نبض لبنان

العقوبات المالية الخيار الأول لواشنطن في مواجهة حزب الله

واشنطن – قال المبعوث الخاص للولايات المتحدة حول إيران برايان هوك إن حزب الله بات يواجه أزمة مالية بسبب العقوبات على إيران. وأضاف الدبلوماسي الأميركي أن الولايات المتحدة تريد لبنان بلدا مستقلا فيما تريده إيران تحت سيطرتها.

ويعكس كلام هوك على الوضع اللبناني رؤية أميركية جديدة تضع لبنان وحزب الله داخل دائرة الأهداف الأميركية في المنطقة في معرض التصعيد ضد إيران، خاصة وأنه جاء بعد ساعات على تأكيد وزارة الخارجية الأميركية أن العقوبات الاقتصادية ضد إيران بدأت تؤتي أوكلها.

ورصد مراقبون تركيز هوك الحديث على الجهد الأميركي في فرض العقوبات الاقتصادية وكأنه لا يزال الخيار الاستراتيجي الأول للإدارة الأميركية للضغط على إيران وأذرعها في المنطقة على الرغم من الحشد العسكري الذي دفعت به واشنطن إلى المنطقة منذ أسابيع.

وترصد الولايات المتحدة بشكل دقيق تراجع الوضع المالي لحزب الله بسبب العقوبات التي فرضتها إدارة الرئيس دونالد ترامب على إيران، وبسبب العقوبات المباشرة التي فرضتها واشنطن على حزب الله وشبكاته المالية المحلية والدولية منذ عهد إدارة الرئيس السابق باراك أوباما.

وتنقل المعلومات في لبنان أن الحزب ينتهج سياسة مالية متقشفة باتت واضحة للعيان.

وطالت الأزمة المالية التي يعاني منها الحزب قطاعات مدنية وعسكرية على السواء، وأن مؤسسات كثيرة تابعة للحزب قد عمدت إلى وقف برامجها وتقليص أنشطتها وخدماتها وتسريح المتعاقدين معها. فيما طالت إجراءات التقشف رواتب المتفرغين داخل صفوف الحزب لاسيما جانب من كوادره وأفراده العسكريين.

وكان ملفتا للمراقبين صمت حزب الله حيال التطور اللافت الذي طرأ على ملف النزاع الحدودي بين لبنان وإسرائيل. وقال هؤلاء إن “الأفكار” التي قدمها رئيس الجمهورية ميشال عون للسفيرة الأميركية في بيروت إليزابيت ريتشارد، والتي أدت إلى عودة مساعد نائب وزير الخارجية الأميركية ديفيد ساترفيلد للعب دور الوساطة بين البلدين، تُعد تحولا في موقف بيروت وحزب الله على السواء.

وترى أوساط سياسية لبنانية أن حزب الله بات مدركا بأن أزمته لم تعد عرضية وأن طورا جديدا طرأ على المزاج الدولي سيفرض على إيران وأذرعها تموضعا جديدا.

وأضافت أن حزب الله قد بدأ فعلا بإعادة مقاتليه من سوريا، ليس فقط بسبب الشحّ المالي، بل بسبب فقدان السقف العسكري الذي كانت تؤمنه روسيا في بعض المناطق، بما أوحى بأن موسكو تشارك الولايات المتحدة وإسرائيل التدابير المتخذة لتقليص تواجد حزب الله في سوريا وليس فقط على حدودها الجنوبية مع إسرائيل.

ولم يعد باستطاعة إيران تأمين التمويل السابق للحزب والذي يقدر بحوالي 700 مليون دولار. ويأتي هذا التمويل من عائدات النفط التي تعرضت للانهيار بسبب سياسة تصفير بيع النفط الإيراني التي تفرضها واشنطن على طهران وزبائنها.

 

الأزمات تلاحق الحزب الموالي لإيران
ويأتي إعلان المسؤول الأميركي ليؤكد تقارير صحافية أميركية، لاسيما في صحيفة الواشنطن بوست والتي نشرت أن حزب الله اتخذ سلسلة إجراءات تقشف، بما فيها سحب جزء ملموس من مقاتليه من سوريا.

وتتحدث معلومات من داخل البيئة الشعبية التقليدية للحزب أن الأزمة المالية للحزب باتت تمس شرائح اجتماعية وعائلات اعتادت العيش مستندة على ميزانيات الحزب والرواتب التي يؤمنها.

وعلى الرغم من أن الحزب يجاهر بقدراته العسكرية ويستمر بتهديد إسرائيل بصواريخه، إلا أن بعض التقارير تحدثت عن أن حالات التسريح طالت الجسم العسكري بما يطرح أسئلة حول مستقبل الوظيفة العسكرية للحزب في لبنان والمنطقة.

وفيما تؤكد معلومات أخرى أن الإجراءات التقشفية لم تطل الجسم المركزي العسكري الذي حافظ أفراده على رواتبهم كاملة، أكدت المعلومات أن الإجراءات طالت الامتيازات والتعويضات الملحقة.

ونقل عن مصادر إعلامية أن الشبكات الإعلامية التابعة لحزب الله وفي مقدمتها قناة المنار الفضائية تعيش أزمة تمويل كما تلك التي أصابت كافة المنابر الإعلامية التابعة لإيران في المنطقة.

وتتحدث أوساط الحزب عن الأزمة المالية بصفتها ضغوطا تمارس من ضمن سياق الحرب الاقتصادية التي تخاض ضد إيران. وتعوّل هذه الأوساط ضمنا على نهاية هذه الأزمة وفق سيناريو الاتفاق دون أن تستبعد حصول صدام عسكري ما.

وتقول مصادر دبلوماسية في بيروت إن حزب الله بات يعوّل على وجوده السياسي داخل الحكومة اللبنانية مقابل عجزه عن تمويل الخدمات الاجتماعية التي كان يوفرها داخل بيئته الحاضنة لدى الطائفة الشيعية، لاسيما في الجنوب والبقاع الشمالي.

ويضيف هؤلاء أن الحزب بات حريصا على دفع الدولة اللبنانية للقيام بجهود إنمائية بعد أن كان يتصرف بارتياب إزاء تدخل الدولة، وأن هذا التحول هدفه تخفيف تلك الأعباء المالية عن الحزب.

وتقول مصادر داخل الطائفة الشيعية إن تمويلات الحزب كان هدفها أن تقدم الطائفة أبناءها لخوض معاركه في لبنان والخارج، وأن توقف الحزب عن توفير العامل المالي وإيكاله إلى الدولة سيهز الأركان الأساسية لعلاقة الشيعة بالحزب.