الشرط الأساسي لكسب أي معركة من أي نوع كانت، هو وضع الإصبع على الجرح- وفي هذه الحالة- على الورم. فإذا سمّيته بـ"هيداك المرض"، لن يبقى متوارياً عن ناظريك ولن يختفي، بل سيكبر ويتفاقم أكثر فأكثر. إنطلاقاً من هذه المعادلة الحتمية، دعوة لكل النساء في شهر تشرين الأول- شهر التوعية على سرطان الثدي- وفي كلّ أيام السنة، لتذكّر أهمية الفحص الدوري لانقاذ أنفسهنّ.
Advertisement
هذا الأمر دعا إليه رئيس قسم أمراض الدم والسرطان في الجامعة الأميركية في بيروت والرئيس المؤسس للجمعية اللبنانية لمكافحة سرطان الثدي البروفيسور ناجي الصغير، الذي قال إنه يجب تسمية المرض بإسمه وعدم الخوف من كلمة سرطان بحد ذاتها لأنها لم تعد تعني الموت، مشدداً على أنه يتمّ تسجيل في الآونة الأخيرة أكثر من 60% من حالات الشفاء التام عند الكشف المبكر.
تسمية المرض باسمه تساهم في التغلب عليه
ولفت الصغير في حديث لـ"لبنان 24" إلى أن الخوف والخجل عاملان أساسيّان في تأخر كشف المرض لأن العقلية الثابتة منذ القدم بقول "هيداك المرض" أو عبارة "كش برا وبعيد" لا تفيد، إذ أن تسمية المرض باسمه تساهم في التغلب عليه، مؤكداً أن 50% من الحالات في لبنان هي لسيدات تحت عمر الخمسين سنة.
كما اعتبر الصغير أن هذا الأمر يعتمد على المرحلة التي يتمّ خلالها اكتشاف المرض وعلى خصائصه البيولوجية بالإضافة إلى المستوى الثقافي والفكري لدى المصاب، قائلاً: "في السنوات الغابرة، كان يتمّ اكتشاف سرطان الثدي في مرحلة متأخرة، وخاصة في لبنان، ثلثي الحالات التي كانت يتمّ اكتشافها كانت في المراحل المتقدمة موضعياً أكان الورم أو منتشراً".
وأضاف: "مع كل حملات التوعية على سرطان الثدي منذ 30 سنة التي لا يزال يقودها أطباء، إعلاميون، الجمعية اللبنانية لأطباء التورم الخبيث، الجمعية اللبنانية لمكافحة سرطان الثدي بمؤازرة وزارة الصحة، تغيّر الواقع بشكل عام. فبتنا نلاحظ المرض في مراحل مبكرة بثلثي الحالات، والدراسات التي قمنا بها في مستشفى الجامعة الأميركية تثبت أن 80% إلى 90% من الحالات شفيت بشكل تامّ".
وتابع الصغير: "فضلاً عن الشفاء التام، تمكّنا من خلال حملات التوعية التي تتزايد عاماً بعد عام، أن نجري عمليات جزئية للمريضات اللواتي اكتشفن المرض في مرحلة مبكرة، من دون اللجوء لاستئصال الثدي كاملاً ثم نتابع العلاج سواء بالأشعة، هورمونياً أو كيميائياً في حالات قليلة جداً".
وشدد على أنه "بالرغم من أن الوعي الصحي عند الأشخاص يتطوّر في كل لبنان وملاحظتنا أن النساء اللواتي تخطين سنّ الأربعين أصبحن يواظبن سنوياً على التصوير الشعاعي للثدي بعد القيام بالكشف الذاتي شهرياً، وزيارة الطبيب المختصّ سنوياً، إلا أنه في السنوات الثلاث الأخيرة شهدنا تراجعاً على هذا الصعيد".
وعزا الصغير هذا التراجع إلى عاملين أساسيين، هما جائحة كورونا والأزمة الإقتصادية التي ضربت لبنان، مؤكداً أن نساء كثيرات خففن من متابعة إجراءاتهنّ الوقائية تجاه مرض سرطان الثدي فلم يعدن مهتمّات كثيراً بإجراء الصور والفحوص اللازمة بسبب تغيّر الأولويات المالية والحياتية، وهذا عامل من شأنه أن يزيد من رؤيتنا الأمراض في مراحلها المتقدمة وهذا الأمر يشكّل عائقاً أمام الشفاء السليم".
الوقاية من سرطان الثدي.. وما هي أعراضه؟
وفي حين أنه يمكن لأعراض سرطان الثدي أن تختلف بين امرأة وأخرى، إلا أن المؤشرات التي لا يجب إهمالها أبداً تتعلق بتغيّر حجم الثدي أو شكله أو محيطه أي تحت الإبط، فضلاً عن ظهور كتلة فيه حتى ولو كانت صغيرة، ملاحظة احمرار الجلد على الثدي أو ظهور إفرازات سائلة ملطخة بالدم أو صافية.
وفي هذا الإطار، تلفت دراسة صحية لـ"مايو كلينك"، إلى أن أفضل سبل الوقاية من سرطان الثدي تتمثل بالخطوات التالية:
- التخفيف من شرب الكحول أو الامتناع عنه
- ممارسة الرياضة لمدة 30 دقيقة على الأقل معظم أيام الأسبوع
- الحد من العلاج الهرموني بعد سن انقطاع الطمث
- الحفاظ على وزن صحي عبر تقليل كمية السعرات الحرارية وزيادة التمارين الرياضية
- اتباع نظام غذائي مثل حمية البحر الأبيض المتوسط التي تحتوي على زيت الزيتون البكر والمكسرات المتنوعة، الأطعمة النباتية، والأسماك بدلاً من اللحوم الحمراء.
لا شكّ في أن سرطان الثدي تغلّب على قوة تحمّل الكثيرات، ما جعل منه مغتصباً لعيناً. إلا أن الأمل يكمن في الحالات التي تحصّنت بمناعة العلم والإيمان، فهزمته. ليبقى الخبر السار، هو أن لك كلمة في تحديد مدى سيطرته عليك إذا قررت كشفه مبكراً. لذا، في هذا الشهر الورديّ، تأكدي من أن السرطان لم يعد يعني الموت.