نقلت “المركزية” عن مصادر “واسعة الاطلاع” انها المرة الأولى التي نجح فيها اهل الحكم باستثمار الظروف المناسبة للضرب بيد من حديد في بعض الملفات الأساسية. فقد شكلت عملية استكمال تشكيل المجلس الدستوري نموذجا نفذ في ساعات قليلة فصلت بين التفاهم على مجموعة الأعضاء الخمسة وتعيينهم في مجلس الوزراء ودعوتهم الى قسم اليمين الدستورية امام رئيس الجمهورية بعد اصدار المرسوم الخاص بالتشكيلة في ليلة صيف من آب قبل تسلمهم مهامهم رسميا في الساعات المقبلة.
وقالت المصادر، لـ”المركزية”: “لو سمح البعض بإجراء عملية انتخاب رئيس المجلس الجمعة في مقر المجلس الدستوري قبل عملية التسلم والتسليم يوم الاثنين المقبل لتمت العملية. ولكن هناك من لفت النظر الى استحالتها قبل ان يتسلم المجلس الجديد مهامه فلا يرتكب المجلس الدستوري اولى الأخطاء الدستورية والنظامية”.
على هذه الخلفيات، تحدثت مصادر قانونية ودستورية فقالت إن “القرار السياسي كان واضحا ان بإمكان الانتهاء من تركيبة المجلس الدستوري السابق في اسرع وقت ممكن في ظل الاستحقاقات التي سيواجهها المجلس الجديد على اكثر من مستوى”. وتوقفت المراجع امام استحقاقين اولهما سياسي والثاني دستوري.
فقد كان واضحا انه آن الأوان لإمرار الاستحقاق الدستوري الأول على وقع الاهتمام بالتصنيف الدولي الائتماني للوضع الاقتصادي في لبنان، وهو ما انجز في ساعات الليل التي شهدها بيت الوسط ليل الأربعاء – الخميس الذي جمع رئيس الحكومة سعد الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل لتوجيه ضربة مزدوجة وقاسية الى حزب القوات اللبنانية اظهرت الى العلن حجم الاحتقان الذي يسود اوساط قيادتي المستقبل والتيار الوطني الحر.
على مستوى التيار الأزرق جاءت هذه العلمية لتشكل التوقيت الدقيق لمحاسبة القوات اللبنانية على ما “جنته” على نفسها من خطوتين: الأولى تتعلق بالتصويت السلبي على موازنة العام 2019 والاصرار على تنفيذ القرار الخاص بتنظيم العمالة الفلسطينية في لبنان على خلفية تنظيم العمالة الأجنبية في لبنان.
وعلى مستوى التيار البرتقالي فقد حان الوقت بالنسبة الى رئيسه ليثبت قدرته على تحقيق ما قد صمم على تنفيذه. فهو اكد انه لن يبقى مكتوف اليدين في المواجهة المفتوحة مع القوات اللبنانية في اعقاب تبادل المواقف التصعيدية التي عبر عنها الطرفان في الفترة الأخيرة كما بالنسبة الى وضع اليد على مفاصل المؤسسات الإدارية والدستورية وضمان عدم حصول اي خرق محتمل من اي جهة يمكن أن يأتي.
اما بالنسبة الى الإستحقاق الدستوري فقد حان الوقت بالنسبة الى التيارين نفسهما لتسديد الحسابات المفتوحة مع رئيس وأعضاء المجلس الدستوري السابق. فالتيار الأزرق لم ينس بعد ان المجلس الدستوري رد عددا من القوانين المهمة التي راهنت الحكومة على قوتها ومتانتها الدستورية كما الطعن بنيابة النائب جمالي رغم ان الظروف جاءت لتعيد إثبات دور وحجم التيار الأزرق في عاصمة الشمال من دون ان ننسى الطعن الذي اصاب قانون الضرائب.
وكذلك لم ينس التيار البرتقالي مصير الطعن بالإضافة الى قانون الضرائب وكذلك قانون الكهرباء ولو جاء جزءيا فقد اضطرت وزارة الطاقة الى العودة الى القنوات الإدارية الضابطة لكل تفلت. ولذلك فإن استدراك الأمر بالنسبة الى الطعنين المقدمين من قبل القضاة والعسكريين امر مهم وبات واجب الوجوب.
وبناء على ما تقدم، يمكن فهم اللجوء الى اقصر الطرق ليباشر المجلس الدستوري الجديد بتركيبته التي تم التوصل اليها بالسرعة القصوى فكان اصرار احد اعضائه على تمديد الدوام في المجلس الدستوري من اجل انتخاب رئيسه الجمعة بعد ساعة ونصف الساعة على قسم اليمين الدستورية امام رئيس الجمهورية إثر اصدار ملحق بالجريدة الرسمية لنشر مرسوم تشكيله تنفيذا لنصيحة من احد اعضائه الذي لفت الى استحالة اجراء حفل قسم اليمين قبل صدور المرسوم بعدما وجهت اليهم الدعوة الى بيت الدين فتأجل احتفال القسم لئلا يسبق نشر المرسوم.
والغريب في كل ما جرى ان كل الترتيبات التي اتخذت جرت دون اعطاء العلم لرئيس المجلس السابق الدكتور عصام سليمان الذي كان يمضي عطلة نهاية اسبوع مبكرة في بلدته جاج. فاستعيض عنه بالتواصل مع الجهاز الإداري في المجلس لإبلاغهم اولا بضرورة تمديد الدوام ليوم الجمعة من اجل اجراء انتخابات الرئيس ونائبه قبل الغائها، ولإبلاغ من يجب ابلاغه ان عملية التسليم والتسلم تقررت يوم الاثنين المقبل.
أخبار متعلقة :