نبض لبنان

الراعي: لبنان لا يقوم على الثنائيات والأحاديات

أقامت لجنة التحريج في “هيئة الحفاظ على البيئية – بشري”، إطلاق مشروع تشجير الارز اللبناني “Cedrus Lebani” برعاية البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وحضوره.

ويساهم في المشروع المغترب اللبناني الاصل الفريدو حرب حلو، في جرد الديمان، بالقرب من البحيرة الزراعية، حيث زرعت اربعمئة غرسة من اشجار الارز.

وقال النائب جوزيف اسحق، الذي مثّل رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، في كلمة: “أهلا بكم، يا من أعطيتم مجد لبنان، ولبنان مجده أرزه رمزه للخلود، كما يقول النشيد الوطني، وليس أي ارز: إنه ارز الرب، انتم العامل الاول في حقل الرب، ليبقى لبنان أخضر شامخا. ولا بد لنا الا من ان نرحب بالسيد الفرد حرب حلو وعقيلته الدكتورة ماريا ايزابيل في ربوع قضاء بشري، في هذه الارض التي انتم منها والتي عرفتكم منذ الـ 2006، وعرفت مبادراتكم في دعم مشروع تشجير أرز لبنان في شتى المجالات، فاضحى اسمكم مثالا حيا يحتذى به لاعادة الاخضرار الى سفوحنا الجرداء”.

وأضاف: “لقد لمع اسمكم في عالم المال والاعمال في المكسيك، لكن ذلك لم يغركم، لانكم آمنتم بان الانسان يزول لكن اعماله تبقى على الدوام، فقمتم منذ العام 2000 برفقة زوجتكم بجمع مشاريعكم الخيرية في اطار المؤسسة التي تحمل اسمكم، ودأبتم على مدى العقدين الاخيرين على اطلاق مبادارات لا تهدأ في مجالات التربية والتعليم والعمل الاجتماعي والبيئي وترميم الابنية التراثية واعادة بناء ما هدمته الكوارث الطبيعية في المكسيك، وبخاصة مبادراتكم الواسعة في مجال الرياضة والمثابرة على عطاءات لا تحصى تترجم يوميا في مئات مشاريع الخير، ليس آخرها عشرات آلاف المنح الدراسية، بناء المدارس والجامعات والمعاهد المتخصصة والمدن الرياضية واقامة مشاتل اكثر من ثلاثين ميلون غرسة سنويا، حتى غدت مؤسساتكم واحدة من ابرز مؤسسات المجتمع الاهلي”.

وتابع: “ان تعلقكم بجذوركم، كما وتعلقكم بقيم الحياة التي تؤمنون بها، وعملكم الهادف إلى خير الانسان بايمان وصمت، دفعكم في خضم حرب تموز، ومن بين اشجار الغابة الدهرية الحزينة المنسية يومها، الى اطلاق مبادرتكم الاهم خارج حدود المكسيك، وهي الاغلى على قلبكم بالتاكيد. قلتم يومها في ذاتكم والى من حولكم (إن افضل هدية يمكن لكم ان تقدموها الى لبنان والى الاجيال المقبلة، في تلك الايام العصيبة، هو المساهمة الفعالة في اعادة اخضرار الارز الى هذه السفوح الجرداء”.

وقال: “لقد خصصتم مشروع تشجير الارز في وطنكم الام، بعاطفة مميزة على ما عداه من ميئات مشاريعكم في المكسيك، فكنتم على الدوام المبادر اليه، وكنتم وستبقون الداعم الاول له، واليوم تأتون الينا قيما على استمرايته واستدامته، ليكون خير ارث للاجيال المقبلة، وايمانا راسخا بقدسية هذه الارض التي خصنا الله بها. اننا نثمن الثقة الغالية التي وضعتموها في شخص الدكتور يوسف طوق والمختار فيروز جعجع، من خلال التوقيع واياهما على مبدأ التعاون الفعال لاعادة اخضرار الارز الى سفوح قضاء بشري الجرداء، الممتدة من الغابة الدهرية وصولا الى غابة حدث الجبة تنورين، مع تشديدكم على اعطاء دور اكبر للاجيال الناشئة، انسجاما مع روحية مبادرتكم بدعم كل من يثابر بجد على تشجير ارز لبنان وصيانته والمحافظة عليه”.

وتابع: “في المناسبة، لا يسعنا الا ان نعبر امامكم وامام المشاركين في هذا الحفل الكريم، عن ثقتنا بجدية العمل الذي بدأت به (لجنة التحريج في هيئة الحفاظ على البيئة بشري) ومستقبله، مع تنويهنا بمبادرتها بتنظيم هذه الانطلاقة المباركة بامكانات ذاتية، تحت عباءة غبطة ابينا البطريرك ما بشارة بطرس الراعي، واننا اذ نعي من موقعنا المسؤول كنواب في قضاء بشري بان عناصر نجاح مشروع انمائي طموح كهذا متوافرة في مجتمعنا”.

