ملايين الدولارات هي الخسائر السنوية لمرفأ بيروت بسبب فساد ادارته الجمركية، التي تعمد وبطريقة كيدية الى تحويل الحاويات للمسار الاحمر (اي الكشف الالزامي)، على مختلف البضائع التي تدخل البلاد، بدلاً من الكشف العشوائي المعتمد في أوروبا والبلدان المتطوّرة، على الرغم من ان التهريب توقف في المرفأ مع تغيير جهاز المخابرات منذ ما يعادل ٤ سنوات، حيث كانت الحاويات تخرج بنسبة ٩٥% لتسلك المسار الاخضر (اي بدون تفتيش)، علماً أنّ "الخط الأخضر" هو نظام عالمي يمنح بعض التسهيلات الى التجّار، ويُقلل الأكلاف عنهم، وبالتالي عن المستهلك اللبناني.
خطوة ادارة الجمارك ادت الى وضع موظفي دوائر المعاينة في الجمارك على احتكاك مباشر مع التجّار ومستخدمي الجمارك، ما أعاد لبنان الى القرون الوسطى وعطّل عمل الأنظمة المعلوماتية التي تعمل وفق إدارة المخاطر والتي بلغت كلفة تركيبها وتطويرها ملايين الدولارات. وما تقوم به ادارة الجمارك يتسبب بنتائج سلبية على الاقتصاد اللبناني هذا عدا عن تأخير اخراج البضاعة وتراجع الدورة الاقتصادية والضرر بإيرادات الدولة... اكثر من 430 مليون دولار هو الثمن الذي تستحصل عليه الادارة سنويا مقابل فتح المعابر الغير شرعية، في حين الخسائر التي سُجلت في المرفأ فادحة وتقدر بـ300 مليون دولار سنوياً، ما يعني حرمان خزينة الدولة أموالاً هي في الأساس أموال الشعب، في وقتٍ زاد ربح بعض النافذين الذين وسّعوا مشاريعهم وسيَّروا خطوط نقلِ بضائع خارج الدولة وسلطتها.
مرفأ بيروت وهو احد المراكز الأساسية التي يعتمد عليها الاقتصاد اللبناني والخزينة العامة لتحصيل الاموال في خطر، ولكي تصل ادارة الجمارك الى هدفها في ضرب المرفأ قامت بتعيين موظفين في مراكز حساسة والايعاز لهم بعرقلة اجراءات المعاملات واخراج البضائع وزيادة الرسوم على البضائع، والكارثة الكبرى ان شبكات التهريب استفادت من زيادة الرسوم وقامت باستحداث معابر غير شرعية للتهريب تربط الأراضي السورية بالأراضي اللبنانية، حيث أنّ عمليات التهريب "الدسمة" تتمّ عبر مرفأ طرطوس في الساحل السوري إلى داخل المناطق اللبنانية. فكميات كبيرة من البضائع التي تدفع رسوم مرتفعة اصبحت تسلك طريقها الى لبنان من مرفأ اللاذقية وطرطوس في سوريا، وهي بغالبيتها قادمة من تركيا والصين وباقي دول العالم، وفي طريقها من سوريا الى لبنان، تسلك هذه الحاويات معابرًا غير شرعية، حيث يتم تفريغها في شاحنات صغيرة وكبيرة، ومن ثم تسلك الطرقات الرئيسية في وضح النهار وتحت أعين المسؤولين والجهات الأمنية المختصة.بعدها تصل البضائع وبكميات خيالية الى مستودعات التجار في بيروت وباقي المناطق اللبنانية، منها ما قد يحتوي على المخدرات والتبغ والتنباك والادوية الفاسدة، كل ذلك يتم بلا حسيب او رقيب !
اجراءات ادارة الجمارك مخطّط لها، لضرب مرفأ بيروت، وتعويم مرفأ اللاذقيّة، حيث نشَطت الحركة هناك، بعدما لجأ عدد كبير من التجّار الى إفراغ بضاعتهم فيه، مع العلم ان التجار يدفعون الثمن الاكبر من فساد ادارة الجمارك، فاضافة الى تاخير اخراج بضائعهم تُفرض رسوم خيالية على البضائع تتعدى قيمتها الحقيقة بأضعاف. وما يحصل مؤشر خطير على ان هدف هذه الادارة الفاسدة خصخصة مرفأ بيروت لصالح شركات تملكها بعض التيارات والأحزاب السياسية، وما عرقلة اخراج البضائع من المعابر الشرعية وتسهيل تهريبها من المعابر غير الشرعية عبر ازلام هؤلاء في الادارات الرسمية الا للوصول الى هذه الغاية.