أظهرت دراسة علمية أن السكن في المناطق الجبلية يمكن أن يؤثر بشكل واضح على طبيعة السمات الشخصية بالمقارنة من سكان المناطق الأقل ارتفاعًا، وفقًا لما نشرته "نيوزويك" الأميركية.
وقام فريق من الباحثين بإجراء استطلاع عبر الإنترنت حول درجات التمتع بالسمات "الخمس الرئيسية"، والتي تشكل عناصر قياس النموذج الأكثر قبولًا للشخصية في علم النفس الأكاديمي وهي الانبساط والقبول والانفتاح والضمير.
مزيج خاص
اكتشف فريق الباحثين أن الأشخاص الذين يعيشون في مناطق أكثر ارتفاعا من المناطق المحيطة، يتمتعون بمزيج خاص من السمات الشخصية. وأوضح العلماء أنهم أرادوا رصد الصلة التي تربط بين السمات الشخصية والنفسية للأميركيين ومناطق إقامتهم.
"الاستيطان الحدودي"
واقترح الباحثون فكرة تُعرف باسم "نظرية الاستيطان الحدودي"، والتي تشير إلى أن التضاريس والمناظر الطبيعية تمثل ركنًا مهمًا في تكوين شخصيات السكان عبر منطقة معينة.
ولمزيد من الفهم، قام الباحثون بفحص نتائج اختبار الشخصية عبر الإنترنت الذي أجراه أكثر من 3.3 مليون أميركي وقارنوها بتضاريس المناطق التي يغطيها 37000 رمز بريدي في جميع أنحاء الولايات المتحدة.
أقل تسامحًا وثقة في الآخرين
وكشف تحليل الباحثين أن الأشخاص الذين يعيشون في المناطق الجبلية الأميركية يميلون إلى أن يكونوا أقل توافقًا، ولكنهم في المقابل أكثر إقبالًا على القيام بالتجارب والمغامرات.
ويقول الباحثون إن التوافق المنخفض يشير إلى أن سكان الجبال أقل ثقة وتسامحًا، وهي سمات يمكن أن تكون مفيدة "لاستراتيجيات البقاء الإقليمية التي تركز على الذات".
الانبساط والضمير والعصابية
ويقول العلماء إن حصول المناطق المرتفعة على درجات منخفضة عندما يتعلق الأمر بالانبساط يشير إلى حقيقة أن هؤلاء الأشخاص الذين يعيشون في مناطق منعزلة يحتاجون إلى أن يكونوا قادرين على الازدهار في أماكن معزولة. ومن ناحية أخرى، ربما يمثل الضمير المنخفض روحًا من التمرد واللامبالاة بالقواعد.
وتشير الدرجات المنخفضة للعصبية إلى أن الأشخاص الذين يعيشون في المناطق الجبلية يتمتعون بالاستقرار العاطفي والحزم، مما يكون مفيدًا أيضًا لأنماط حياتهم المنعزلة، خاصة أن سكان الجبال تقل لديهم حالات الشعور بالقلق والهم والخوف والغضب والإحباط ولا يعانون من ضغوطات أو شعور بالتهديد.
البيئة القاسية والحرية
أخيرًا، وجد الفريق أن سكان الجبال يميلون إلى أن يكونوا على درجة عالية من الانفتاح على التجربة. ووفقًا للباحثين، يمكن ربط هذه المجموعة الخاصة من سمات الشخصية بتاريخ الهجرة البشرية إلى أميركا.
ويقول البروفيسور فريدريك غوتز من جامعة كمبريدج البريطانية، إن "البيئة القاسية والنائية للمناطق الحدودية الجبلية جذبت تاريخيًا المستوطنين غير الممتثلين بدافع قوي من الشعور بالحرية".
التضاريس الوعرة
ويضيف البروفيسور غوتز: "من المحتمل أن تكون هذه التضاريس الوعرة في صالح أولئك الذين يحرسون مواردهم عن كثب ولا يثقون في الغرباء، وكذلك أولئك الذين شاركوا في عمليات استكشاف محفوفة بالمخاطر لتأمين الغذاء والأراضي. وربما تكون هذه السمات قد تم تقطيرها بمرور الوقت في الفردانية التي تتميز بالصلابة والاعتماد على الذات والتي تكمن في قلب روح التخوم الأميركية".
خوض التجارب والمغامرات
سلط الباحثون الضوء على حقيقة أن سكان الجبال كانوا على درجة عالية من الانفتاح على خوض التجربة وربما المغامرة، وهو ما يرى البروفيسور غوتز أنه ظهر كمؤشر قوي من خلال قدرة الأشخاص على الترحال بعيدًا عن منازلهم.
ويشرح البروفيسور غوتز: أن "الرغبة في تحريك الحياة سعيا وراء أهداف مثل الثراء الاقتصادي والحرية الشخصية دفعت العديد من المستوطنين الأصليين في أميركا الشمالية إلى العيش عبر الحدود. وربما تكون كل هذه المعطيات مجتمعة هي التي أدت إلى وضع هذه البصمة النفسية للمناطق الجبلية على أنماط الشخصية التي سعت إلى حياة جديدة في مناطق مجهولة".
"الغرب المتوحش"
وجد الباحثون أيضًا اختلافات كبيرة بين سكان الجبال في "الغرب المتوحش" سابقًا، في جبال روكي على سبيل المثال، وتلك الموجودة في السلاسل الشرقية مثل جبال الأبلاش. لاحظ الفريق البحثي أن أولئك الموجودين في الشرق يميلون إلى أن يكونوا أكثر قبولًا وانفتاحًا من الأشخاص الذين يعيشون في سلاسل الجبال الغربية.
القيم الحدودية
وفقًا للدراسة، تشير هذه المعطيات إلى أنه في حين أن التأثيرات المباشرة للبيئة المادية تكون مهمة في تشكيل سمات الشخصية، فإن التأثير الاجتماعي والثقافي للنمو حيث تنتشر القيم الحدودية ربما يكون له تأثير أكبر على السمات النفسية للسكان في غرب الولايات المتحدة.
أخبار متعلقة :