وختم: “لا بد لنا في هذه المناسبة من تأكيد التزامنا دعم جميع اصحاب النيات الحسنة والارادات الخيرة وتحفيزهم، بهدف تضافر الجهود المتجردة وتكاملها، لانجاح هذا المشروع الرمز الذي يتخطى كونه مشروعا انمائيا وبيئيا فحسب، بل ويسمو بنظرنا فوق اي اعتبار او مصلحة آنية”.

من جهته، أعرب البطريرك بدوره عن سروره برعاية الحدث، واكمال مشروع زرع الارز على هذه الجبال، “من الارز وصولا الى الحدد وتنورين”.

وأضاف: “أريد أن أحيي السيد حلو وزوجته وابنته، والنائب جوزيف اسحق ومن خلاله الى النائب ستريدا جعجع والدكتور سمير جعجع”.

كما حيا “كل المشاركين ولجنة المحافظة على البيئة ولجنة التحريج والقوى الامنية والصليب الاحمر والدفاع المدني وشباب الاغتراب”.

وأضاف: “ان الكرسي البطريركي في الديمان سعيد جدا بان يقدم كما كل البلديات الاراضي اللازمة لتشجير الارز بكل فخر واعتزاز، لاننا بذلك نكمل تاريخنا المجيد، تاريخ يعود بنا الى الوادي المقدس، ويعلمنا ان شعبنا في لبنان قام على الايمان والتواضع والتجذر في الارض، فشعبنا يعيش الشموخ في التطلع في الاخلاق والقيم، هذه رسالتنا التواضع والشموخ والتواضع هو الاساس عبر التاصل بالارض اللبنانية ونشر الثقافة. فالارز يعيش بين العواصف وتغطيه الثلوج، تضربه الرياح والاعاصير افقيا واللبنانيون مدعوون ان يتأصلوا في تاريخهم وثقافتهم وحضارتهم وينشروها. هذا هو معنى الانتشار اللبناني، ومن هنا نحيي الاستاذ الفريدو وعقيلته وابنته، وكل المنتشرين والشبيبة التي هي معنا اليوم… ننطلق في العالم حاملين في القلب والفكر ما تعلمناه من ثقافتنا اللبنانية، فالكثيرون لم يعرفوا لبنان وهم في الخارج، ولكن يحملونه في روحهم ودمهم. وكل بلد زرناه من بلاد العالم لم نسمع الا المديح باللبنانيين، فهم المساهمون الاوائل في نهضة هذه البلدان، وهم محترمون، ومن خلال اعمالهم يكرموننا جميعا ويقدروننا. فقصة اللبناني انه صعد من وادي قنوبين وارتفع بطموحه إلى أعلى الجبال لانه لا يقبل ان يبقى في مكانه فهو طموح ومغامر”.

وروى البطريرك الراعي أنه “عندما كان في زيارة للبرازيل، طرح سؤالا (لماذا تحبون اللبناني؟)، فكان الجواب “أنه ابن بيئته، ينظر فيرى البحر أمامه فيرغب في رؤية ما وراءه، ويسافر ويحلم بالعلاقات مع الناس، ويسير في المجهول وحقيبته على ظهره، ويتعرف ويحقق هدفه وعندما ينظر الى ورائه، يرى الجبال فيصعد الى اعلى قممه، هذا هو سر اللبناني قصة الارز ووادي قنوبين وعلينا ان نحافظ عليها. ونحن نقوم بجهد كبير بعمل للتاريخ، ولالاف السنوات نزرع الى الابد فلبنان امانة في اعناقنا، وعلينا ان نحافظ على ثقافته وحضارته وارضه وحدوده، ولا يمكن ان نفصله عن الله عن كتابه المقدس. ثمة صعوبات ومشاكل كثيرة علينا ان نواجهها كما الارز في مواجهة العواصف. فأباؤنا واجدادنا وشهداؤنا واجهوا الصعوبات وحافظوا على لبنان”.

وختم: “برؤية النبي حزقيال عندما راى نسرا كبيرا يحمل الوانا متعددة استقر على قمة الارز فكانت علامة ان هذا الوطن هو بلد التنوع والتعددية، وعلينا ان نحافظ عليه. وفي النظام السياسي لا يقوم لبنان على الثنائيات والاحاديات والاقصاء فقيمة لبنان بالوانه المتعددة الدينية والثقافية والحزبية والسياسية وهي الاساس لترسيخ وحدتنا اللبنانية”.

لوحة تذكارية
بعدها ازيحت الستارة عن اللوحة التذكارية وقام البطريرك واسحق وحلو وافراد عائلته بزرع غرسات ارز مطلقين مشروع التشجير. وفي المناسة كان محطة فنية موسيقة راقصة باشراف الاب خليل رحمة.