم بفحص السَوْق، يفترض بالتلميذ ان يكون قد خضع لـ 17 ساعة تدريب، فهل يجوز ان يصل سعر الساعة الى 52 $ من اجل اتمام التدريب في الميدان؟
غير ان السؤال البديهي – اذا ما حُصر التدريب بالميادين المشار اليها- هل هذا السائق يستطيع السير بين السيارات وفي الزحمة؟!
اين كل هذه المبالغ؟
وتجدر الاشارة اخيرا الى ان تكلفة الحصول على رخصة القيادة هي حاليا 260 الف ليرة كرسوم (دون ساعات التدريب)، والتي سيزاد عليها كلفة الميادين لتصبح تقريبا 550$ في حين ان تكلفة الدفتر طباعة وتغليف لا تتجاوز الـ 5000 ليرة لبنانية؟ فاين تذهب كل هذه المبالغ؟!
واخيرا، يبقى السؤال: هل هذا المشروع سيبصر النور؟
أخبار متعلقة :