نبض لبنان

الضوء الأخضر طريقة "بسيطة وآمنة واقتصادية" لتخفيف الألم.. كيف؟

وجدت دراسة حديثة نُشرت في دورية  Science Translational Medicine أن الضوء الأخضر يمكن أن يكون طريقة "بسيطة وآمنة واقتصادية" لتخفيف الألم، واستفاض الباحثون في شرح الأسس البيولوجية لكيفية تأثيره على تخفيف الألم.

Advertisement


وبحسب تقريرٍ نشره تقرير موقع Science Alert، فقد عمل العلماء على اكتشاف تأثير الضوء الأخضر على تخفيف الألم لمدة نصف عقد على الأقل، وقد قام العديد من الباحثين بالفعل بدراسة هذا التأثير من قبل، لكن الدراسة الجديدة على القوارض، التي قادها عالم الأعصاب يو لونغ تانغ من جامعة فودان (Fudan University) في شنغهاي الصينية، كشفت عن خلايا العين ومسارات الدماغ التي تدعم تخفيف الألم الذي يشعر به الفرد أحيانا بعد التعرض لضوء أخضر منخفض الكثافة.

وفي سلسلة من التجارب، اكتشف الباحثون أن المخاريط والعصي -وهي خلايا العين التي تستشعر الضوء- ساهمت في تخفيف الآلام الناتجة عن الضوء الأخضر في الفئران السليمة والفئران المصابة بالتهاب المفاصل.

وكما يفعل العلماء في كثير من الأحيان، قام الباحثون بتعطيل خلايا معينة لمعرفة تأثير ذلك على إحساس الحيوانات بالألم. وعندما عطلت خلايا العصي في بعض الفئران، وأظهرت تلك الحيوانات ارتياحا جزئيا، بينما لم تظهر الفئران الخالية من المستقبلات الضوئية المخروطية أي علامات على تخفيف الآلام على الإطلاق عند التعرض للضوء الأخضر.

يوضح تانغ وزملاؤه في بحثهم المنشور "وجدنا أن المستقبلات الضوئية المخروطية في شبكية العين ضرورية لتسكين الضوء الأخضر، بينما تلعب خلايا العصي دورا ثانويا". ومن هنا، طاردوا المسار الذي تسلكه الإشارات الكهربائية من العين عبر الدماغ.

وبعد أن غمرها الضوء الأخضر، حفزت المستقبلات الضوئية المخروطية وخلايا القضبان مجموعة من خلايا الدماغ التي سبق أن ارتبطت بالتأثيرات المسكنة للضوء الساطع بشكل عام.


وفي هذا الجزء من الدماغ، تُظهر هذه الخلايا العصبية هرموناً يشارك في إشارات الألم، كما تقوم هذه الخلايا بعد ذلك بنقل الرسالة إلى جزء آخر من الدماغ يسمى نواة الرفاء الظهرية التي تعمل على تعديل الألم، مما يؤدي بشكل فعال إلى تقليل الضغط على الإحساس بالألم الشديد.

نجحت هذه الدراسة في تحديد دوائر الألم في دماغ الثدييات التي تستجيب للمدخلات البصرية ووسعت فهمنا لطريقة آمنة وسهلة لإخمادها.

وكتب تانغ وزملاؤه "رغم أنه من غير الواضح ما إذا كان إدراك الألوان يمكن مقارنته بين البشر والقوارض، فإن التعرض للضوء الأخضر في كل من البشر والقوارض يقلل من حساسية الألم، مما يشير إلى مشاركة الآليات المشتركة بين النوعين".

تعريض الأشخاص 8 ساعات من العلاج بالضوء يوميا، كما تم في هذه الدراسة، ليس عمليا أو ممكنا، لذا سيكون من المثير للاهتمام معرفة ما إذا كانت فترات العلاج بالضوء الأخضر الأقصر فعالة في تخفيف الألم أم لا، وإلى متى يستمر مفعولها.

وهناك بالتأكيد بعض النتائج المشجعة من دراسات أخرى، حيث أشارت دراسة أجريت على الفئران ونشرت عام 2017 إلى أن تخفيف الآلام بالضوء الأخضر قد يكون طويل الأمد، ويستمر لمدة 4 أيام بعد العلاج.

بحسب تقرير موقع "ساينس ألرت"، أفادت التجارب السريرية الحديثة أيضا بأن بضع ساعات من العلاج بالضوء الأخضر كل يوم قللت من شدة الألم لدى مجموعة صغيرة من مرضى الألم العضلي الليفي وعدد أيام الصداع عند مرضى الصداع النصفي. ويمكن أن يفيد الضوء الأخضر مرضى آلام أسفل الظهر المزمنة بعد الجراحة، مما يقلل من اعتمادهم على مسكنات الألم.

وقد حددت دراسات مختلفة على الحيوانات آليات أخرى متشابكة في التأثيرات المسكنة للضوء الأخضر، مثل مستقبلات الألم في النخاع الشوكي، وهو أمر لا يثير الدهشة بالنظر إلى مدى تعقيد تجربة الألم التي تتضمن التجربة الحسية والجسدية والنفسية للمثيرات والإشارات التي ترتد بين الدماغ والحبل الشوكي ومستقبلات الألم.

ويري الباحثون أن المواد الأفيونية تعتبر أيضا فعالة بشكل لا يصدق في تخفيف الألم، ولكنها في المقابل تسبب الإدمان بشكل كبير، ولا نعرف حتى الآن كيف يقارن تأثيرها بتأثيرات الضوء الأخضر. لكن في النهاية، يظل التحدي الدائم هو أن الألم المزمن وحش يصعب ترويضه، وليس كل الألم هو نفسه.

وبصرف النظر عن دور الضوء الأخضر في تخفيف الألم المزمن، قد تفسر النتائج البحثية الجديدة سبب كون قضاء الوقت في الطبيعة أمرا جيدا للغاية، وقضاء الوقت في المزارع والغابات وغيرها من الأماكن الطبيعية ذات اللون الأخضر الغامق قد تهدئ نظامنا العصبي بأكثر من طريقة.