كتبت "الأخبار": نهاية العدوى ليست نهاية كوفيد 19 بالنسبة إلى بعض الذين أصيبوا به، فـ«ـمتلازمة ما بعد كوفيد»، أو «كوفيد طويل الأمد» تتمثل في قائمة طويلة من العوارض، قد تمتدّ الإصابة بها إلى شهور بعد التعافي من الفيروس، ولا تترك تقريباً أيّ عضو في الجسم إلّا وتمرّ عليه.
Advertisement
تؤكّد الأرقام الحالات السابقة، فبحسب دراسة منشورة في المجلة الوطنية للطب «يعاني 40% من المصابين بكوفيد 19 من عوارض ما بعد التعافي»، وتشمل أكثر من 20 عارضاً، منها ما هو خطير ويستلزم المتابعة كالتشوّش الذهني، ومنها العابر العادي كفقدان حاستَي الذوق والشمّ، «أمّا أكثرها شيوعاً فهو التعب، بنسبة تصل إلى 72% من المتعافين»، وفق الدراسة ذاتها، «يليه عارض ضيق التنفس بنسبة 40%، وتحوز المشاكل المرتبطة بالعقل نسبة 26%، وآلام الصّدر 22%، وفقدان حاستَي الشمّ والذوق 11%». وتشير الدراسة أيضاً إلى أنّ «أكثر من ثلث المرضى الذين يعانون من آثار كوفيد المزمنة لديهم مشاكل صحيّة سابقة، وأمراض مستعصية مصاحبة للإصابة بالفيروس مثل الضغط والسّكري»، بالإضافة إلى أنّ «نسبة الذكور المصابين بكوفيد طويل الأمد أعلى من نسبة الإناث، إذ تبلغ الأولى 52.3%، والثانية 47.7%» بحسب الدراسة ذاتها.
ولكن كوفيد لا يمثل استثناءً، إذ نعرف عدداً من الفيروسات التي تتسبّب بأعراض طويلة الأمد، مثل الانفلوانزا، وفيروس شلل الأطفال الذي تعود عوارضه للظهور لدى 80% من المتعافين منه، وبعد مرور سنوات من الإصابة. وتخلص دراسة منشورة في مجلة الجمعية الطبية الأميركية إلى «استمرار الأمراض العقلية والتعب لدى 40% من المتعافين من السّارس لمدة تقارب الأربع سنوات»، وتضيف الدراسة إنّ «بعضهم لم يعد إلى صحته بشكل كامل»، ويعدّ الفيروس المتسبّب بـ«السّارس» السّلف الأول لكوفيد، إذ ظهر في عام 2003 واختفى خلال سنة واحدة بعد إصابة الآلاف.
وبحسب اختصاصي الأمراض الجرثومية الدكتور عبد الرحمن البزري «لا مؤشرات تساعد على معرفة من سيصاب بهذه العوارض الممتدة». وفيما يشير إلى أنّ «مدّتها تتراوح من أيام إلى أشهر»، يوضح أن العلاج «يتنوّع بحسب كلّ عارض».
حتى اللحظة، «لا يوجد تفسيرات طبيّة قطعية تفسّر هذه العوارض الممتدة»، بحسب فريق من الباحثين العاملين عليها منذ حوالي سنة، ولكن «هناك فرضيات متنوعة، منها تجلّطات الدم التي تتكوّن وتؤذي أعضاء الجسم خلال فترة الإصابة، والتي تمّ رصدها خلال تشريح بعض جثث المتوفّين خارج لبنان»، بالإضافة إلى «الانفعال الزائد لجهاز المناعة، الذي يؤدّي إلى مضاعفات حساسية، وأمراض مناعية لاحقاً»، كما أنّ الإصابة بكوفيد تؤدّي إلى «إضرابات في النظام اللمفاوي، الذي يشكل شبكة أوعية في الجسم تقوم بمهام أساسية في الجهاز المناعي»، ويختمون بأنّ «الحلّ الأفضل لكوفيد طويل الأمد هو تجنّب الإصابة أساساً بالفيروس».