Advertisement
يقول الباحثون إن كبار السن الذين تلقوا لقاحات الجدري (Smallpox) ربما اكتسبوا بعض المناعة ضد جدري القرود، وعموما فإنه من غير المرجح أن يصاب الأطفال الذين يتمتعون بصحة جيدة والبالغون بحالات شديدة من هذا المرض.
وفي تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" (The New York Times) الأميركية قالت الكاتبة أبورفا ماندافيلي إنه بالنسبة لعالم سئم من مكافحة فيروس كورونا يطرح تفشي جدري القرود سؤالا رئيسيا عن الأشخاص المعرضين لخطر العدوى أكثر من غيرهم.
إيقاف التطعيم بلقاح الجدري
وفي الولايات المتحدة الأميركية تم إيقاف التطعيم بلقاح الجدري في عام 1972، وذلك لأنه قد تم القضاء عليه نهائيا في الولايات المتحدة، وكانت آخر حالة ظهرت في العالم في العام 1977، وقد تم إيقاف التطعيم الروتيني في جميع أنحاء العالم في العام 1980، ونظرا لأن التأثيرات الواقية للقاح تزول بعد 10 أعوام فإن معظم الناس الآن عرضة للإصابة بالجدري، وذلك وفقا لموقع أدلة "إم إس دي" (MSD) الإرشادية.
من جهتها، نبهت الكاتبة إلى أن الرضع الذين تقل أعمارهم عن 6 أشهر قد يكونون معرضين للخطر جراء هذا المرض، وتشير الدراسات إلى أن العديد من كبار السن من المجموعة الأكثر عرضة للإصابة بفيروس جدري القرود محميون إلى حد ما بفضل اللقاحات المضادة للجدري التي تلقوها منذ عقود، وهذا يعني أنهم يمكن أن يصابوا بالعدوى ولكن من المحتمل أن تكون لديهم أعراض خفيفة فقط.
وحسب الدكتور لويجي فيروتشي المدير العلمي للمعهد الوطني للشيخوخة في الولايات المتحدة، فإنه "حتى أولئك الذين تم تطعيمهم قبل عقود لا يزالون يحافظون على مستوى عال جدا من الأجسام المضادة والقدرة على تحييد هذا الفيروس، وحتى لو تم تطعيمهم قبل 50 عاما ينبغي أن تظل هذه الحماية موجودة".
ديمومة لقاح الجدري
وفي الولايات المتحدة واصل الجيش برنامج التطعيم ضد الجدري حتى عام 1991 كإجراء احترازي ضد هجوم إرهابي بيولوجي، وقد أوضح الدكتور أنتوني فوسي كبير مستشاري إدارة بايدن المعني بالأمراض المعدية أن الأسئلة حول ديمومة لقاح الجدري ارتفعت بعد هجوم الجمرة الخبيثة في عام 2001.
وقال فوسي إنه من المعقول افتراض أن معظم الأشخاص الذين تم تطعيمهم ما زالوا محميين "لكن ديمومة الحماية تختلف من شخص لآخر"، مؤكدا أنه "لا يمكننا ضمان أن الشخص الذي تم تطعيمه ضد الجدري سيظل محميا من جدري القرود".
وحسب مارك سليفكا عالم المناعة في جامعة أوريغون للصحة والعلوم، "قبل أن يطور جينر لقاح الجدري كان السبب الأول للعمى في العالم هو الجدري"، مضيفا أن "الأشخاص المصابين بهذا الفيروس يظلون قادرين على نشر العدوى إلى أن تتقشر البثور وتتلاشى".
وأكد الدكتور سليفكا وخبراء آخرون أن جدري القرود يمكن أن يكون شديدا وحتى مميتا، ولكن من غير المرجح أن يتحول هذا التفشي إلى وباء.
وفي هذا السياق، قالت آن ريموين عالمة الأوبئة بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس التي درست جدري القرود في أفريقيا "نحن محظوظون لأن لدينا لقاحات وعلاجات يمكن أن تخفف أعراض هذا الفيروس، ونتيجة لذلك لدينا القدرة على إيقاف تفشيه".
هل تطعيم جدري الماء "الحماق" فعال في الوقاية من جدري القرود؟
لا، فيروس جدري الماء (chickenpox) ليس له علاقة بفيروس الجدري، وهما مختلفان، فلقاح جدري الماء لا يوفر أي حماية من الجدري أو جدري القرود.
هل تتوفر لقاحات ضد جدري القرود؟
في مقالها الذي نشرته صحيفة "لوبوان" (le point) الفرنسية، قالت الكاتبة هيلواز رامبرت إنه لا يوجد لقاح محدد ضد جدري القرود، ولكن هناك لقاح ضد فيروس الجدري، ويوفر هذا اللقاح حماية ضد فيروس جدري القرود الذي يعد من سلالات الجدري.
وقد أظهرت العديد من الدراسات القائمة على الملاحظة أن التطعيمات السابقة المضادة للجدري كانت فعالة بنسبة 85% تقريبا في الوقاية من جدري القرود وتخفيف أعراض المرض.
من الذي يجب تطعيمه ضد جدري القرود؟
توصي الهيئة العليا للصحة في فرنسا بتطعيم الأشخاص الذين خالطوا حالة مؤكدة في ما يسمى "التطعيم الحلقي".
ويوضح البروفيسور جان دانيال ليليفر عالم المناعة ورئيس الأبحاث السريرية في معهد أبحاث اللقاحات أن "المبدأ هو تطعيم الأشخاص الذين أعلنوا عن الإصابة بالمرض والمخالطين لهم، وسيسمح تطعيم الدائرتين الأولى والثانية بكسر حلقة العدوى، وطبقت هذه الإستراتيجية اللقاحية ضد كوفيد-19، ولكن في مواجهة مثل هذا الوباء ثبت أنها معقدة".
عندما يكون عدد الإصابات محدودا فإن من المحتمل أن تكون إستراتيجية التحصين الحلقي فعالة، على ألا تكون فترات حقن الجرعات متباعدة جدا.
وتوصي الهيئة بالتطعيم بعد مخالطة شخص مريض في غضون 4 أيام وبجرعتين بعد 14 يوما على الأكثر (أو 3 جرعات بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من نقص المناعة) كل 28 يوما.جدري القرود جدري القردة إنفوغراف منظمة الصحة العالمية
دعوة لعدم تكرار ما حدث من عثرات في بداية جائحة كوفيد-19 مع جدري القرود
يطالب بعض الخبراء البارزين في مجال الأمراض المعدية السلطات الصحية العالمية باتخاذ إجراءات أسرع لاحتواء التفشي المتزايد لمرض جدري القرود.
ويقول الخبراء إن على الحكومات ومنظمة الصحة العالمية عدم تكرار ما حدث من عثرات في بداية جائحة كوفيد-19، والذي أدى إلى التأخر في اكتشاف الحالات، مما ساعد على انتشار الفيروس.
وفي حين أن جدري القرود ليس قابلا للانتقال أو خطيرا بنفس درجة "كوفيد-19" يقول هؤلاء العلماء إن هناك حاجة إلى إرشادات أوضح حول كيفية عزل الشخص المصاب ونصائح أكثر وضوحا عن كيفية حماية المعرضين لخطر الإصابة وتحسين سبل الفحص وتتبع المخالطين.
إذا أصبح جدري القرود وباء
بدورها، قالت إيزابيل إيكرل الأستاذة في مركز جنيف للأمراض الفيروسية الناشئة في سويسرا "إذا أصبح هذا وباء (في المزيد من البلدان) فسنواجه مرضا سيئا آخر، وسيتعين اتخاذ الكثير من القرارات الصعبة".
وقال مسؤول لرويترز إن منظمة الصحة العالمية تدرس ما إذا كان ينبغي تقييم تفشي المرض على أنه حالة طوارئ صحية عامة محتملة تثير قلقا دوليا، ومن شأن اتخاذ منظمة الصحة العالمية قرارا باعتبار المرض حالة طوارئ صحية عالمية -كما حدث مع فيروس كورونا أو إيبولا- أن يساعد في تسريع البحث والتمويل لاحتوائه.
ومع ذلك، يقول الخبراء إن من المستبعد أن تتوصل المنظمة إلى مثل هذا القرار قريبا، لأن جدري القرود يمثل تهديدا معروفا يمتلك العالم أدوات لمكافحته.
فيروس جدري القرود قابل للاحتواء
وأكدت المنظمة يوم الجمعة الماضي أن فيروس جدري القرود قابل للاحتواء بإجراءات تشمل الاكتشاف السريع للحالات وعزلها وتعقب المخالطين.
وتشمل النصائح الموجهة للمصابين وفي بعض الحالات للمخالطين لهم العزل لمدة 21 يوما، لكن ليس من الواضح إلى أي مدى سيلتزم الناس بهذه الفترة الطويلة بعيدا عن العمل أو الالتزامات الأخرى.
ولا يعتبر التطعيم الجماعي ضروريا، لكن بعض الدول -ومنها بريطانيا وفرنسا- تقدم لقاحات للعاملين في مجال الرعاية الصحية والمخالطين المقربين."الجزيرة"